نعم اننا في زمن التجريح واللامسؤولية، في زمن رخصت فيه المشاعر وتفوّق الكلام السام المنبعث من أناس لا تعرف معنى الإنسانية، مجرّدين من المنطق ومن الكلام الحسن، زمن كثر فيه رشق الغير بالنيران، فيختبؤون خلف هواتفهم بحسابات وهمية ويكتبون بأحرف من سم للدغ الآخر، لا غريب في الأمر فالغل والحقد والكراهية ملأت أنفسهم فطفحت نواياهم الشريرة وأصبحوا بحاجة لإعادة تأهيل أو معجزة الهية تعيدهم لرشدهم.


هنا لا نتحدث عن جمهور الفنان حسام السيلاوي المُحب ولا من انتقد كليب أغنيته "قربي علي" بطريقة حضارية وراقية، بل ننتقد من رمى عقده عليه وأظهر نفسيته النتنة بالقول له: "انت كان لازم تظل تبيع فحم، الفقير الي زيك مش لازم يشبع"، ورسالة اخرى تقول: "هسا تأكدت انو امك تركتك لأنك بلا ترباي".
مع العلم ان هذا الكليب الذي حمل توقيع المخرج بيار خضرا، قدّم السيلاوي بطريقة راقية وجميلة ومختلفة عن قبل، ولا عيب بأن يطل الفنان بنمط مغاير، لكن وصل الهجوم لدرجة التجريح الشخصي، فهل من المعقول ان نعاير شخص بأنه كان فقيرا أو بقصة شخصية وعائلية لا ذنب له فيها؟ ألهذه الدرجة بلغ الإنفلات الأخلاقي ذروته؟!
الفنان الذي عايرتموه انه كان فقيرا، تعب ومشى بخطى ثابتة الى ان تغيرت حياته للأفضل وبات محبيه من كل العالم العربي، الفقر ليس عيبا، انما العيب يكمن فيكم وبكلامكم المستفز، مؤلم ما وصلنا اليه من مستوى متدني عديم الرحمة، العيب بأن نبقى مكاننا ولا نسعى نحو طموحنا للنجاح، العيب في أن نستخدم حسابات مواقع التواصل الإجتماعي لأذية الآخر، العيب في أن نكون جلّادين عن غير حق فقط لإشباع روحنا المريضة المتألمة عند رؤية أي شخص ناجح، العمل ليس عيبا ما دام بشرف وكرامة، وموضوع ان السيلاوي كان يعمل في الفحم هو مفخرة ولا تقلل أبدا من شأنه، لأن هذا العمل بالإضافة الى تربيته الحسنة جعلا منه شابا طموحا لا تعيقه المطبات.
عايرتموه بمسألة شخصية وعائلية ظنا منكم انّكم علّمتم عليه، لكن ما فعلتمون لم يكن إلا فضيحة لمعيار أخلاقكم.