هي من أهم الممثلات في تاريخ السينما المصرية، لُقّبت بـ "دلوعة السينما" وحققت شهرة لا يزال صداها حتى الان في أذهان محبيها، هي شادية التي حفرت إسمها بتاريخ الفن، والتي نستذكرها بسيرة حياتها الحافلة بالإنجازات والنجاحات.

نشأتها

ولدت فاطمة أحمد كمال شاكر يوم 8 شباط/فبراير عام 1931، بمنطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين.

والدها عمل مهندس ويدعى أحمد كمال، وهو من إختار لها إسمها الأصلي "فاطمة"، وكان لها شقيقة تدعى عفاف، عملت ممثلة لكنها لم تستمر طويلاً، ولم تحقق النجاح الذي وصلت إليه شادية .

تعرضت للخطف في عمر الـ 6 سنوات

تعرضت شادية للخطف حين كانت تبلغ من العمر 6 سنوات،ـ وكشفت عن تفاصيل هذه الحادثة في مقال نشرته إحدى المجلات عام 1960، بعنوان: "خطفوني وحبسوني مع الجاموس".

وكتبت: "في أحد الأيام وبينما كنت ألعب أمام البيت تقدمت مني سيدة ترتدي ملاءة لف وأخذت تحدثني بحنان وقدمت لي بعض الحلوى فارتحت لحديثها والتهمت الحلوى اللذيذة، وبعدها لم أشعر بنفسي فكانت الشوكولا تحتوي على مخدر".

حملتها المرأة وأختها الى مكان مجهول، فإستيقظت شادية لترى نفسها الى جانب حمار وخروف وجاموسة وإمرأة قبيحة، غير المرأة التي خطفتها، وبعد قليل سمعت في غرفة مجاورة صوت بكاء طفلة، فأدركت أنها مخطوفة مثلها".

أما عن كيفية إنقاذها، تقول شادية: "جاء رجلان يرتديان ملابس بلدية وأخذا يتحدثان مع المرأة بصوت منخفض، فهمت منه أنهما يتحدثان عني وعن الطفلة الأخرى، وفجأة نشب خلاف بينهما وإعتدى الرجلان على المرأة بالضرب". وبعد ذلط إستغلت شادية الفرصة وهربت من البيت، وإلتقت برجل طيب سلّمها الى الشرطة، التي كانت تبحث عنها.

كيف تم إختيار اسمها الفني؟

عرفت "فاطمة" في السينما بإسم شادية ، وقد إختلفت الروايات حول سبب تسميتها بهذا الإسم، فالبعض يقول أن المنتج والمخرج حلمي رفلة، الذي إكتشفها، هو من إختار لها إسم شادية، بعد ان قدمت معه بطولة فيلم "العقل في إجازة". أما البعض الأخر، يقول أن الممثل يوسف وهبي هو من أطلق عليها هذا الإسم، بعد أن رآها حيت كان يصور فيلمه "شادية الوادي"، وهنالك رواية ثالثة تقول أن الممثل عبد الوارث عسر هو من إختار لها إسم شادية، لأنه عندما سمع صوتها لأول مره، قال: "إنها شادية الكلمات".

كيف إكتشفت موهبتها؟

كشفت شادية بداية شهرتها، وقالت إن إحدى الصحف أوردت صورتها وأن لديها موهبة الغناء والتمثيل وتطلب عملا في أي فيلم بأسعار منخفضة.

لم يكن هدف المحرر الذي كتب هذا الخبر خدمة شادية، إنما كان يريد تحقيق الأموال من خلالها، خصوصاً أنها كانت لا تزال في بداياتها، إلا أنه بتصرفه هذا قدّم لها خدمة العمر، لأن المخرج حلمي رفلة رأى الصورة وأُعجب بها وجعلها تشارك في فيلم "العقل في إجازة"، ومنه إنطلق مشوارها الفني.

وكانت قد إلتقت قبل ذلك بالمخرج أحمد بدرخان، الذي كان يبحث عن وجوه جديدة، فتقدمت هي للعمل معه وأُعجب بها، لكن مشروعه لم يكتمل إلا أنه أسند لها دور صغير في فيلم "أزهار وأشواك".

إنطلاقتها في التمثيل

بعد نجاحها في فيلم "العقل في إجازة"، طلبها المخرج محمد فوزي للعمل في العديد من الأفلامن ومنها "الروح والجسد" و"الزوجة السابعة" و"صاحبة الملاليم" و"بنات حواء".

حقّقت شادية نجاحاً كبيراً مع المنتج والممثل أنور وجدي في أفلام "ليلة العيد" عام 1949 و "ليلة الحنة" عام 1951، وتتالت نجاحاتها خصوصاً بثنائيتها مع كمال الشناوي، في العديد من الأعمال، منها "حمامة السلام" عام 1947 و"عدل السماء" و "ساعة لقلبك" عام 1948 و"ظلموني الناس" عام 1950، كما إستطاعت أن تصبح نجمة الشباك الأولى لأكثر من ربع قرن، حسب الكاتب سعد الدين توفيق.

شكل فيلم "المرأة المجهولة" لمحمود ذو الفقار نقلة نوعية في مسيرتها، إضافة الى فيلم "مراتي مدير" عام 1966 و "كرامة زوجتي" عام 1967، وفي فيلم "عفريت مراتي" عام 1968. وقدّمت شادية أيضاً فيلم "أغلى من حياتي" عام 1965.

توالت أعمالها من خلال روايات الكاتب نجيب محفوظ، بفيلمي "اللص والكلاب" و"زقاق المدق والطريق"، إلى أن ختمت مسيرتها الفنية بفيلم "لا تسألني من أنا"، الى جانب الممثلة مديحة يسري عام 1984.

على صعيد آخر، وقفت على خشبة المسرح وقدمت مسرحية "ريا وسكينة" مع سهير البابلي وعبد المنعم مدبولي وحسين كمال وبهجت قمر، لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية. وكانت هذه المسرحية التجربة الأولى والأخيرة في مشوارها الفني.

الحب في حياة شادية

أول حبيب لشادية كان ضابطاً في الجيش المصري، وتقدّم لخطوبتها حين كانت تبلغ من العمر 19 عاماً وأحبته كثيراً، لكن قصتهما لم يكتب لها الإستمرار، فاستشهد حبيبها في حرب فلسطين عام 1948.

وقبل هذه العلاقة كان الممثل محمد فوزي قد أغرم بها، بعد أن شارك معها في فيلم "العقل في إجازة"، وكان عمرها سبعة عشر عاماً وطلب يدها من والدها، الذي رفض هذه الزيجة لأنه رجل متزوج.

أول زيجات شادية كانت من الممثل عماد حمدي، الذي كان متزوجاً قبلها من الممثلة فتحية شريف، ولديه إبن منها. "

تعرف عليها خلال حملة شارك بها الفنانين لجمع التبرعات عام 1953، ووافقت شادية على الزواج منه، على الرغم من أنه كان يكبرها بسنوات، لكن هذه العلاقة لم تستمر بسبب الغيرة المفرطة، ومع ذلك بقيت العلاقة ودية بينهما.

بعد طلاقها من عماد حمدي، وقعت شادية في حب الفنان فريد الأطرش، وأوشكا على الزواج حتى أنها إشترت الفستان، لكن فريد سافر وأخبرها بتأجيل موعد الزفاف، مما أغضبها فإتصلت بالمهندس عزيز فتحي، الذي كان يرغب في الزواج منها، فوافقت على طلبه لكن إستمر ذلك الزواج 5 أشهر فقط.

جمعتها علاقة بالممثل صلاح ذو الفقار، خلال تصويرهما فيلم "أغلى من حياتي" عام 1965، وتزوجا بعد إنتهاء التصوير وعاشا أوقاتا سعيدة سوياً، إلا أنهما لم ينجحا في إنجاب أولاد، مما أثّر على علاقتهما، فحصلت العديد من الخلافات وصلت الى الإنفصال، فتدخل العديد من الأشخاص لحل الخلاف، فعادا الى بعضهما لكنهما إتخذا قرار الطلاق مرة ثانية عام 1973، ومن وقتها قررت شادية أن لا تتزوج مرة جديدة.

إعتزالها

إعتزلت شادية في عمر الخمسين، بعد تفرغها للدين، وقالت: "إن سبب اعتزالي المواقف العديدة التي مررت بها وجعلتني أبتعد عن هذا الطريق، فقد قال الحق (إن الله يهدي من يشاء)، وقد عرفت الطريق الصحيح وهداني الله تعالى إليه ومكني من التمسك به لأتعرف على ديني وأعيش في رحاب الله... غيرت مجرى حياتي لأعرف معنى السعادة الحقيقية في رعاية الأطفال الأيتام. كما تبرعت بكل مدخراتها لصالح الجمعيات الخيرية.

وفاتها

توفيت شادية يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2017، عن عمر ناهز الـ86 عاماً، بعد صراع مع المرض بمستشفى الجلاء العسكري.

وأُقيمت صلاة الجنازة على جثمانها في مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة، وحضر جنازتها عدد كبير من نجوم الفن والسينما.