tnaash فيلم لبناني مقتبس من فيلم 12Angry Men للكاتب الأميركي ريجينالد روز، حاز "طعنش" على عشر جوائز عالمية قبل أن يعرض في الصالات اللبنانية. عمل مُتقن يستحق التقدير، لأنه هادف، ويتطرق الى الإنقسامات في المجتمع اللبناني، والعنصرية، والأحكام المسبقة. كما أن الفيلم يطرح علامات إستفهام، عن دور المواطن في المحاسبة والمساءلة، لكونهما شرطاً أساسياً لبناء وطن. واجه المخرج بودي صفير التحديات، ورفض المساومة مقابل الجماهيرية، لذا ترفع القبعة له ولكل فريق العمل.

فريق العمل

الفيلم من إخراج بودي صفير وكتابته، وشارك في الكتابة باتريك شمالي وأزدشير جلال أحمد. شارك في التمثيل باتريك شمالي، طارق يعقوب، يارا زخور، شادي عرداتي، سارة عبدو وكريستينا فرح وغيرهم، بالإضافة إلى وجوه جديدة تظهر لأول مرة أمام الكاميرا.

قصة الفيلم

تدور أحداث فيلمtnaashحول 12 عضو من أعضاء لجنة محلفين، من خلفيات ثقافية وإجتماعية مختلفة، يتناقشون حول مصير لاجئ سوري متهم بجريمة قتل ناشطة إجتماعية. يطرح الفيلم إصلاحاً قضائياً تخيلياً، يتم التوصل إليه عقب إنفجار 4 أغسطس/آب، كما أنه يقدم فرضية يمكن أن تتحقق، في حال سنحت الفرصة للبنانيين بالتحاور من دون تدخلات خارجية.
مدة الفيلم حوالى 90 دقيقة، وتدور أحداثه في غرفة مغلقة. العمل شيق وبعيد عن الملل، وتميزت الحوارات بقفشات ذكية وطريفة، وسط نقاشات يسودها الغضب والتوتر. يُذكر أن يارا زخور حصدت جائزة أفضل ممثلة عن الفيلم في مهرجان "srfilmfestnyc" العالمي في نيويورك. موقع الفن إلتقى المخرج بودي صفير، والكاتب والممثل باتريك شمالي، وكان لنا حوار مع كل منهما.

بودي صفير

ما هو تعليقك على الفترة القصيرة التي عرض فيها الفيلم في الصالات؟

كنا نتوقع هذا الأمر، لأنه فيلم مستقل وفيلم مهرجانات، وعُرض في الصالات تلبية لرغبة من القائمين عليها في عرضه، بعد أن شاركوا في مهرجان الأفلام المستقلة وأعجبوا بالفيلم. والفترة التي عُرض فيها في الصالات، أتاحت الفرصة لمن يرغب بمشاهدته، وقريباً سوف يعرض على المنصات.

هل فيلمtnaashقادر أن يطال شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني على المنصات؟

طبعاً، وكان من المفروض أن يُعرض في الصالات لفترة أطول، لكن الوضع بشكل عام لم يكن مشجعاً، بسبب الأحداث الإقليمية، لاسيما أن السينما في لبنان متراجعة. ومن حسنات عرضه على المنصات، إتاحة الفرصة للمنتشرين بمشاهدته.

يكشف العمل تركيبة المجتمع اللبناني وإنقساماته، إلى أي حد يستطيع فيلم سينمائي أن يشكل علامة فارقة؟

منذ البداية، شركائي باتريك شمالي وأزدشير جلال أحمد وأنا، فكرنا بعد إنفجار مرفأ بيروت والإنفجار الإقتصادي، في الوضع اللبناني وما آل إليه، فكان الفيلم عبارة عن أسئلة وسيناريوهات وتساؤلات عن الوضع الذي وصلنا إليه، بسبب الإهمال والفساد، ولامبالاة من الشعب ومن السلطة، وعدم مساءلة من الشعب، والسيناريوهات التي طرحت في حال كانت الشرائح الممثلة للشعب قادرة على التحاور والتواصل، من دون تدخل خارجي، أنها ستتوصل إلى اتفاق ما، والإجابة عن السؤال هي أن هناك أملاً إذا وضعوا جانباً موروثاتهم، وفكروا بالمستقبل، وباستمرارية البلد، فهو وطن يحتاج إلى مكونات أساسية، وأن يتحلى الشعب اللبناني بالمواطنية.

هل لديك نية في إطلاق عمل مشابه؟

منذ إنطلاقتي المهنية بدأت بنوعية أفلام تستهويني، وهي الإثارة النفسية، ووجدت أن الجمهور المحلي يتجه نحو الأفلام الكوميدية، فانتقلت إليها، لكني وصلت إلى مرحلة، إقتنعت فيها بأننا بحاجة إلى أفلام هادفة، إلى جانب الأفلام الترفيهية. الأفلام الهادفة يجب أن تطرح أسئلة أو سيناريوهات، مع الأخذ بعين الإعتبار أهمية التوازن بين جميع الأنواع والأعمال، وبما أن السينما هي عشقي الأساسي، ومن خلالها أعبر عن نفسي، لن أتردد إذا سنحت الفرصة بإطلاق فيلم هادف آخر.

هل فيلمtnaashهو chef d’oeuvre المخرج بودي صفير؟

نعم هو من أهم أعمالي والأفضل، لاسيما أنني تمتعت بكامل حريتي، وطرحت في النص ما أريده، وعملت في التصوير والإخراج بكامل حريتي بدون أي قيود، لأنه فيلم مستقل، فتحررت من شروط وإعتبارات شركات الإنتاج، وكان لنا كفريق عمل الحرية لنقول ما نريد.

لفتني في الفيلم مشاركة ممثلين غير معروفين في الفيلم، وغياب أي بطل، لماذا؟

السبب الأول هو لأنه ليس هناك شركة إنتاج لتفرض شروطها، الشركة تستعين بممثلين معروفين لتدعم العمل، وللمساهمة في تسويقه، بينما أنا لم يكن لدي هذه الاعتبارات، كنت أريد أن أروي قصة، وهدفي إيصال الصوت والرسالة بواسطة شباب موهوبين، شاركوا في العمل وضحوا معي، وظروف العمل كانت منطلقة من عمل تعاوني، فبقينا لمدة شهر نتدرب على الفيلم، كما لو كان مسرحية، وكانوا متفانين معي، وقدموا وقتهم، وكانوا الخيار الأمثل من خلال تفاعلهم، وأعتقد أن خياري كان صحيحاً. يجب أن تتوافر دائماً المساحة لمواهب جديدة، لأن الحياة مستمرة، ولا يمكن لأحد البقاء إلى الأبد، بالرغم من الموانع التي يضعها الممثلون الشهيرون في وجه الممثلين الناشئين. أتمنى بعد الجوائز التي حصل عليها الفيلم، وفترة العرض القصيرة في الصالات، أن يشاهد الفيلم الجمهور المغترب، وأن تصل الرسالة ويؤثر في المغتربين.


باتريك شمالي

كيف كانت أصداء فيلمtnaash؟

الأصداء كانت جيدة، وكل الذين شاهدوا الفيلم، سواء كانوا من الجمهور أو من العاملين في المجال الفني من ممثلين ومخرجين، أبدوا إعجابهم بالعمل، مع الإشارة إلى تراجع الإقبال على السينما.

كيف تصف عملك في الكتابة في فيلمtnaash؟

في بادئ الأمر حين تلقيت عرضاً للمشاركة في الفيلم كممثل، أطلعني بودي صفير على مسودة كتبها أزدشير جلال أحمد، وكانت تتضمن عناصر من 12Angry Men، وتتطرق إلى الثورة، لكني لاحظت وجود ثغرات فيها، وكانت لي تحفظات على العمل، ولم أشارك به، إلى أن عرض عليّ بودي صفير إعادة الكتابة، فأخذت النص واطلعت على مكوناته، وكان مستحيلاً تعديله، لأنه يتضمن سرد أحداث من دون حركة، فاقترحت عليه إعادة كتابته من جديد، مع الإلتزام بنسخة 12Angry Men، وبقي من المسودة القديمة خلفية قصص الأشخاص، حيث عمدوا إلى سرد رواياتهم الشخصية. أما بالنسبة لكون الفيلم هادفاً، فنحن بدأنا بالكتابة عام 2021، مع إنطلاق الأحداث التي ترافقت مع الأزمة الإقتصادية، كما أنني أتشارك مع بودي نظرة ناقدة لمجتمعنا ولأغلاطنا المتكررة، وكانت لدينا الرغبة في إثارة هذه النقاط وإبرازها، بهدف التصحيح الذي أعتبره من واجباتنا.

هل فكرة تكرار العمل على فيلم هادف واردة؟

بودي وأنا لدينا تحفظات على السينما، نحن مشاهدان قبل أن نصبح صانعين في السينما، ونحب المحتوى الجيد والحبكة المتماسكة، والتفاعل بين الشخصيات، ولسوء الحظ هذا ما نفتقده في السينما التجارية، سوى في حالات إستثنائية تطلقها شركات إنتاج كبيرة تختار الجماهيرية، لذا نرى 4 أو 5 أشخاص يمثلون في 5 أو 6 أفلام ونفس الأدوار. في فيلمtnaash، لم يواجه بودي صفير ضغوطات إنتاجية، لأن الفيلم مستقل، لكنه بالمقابل عانى كثيراً من تأمين الميزانية، ورفض المساومة كمنتج ومخرج، على حساب القصة والحبكة، مقابل الحصول على جماهيرية. في الكاستينغ كنا معاً على تفاهم واضح، أن الفيلم لا يحتمل وجود نجمة أو نجم منعاً لإختلال التوازن، ولإستبعاد فكرة أن يُنسب نجاح الفيلم إلى وجود نجم أو نجمة، وليقال إنه فيلم الـ 12 ممثلاً الذين شكلوا وحدة متكاملة. أما فكرة الفيلم الجماهيري، فلا تتعارض مع الحبكة الجيدة أبداً، لكن مع الأسف في لبنان، نضحي بحبكة القصة مقابل نجوم مشاركين من دون محتوى جيد.

ماذا عن تساوي الأدوار في الفيلم؟

لا فضل لنا في هذه الناحية، لأن فيلم 12Angry Men لم يُكتب ليكون فيه شخصية بارزة، علماً أن هنري فوندا كان نجماً. وكي أكون صريحاً، قلت لبودي صفير إنه من المفضل أن يشارك فيه مجموعة ممثلين كلهم نجوم متساوين، كما حصل في فيلم "أصحاب ولا أعز"، فكانوا كلهم نجوماً، وأتقنوا أدوارهم، وكان الرهان ناجحاً.