صحيح أن الأم هي الدنيا، لكن يبقى الأب هو السند والأمان، وحتى العاطفة، فالأم والأب يتحدان لبناء عائلة صالحة في المجتمع.


يصادف اليوم 21 حزيران عيد الأب في لبنان والدول العربية، وكذلك ذكرى غياب عاصي الرحباني، هذا النابغة الكبير والعظيم من لبنان، صحيح أن الرحباني غاب عن الأرض، ولكنه دخل الحياة، كما أن 21 حزيران هو أيضاً عيد الموسيقى، ويا لها من صدفة إلهية.
عاصي الرحباني الذي أعطى الفرح الكبير للبنان، والمجد للأغنية اللبنانية، التي توّجها بصوت من أجمل الأصوات في العالم، فيروز، بالإضافة إلى العديد من الأصوات الجميلة التي تعامل معها. رسّخ الرحباني هوية الفن اللبناني في أذهان الناس في كل أنحاء العالم، هو فخر لنا، ونشكر الله أننا خلقنا في زمن عاصي الرحباني، هذا المؤلف والملحن الذي يفتخر به لبنان، إلا أن الدولة اللبنانية لم تكرمه بعد كما يستحق، مع أن محبة الجمهور الكبيرة له هي أيضاً تكريم كبير.
ما يميز عاصي الرحباني عن غيره، هو أنه لم يكتب قصيدة أو نثراً واحداً لزعيم أو رئيس، بل كتب لأوطان، عكس معظم الفنانين، لأنه أدرك أن الوطن هو الثبات الوحيد، وليس الحاكم. عاصي الرحباني يجب أن يدرّس في مناهج التعليم في مدارسنا من ناحية الشعر والموسيقى والتوزيع الموسيقي والتربية الوطنية.
عاصي الرحباني، ستبقى القصيدة التي يكتبها شاعر رفيع المستوى، ويؤرخها في كتاب، ولن يخبئها عن أعين الناس، وهي قصيدة مليئة بالفرح، ولن يُكتب اسمك على "مانشيت" جريدة تعيش لمدة 24 ساعة فقط، وتنتهي في أروقة الشوارع، وهنا استوحينا هذه الفكرة من قصيدته "اكتبني يا حبيبي قصيدة، قصيدة حزينة بكتاب وخبيني، ولا تعملني عنوان بجريدة، والهوا يرميني بشوراع المدينة".
وفي الساحات الكبيرة العالمية "تمخترت" أغانيك، وعلّقت الغيرة على أعين جميع البشر الذين وجهوا أنظارهم إلى بقعة أرض في قارة آسيا، إلى وطن اسمه لبنان، سيبقى من خلال فنك، أيها العبقري، حسرة في عيون كل الحاقدين.
عاصي الرحباني ستبقى أغانيك من جيل إلى جيل "راجع بصوات البلابل راجع بغناني الحصادين".
لبنان سينهض من الأيدي الفاسدة التي تحتله، ومن مآسياه.. قيامة لبنان من أيادي السارقين وأعداء الحضارة والحرف، حين يأتي هذا النهار سيبتسم وجهك في دنيا الآخرة، وتعرف أن ما صنعته للبنان قد أُنجز، وتغني معنا: "اتحررنا.. طلعنا على الضو.. طلعنا على الحرية".