لكل محافظة لبنانية خصائصها الطبيعية والسياحية. والجنوب لا يقل جمالاً وسحراً عن باقي المحافظات اللبنانية، وفيه معالم سياحية بارزة لا بد من زيارتها. البداية من القلعة البحرية ومتحف الصابون في صيدا، إلى مقام سيدة المنطرة في مغدوشة، وقانا الجليل حيث المعجزة الأولى للسيد المسيح، وبعدها إلى شلالات جزين، والختام في قلعة الشقيف.


قلعة صيدا البحرية

تُعد قلعة صيدا البحرية، التي تعرف أيضاً باسم قلعة البحر، واحدة من أروع المعالم الأثرية في جنوب لبنان، ومن أقدم القلاع التي تم تشييدها في لبنان. بناها الصليبيون على جزيرة في مدينة صيدا عام 1228، فوق معبد فينيقي قديم، كان مخصصاً لعبادة الإله ملكارت، واستخدمت عبر العصور لأغراض عسكرية دفاعية، وتعرضت لأضرار بسبب الحروب الكثيرة. تبعد حوالى 80 متراً عن الشاطئ، ويربطها به جسر صخري مبني على تسع قناطر. القسم الشرقي من القلعة، هو عبارة عن برج كبير، له عدة بوابات من الجهة الجنوبية، لا تزال بقاياها ظاهرة، بالإضافة الى بوابة من جهة الشرق لا تزال قائمة. يبلغ طول البرج 27 م وعرضه 21 م، واستخدمت في بنائه أعمدة من الغرانيت. بعد إجتياز البوابة الرئيسية، يبدو السور الثاني، وساحات واسعة مكشوفة للبحر، تهدم جزء كبير منها. يمكن الوصول إلى أعلى القلعة عبر درج صخري، حيث توجد عدة غرف ما زالت بحالة جيدة، وتظهر في جدرانها فجوات صغيرة لرمي النبال أثناء الحروب.

قلعة صور

قلعة صور رومانية، وتوجد فيها آثار فينيقية وكنعانية وبيزنطية، وكانت تعرف بـ"معبد ملكارت". عام 1979، أدرجتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، على لائحة مواقع التراث العالمي، وهي تتألف من ثلاثة قطاعات أساسية: يحتل القطاع الأول جزءاً من الموقع الذي كانت تقوم عليه القلعة في المدينة البحرية المبنية على جزيرة، قبل أن يردم الإسكندر المقدوني البحر، ويوصلها بالبر المقابل. ويقع القطاع الثاني إلى الغرب من القطاع الأول، ويتمحور على بقايا كاتدرائية صور الصليبية، التي استخدمت في عمارتها أعمدة من الغرانيت الأحمر، وأحجار استخرجت في حينه من المنشآت الرومانية. وتنتشر حول الكنيسة، وعلى مستويات أدنى منها، شبكة من الطرق والمساكن، التي تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية. أما القطاع الثالث، الذي يعرف بـ"موقع البص"، فيقع فيه ميدان لسباق عربات الخيل، بني في القرن الثاني الميلادي، ويبلغ طوله ٤٨٠ م وعرضه ١٦٠م، وتحيط به مدرجات حجرية تتسع لحوالى ٣٠٠٠٠ متفرج.

مقام سيدة المنطرة

مقام سيدة المنطرة، هو مزار كاثوليكي، يقع على مشارف بلدة مغدوشة ويتضمن برجاً عالياً يبلغ إرتفاعه ٢٨ م، يعلوه تمثال برونزي للسيدة العذراء وهي تحمل إبنها يسوع، ويبلغ إرتفاع التمثال ثمانية أمتار ونصف المتر. ويطلق على المكان إسم المنطرة، لأن مريم العذراء إنتظرت فيه إبنها يسوع، عندما جاء إلى مدينة صيدا. وفي المقام أيضاً مغارة صغيرة، يبلغُ أقصى طولها حوالى خمسة عشر متراً، وهي تجويف صخري كلسي، كانَت له فتحة علوية، وتم إكتشاف المغارة في مطلع القرن الثامن عشر من قبل أحد الرعاة. حُوِّلت المغارة إلى مزار تقامُ فيه الصلوات والقداديس. وإلى جانب المغارة يقع تجويف أصغر حجماً، يستعمل لمراسم العماد المقدس.


قانا الجليل

قانا الجليل اللبنانية، شهدت على المعجزة الأولى للسيد المسيح، حين حوّل الماء إلى خمر خلال عرس حضره مع تلامذته ووالدته مريم، فحين نفد الخمر، طلبت مريم من يسوع التصرف لمعالجة المشكلة، فلبّى الطلب، وحوّل الماء في الجرار إلى خمر. في شمال قانا، اكتشفت المغارة التي وصفت بـ"المباركة"، وعليها نقوش للسيد المسيح وتلاميذه الإثني عشر. وتمثّل هذه المنحوتات المسيح وتلاميذه. وهناك تمثال منفرد لإمرأة، يطلق البعض على هذا التمثال إسم"العروسة"، لكن الرأي الغالب يؤكد أنه للسيدة مريم العذراء.
ويوجد مذبح وبقايا سفينة، بالإضافة إلى غرفة تتسع لخمسة أشخاص تقريبًا، وستة أجران حجرية، هي التي امتلأت بالنبيذ في عرس قانا. وهناك صخرة كبيرة نقش عليها 12 شخصاً، وشخص كبير في الوسط، وذلك نسبة إلى المسيح وتلاميذه.


متحف الصابون

يقع متحف الصابون في صيدا، ويمكن للزوار مشاهدة عرض توضيحي لكيفية صناعة صابون زيت الزيتون التقليدي. كما يُقدم القسم التاريخي للمتحف، القطع الأثرية التي عُثرّ عليها أثناء التنقيب في الموقع، والتي تشمل بقايا رؤوس أنابيب فخارية، يعود تاريخها إلى ما بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر الميلادي. مبنى المتحف الذي كان معملاً لصناعة الصابون، يتألف من منزل قرميدي معقود من القناطر الحجرية، يمكن الدخول إليه عبر باب كهربائي، يفضي إلى جسر خشبي. تعكس الإضاءة والجدران الأثرية، العناصر الجمالية للمكان. وعلى يمين المدخل، تنتشر المصابن أي الأجران الحجرية المربعة الشكل. كما يحتوي المتحف على عينات، عُلقّت على الجدار، في مستوعبات زجاجية بطريقة منظمة، تضم المواد الأساسية لصناعة الصابون، منها الزيت، والقطرون، والعطر والغار. بينما يقود الدرج الخشبي إلى الطابق السفلي، حيث الأجران الحجرية، التي توضع فيها الخلطة اللازمة، ثم تُغلى في فرن حجري، يعمل على الحطب. وقد كتب على الجدران، تفصيل لكيفية اكتشاف الصابون، كما يعرض المتحف تاريخ صناعة الصابون، ومراحل تطورها المختلفة، من عصر الفينيقيين إلى عصر الدولة العثمانية.
إشترت عائلة عودة المبنى عام 1880، وأبقت عليه معملاً للصابون، لتلبية حاجات السكان الموجودين في لبنان، والحمامات البعيدة، منها حمام المير، حمام الورد، حمام السبع بنات، حمام الشيخ. وإستمر المعمل في الإنتاج حتى توقف عام 1975، عندما اندلعت الحرب في لبنان، وفي عام 1996، تم ترميم المبنى، الذي تحول إلى متحف في عام 2000.

قلعة الشقيف

قلعة الشقيف هي قلعة جميلة ومميزة، بناها الرومان وأكمل الصليبيون بناءها، ورممها الأمير فخر الدين الثاني. هي مبنية على صخر شاهق، يشرف على نهر الليطاني، وسهل مرجعيون والنبطية. تعرف القلعة في المراجع التاريخية، بإسم قلعة بوفور Chateau Beaufort، أي الحصن الجميل. تتألف قلعة الشقيف من عدة طوابق، كل طابق منها مبني بحضارة معينة، من الصليبيين إلى العثمانيين. وهي موقع مراقبة للغزاة، تكشف البحر وسوريا والجولان. كانت القلعة تؤمن الإكتفاء الذاتي لمن يسكنها، نظراً إلى طريقة بنائها المدروسة، حيث أنها تجمع مياه الشتاء على سطحها، بطريقة تمكّن من الإستفادة منها طيلة أيام السنة. للقلعة مدخل واحد من الجنوب، وتحيط بها من بقية الجهات، آبار منقوشة في الصخر، ويحميها من الجهة الشرقية، مجرى نهر الليطاني، الذي تسيل مياهه في وادٍ عميق. وفي الجهة الجنوبية، يوجد حوض في الصخر، وفي الجهة الغربية، هناك صهاريج فيها أحواض منقوشة في الصخر، ومسقوفة بعقود حجرية، محاطة من الجنوب ومن الغرب بهوّة عميقة، يتراوح عمقها بين 15 متراً و 36 متراً.


جزين

جزين هي إحدى قرى الجنوب اللبناني، التي تقع على بعد 40 كلم من صيدا، و80 كلم إلى الجنوب من بيروت. تحيط بها الجبال وغابات الصنوبر، وتعتبر مصيفاً سياحياً، كما تشتهر بإنتاج الخناجر والسكاكين المرصّعة. تتمتع جزين بجمال طبيعي، لما فيها من شلالات، وأودية وجبال مرتفعة. تعد شلالات جزين من أروع المعالم الطبيعية في جنوب لبنان، وهي تتميز بجمال الطبيعة الخضراء الخلابة المحيطة بها. للوصول إليها، يتمتع الزائر بالمرور بين المرتفعات، والأودية الجبلية التي تغطيها الأشجار المعمرة الضخمة، منها الأرز اللبناني، والصنوبر والسنديان. وبالقرب من الشلالات، يوجد العديد من المطاعم التي تقدم أشهى الأطباق.