عادل أدهمهو واحد من أهم نجوم السينما المصرية، وأحد أبرز الممثلين الذين جسدوا دور الشر في الأفلام بعد الممثل المصري محمود المليجي وغيره، ولد عادل أدهم في 8 آذار/مارس عام 1928 في الإسكندرية وتحديداً في حي "الجمرك البحري"، وهو من أصول تركية ويونانية، فوالده محمد حسن أدهم كان موظفاً كبيراً بالحكومة المصرية آنذاك، أما والدته فهي خديجة خانم تاكوش من أصول تركية.


عاش وسط أسرة تتمتع بالثراء، وأتقن التحدث بالعديد من اللغات من بينها "العربية، الإنكليزية، الفرنسية، التركية، الإسبانية"، وأقامت العائلة في شاليه بمنطقة سيدي بشر يطل على البحر بعد أن ورثته والدة عادل عن أبيها، حين كان لا يزال عادل في الابتدائية، وكان في طفولته مولعاً بأفلام "الكاوبوي" أو رعاة البقر الأميركيين ويتابعها كثيراً لدرجة انه أصبح يهوى ارتداء قبعات الكاوبوي واللعب بالمسدسات، لتقليد أبطال هذه الأفلام، إضافة إلى توجهه إلى الرياضة بمختلف أنواعها، وقد مارس عدة رياضات، منها ألعاب القوى ثم الجمباز، وكان متفوقاً فيها بين زملائه، ومارس أيضاً رياضة الملاكمة والمصارعة والسباحة، وتميّز بين أقرانه لدرجة أنهم لقبوه بـ"البرنس"، وذاع صيته في الإسكندرية وذلك بسبب أناقته وشدة فخره بنفسه وكرم إنفاقه على المحيطين به، كمل حاز لقباً آخر هو "دون جوان سيدي بشر"، وهو كان يشبه نفسه بهدير البحر الذي يعشقه.

من راقص إلى تاجر قطن إلى ممثل
التمثيل إستهوىعادل أدهملدرجة أنه ترك الرياضة للحاق بحلمه في أن يصبح ممثلاً، لكن طريقه الشاقة بدأت بصدمة إذ إن الممثل والمنتج المصري أنور وجدي لم يكن يجده ممثلاً جيداً، وتلقى صفعة في أول الطريق حيث قال له :"أنت لا تصلح إلا أن تمثل أمام المرآة''، ناصحاً إياه بالإتجاه إلى الرقص.
عمل بنصيحة أنور وجدي التي أثرت فيه بشكل بالغ، فبدأ بتعلم الرقص مع علي رضا، وبالفعل بما أنه رياضي منذ البداية فلم يجد صعوبة في ذلك وأصبح راقصاً تتم الاستعانة به في الاستعراضات التي تقدم في الأفلام، وظهر للمرة الأولى في فيلم "ليلى بنت الفقراء" عام 1945، ثم شارك في فيلم "البيت الكبير"، أما تجربته الثالثة فكانت في فيلم "ماكانش عالبال" عام 1950، ولكنه لم يرضَ بهذا الدور في عالم الفن، فترك العمل الفني واتجه إلى العمل في بورصة القطن وأصبح من أشهر الخبراء، حتى جاءت قرارات التأميم ليقرر أدهم الهجرة من مصر، وبالصدفة قبل سفره قابل المخرج أحمد ضياء، الذي أقنعه بالعودة للتمثيل مجددا، ومنحه دوراً في فيلم "هل أنا مجنونة" عام 1964.

انطلاقته في السينما
بداياتعادل أدهملم تكن مشجعة، إذ لم يحصل سوى على أدوار خفيفة لا تبرز قدراته، قدمه صديقه المخرج علي رضا في فيلم "هل انا مجنونة"، وقدم العديد من الأدوار التي تميزت بخفة الظل في بداية مشواره، ومنها دوره في "أخطر رجل في العالم"، "العائلة الكريمة"، ومع إيمان المخرجين بموهبته بدأوا يمنحونه أدواراً أكثر صعوبة دارت معظمها في إطار اللص، الشرير.

مشاركاته السينمائية
شارك عادل أدهم في بطولة 280 فيلماً، إلا أنه قام بالبطولة المطلقة في 84 فيلما إلى جانب الأفلام التي شارك فيها بأدوار ثانوية، منها "امتثال"، "البؤساء"، "المجهول"، "حافية على جسر الذهب"، "الحب وحده لا يكفي"، "الشيطان يعظ"، "السيد قشطة"، "بستان الدم"، "جحيم تحت الماء"، و"سواق الهانم"، "ثرثره فوق النيل"، وكانت آخر أفلامه علاقات مشبوهة عام 1996، أما أهم أفلامه فهي "طائر الليل الحزين" وغيرها من الافلام التي تركت علامة فارقة في السينما المصرية.

نجاحه في أدوار الشر
ساعدت ملامح عادل أدهم وشخصيته القوية وضحكته الشهيرة في تقديم أدوار الشر في السينما المصرية، إضافة إلى براعته كممثل، ما أهله لينافس عمالقة ذلك الزمن لدرجة جعلت المخرجين يعتبرونه إمتداداً للممثل زكي رستم أو استيفان روستي، وعلى الرغم من أن عادل أدهم لم يدخل التمثيل من باب الدراسة الأكاديمية، إلا أنه كان بارعاً بشكل مخيف في تقمص كل شخصية تسند إليه، ويعيش بداخلها مهما كانت خطورة ما تقوم به، لدرجة أنه أثناء تصوير دوره في فيلم "هي والشياطين" في أواخر الستينيات، أمام أحمد رمزي وشمس البارودي، أصيب بكسور بعموده الفقري، وأجريت له 14 عملية جراحية قبل أن يعود لحالته الطبيعية.
وفي لقاء تلفزيوني كشف عن دخوله عالم التلفزيون أيام الأبيض والأسود، على يد المخرج نور الدمرداش، وأضاف خلال اللقاء "جبتله عصايا وقولتله انا مش بفهم في التليفزيون ودي عصايا لو غلطت تعاقبني بيها، لكنه كان صاحب بال طويل وعندما يغضب مني كان يصرخ في الآخرين".

رفض العمل في هوليوود
إقترب عادل أدهم من تحقيق شهرة عالمية وصلت أصداؤها إلى هوليوود التي سبقه إليها الممثل المصري الراحل عمر الشريف، ففي صيف عام 1968 دعاه كبير المخرجين العالميين إيليا كازان الأميركي المنحدر من أصل أرميني، للعمل في هوليوود، مؤكداً له أنه سوف يجعل منه فناناً من طراز غاري كوبر وهمفري بوغارت بعد أن رآه كازان يجسد شخصية المعلم برنس، التي كانت بداية أول أدواره الشريرة، مؤكداً له أنه يمتلك إمكانات ستجعله نجما عالميا، غير أن عادل رفض الدعوة، لشدة تعلقه بمصر، وبمدينته المحببة إلى قلبه الإسكندرية.


حياته الشخصية
ظل حتى اوائل السبعينيات حاملا لقب أشهر عازب في السينما، وقال عادل أدهم ذات مرة في لقاء صحفي إنه اختبر أكثر من 10 قصص حب وأنه يحافظ على المرأة التي يحبها كأنها زوجته ولا يذكر إسمها ويحترم العلاقة معها حتى النهاية.
وفي تلك الفترة قرر الزواج من سيدة تُدعى "هانيا" طليقة المخرج عاطف سالم، بعد قصة حب إلا أنهما كانا يتشاجران كثيراً وانفصلا ثلاث مرات، واستحالت بعدها الحياة سوياً ليعود إلى العزوبية التي استمرت سنوات بعد ذلك.
ثم تزوج للمرة الثانية من فتاة تصغره بكثير، ولم تكن تبلغ حينها العشرين من عمرها هي لمياء السحراوي، التي عاشت معه حوالى 14 عاماً، كان يأمل خلالها ان تنجب له ابنا لكن شاء القدر أن لا ينجبا أي أطفال.

اكتشف أنه أب بعد 25 عاماً وجحود إبنه قضى عليه
إكتشف بعد مرور 25 عاما أن له ابناً شاباً، لم يكن يعلم عنه شيئا، وبداية القصة عندما تزوج من سيدة يونانية تدعى ديميترا، كانت جارته في الإسكندرية وتعرف عليها في النادي اليوناني، وتوطدت علاقته بها ووافقت على الارتباط به، لكن الخلافات بينهما تطورت وكان يعنفها ويضربها، فاضطرت للهرب إلى اليونان وهي حامل في شهرها الثالث، وتقدم بعد أسبوع ببلاغ إلى قسم شرطة الرمل للبحث عنها.
بعد مرور 25 عامًا من تواجد ديميترا في اليونان، اتصلت صديقتها بـ عادل أدهم لتبلغه أن له ابناً من ديمترا يشبهه تمامًا، فسافر إلى اليونان واتصل بـ ديميترا، التي تزوجت من مصور فوتوغرافي يوناني حينها، واستقبلته في منزلها.
قال لها عادل أدهم عندما راها، طبقا لرواية خبير الماكياج محمد عشوب، "عاوز أشوف ابني"، لتنصحه بعدم رؤيته إلا أن زوجها خالفها، الرأي وأرشده إلى المكان الموجود فيه الإبن، عرف عادل أدهم أن ابنه يمتلك مطعما في اليونان افتتحه له زوج أمه، فذهب إلى هناك على الفور وعندما شاهده وجد نفسه وكأنه ينظر في مرآة حيث كان الشاب يشبهه إلى درجة كبيرة.
حاول أدهم أن يضم ابنه إلى حضنه، لكنه ابتعد عنه رافضا الحقيقة التي أخبره بها، معاتباً والده على عدم السؤال عنه كل هذه السنوات، وجلس في المطعم ليتأمل ابنه هذا الابن الذي لطالما اراده.
تعامل الابن بقسوة مع والده، وأخبره أن والده الحقيقي هو المكتوب في بطاقته زوج أمه الذي رباه وساعده على الحياة، رافضا كل الاغراءات التي قدمها له عادل أدهم من مال وشهرة.
أصيب عادل أدهم بصدمة كبيرة وقبل أن يعود إلى مصر، طلبت منه زوجته أن يطلقها لأنه لم يكن قد فعل ذلك بعد هروبها، ويروي محمد عشوب أن عادل أدهم كانت أمنيته الوحيدة قبل الوفاة أن يرى إبنه للمرة الأخيرة، لكن هذه الأمنية لم تتحقق.

جوائزه ووفاته
حصل عادل أدهم على عدة جوائز، منها من الهيئة العامة للسينما، ومن الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، وكذلك من الجمعية المصرية لفن السينما. وفي عام 1985 حصل على جائزة في مهرجان الفيلم العربي بـ لوس أنجلوس في أميركا، وكرم في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام 1994، والمهرجان القومي الثاني للأفلام المصرية عام 1996، أبرع أدواره في فيلم "المجهول" مع سناء جميل، وجسد شخصية الخادم الأخرس الأصم، ولم يتحدث بكلمة واحدة طوال أحداث الفيلم.
لم يحقق ثروة من السينما، فكان أجره أقل من أجر النجوم الآخرين، وكان ينفق كل ما يكسبه على نفسه وزوجته، لهذا اضطرت زوجته لبيع سيارته للمساهمة في نفقات علاجه في مرحلة مرضه الأخيرة، فقد عانى من السرطان تزامنا مع صديقه عبد المنعم العبادي، الذي كان أكبر تاجر مجوهرات في الإسكندرية، إذ أصيبا بنفس المرض، وشيعت جنازتاهما في نفس التاريخ.
رحل يوم 9 شباط/فبراير عام 1996 بمستشفى الجلاء العسكري، إثر وجود كميات كبيرة من المياه على الرئة، تاركاً مكتبة كبيرة تضم عشرات الأعمال الفنية، وتاركاً إبناً لم يره سوى مرة واحدة فقط.