يحمل المسرح داخله عادة أجواء خاصة غير موجودة في أي مكان آخر ، فهو تلك المشاهدة المباشرة لأحداث عمل فني هادف، لكن المسرح الذي أكتب عنه اليوم مختلف فهو يتميز بدفء طاغٍ نتيجة سنوات وسنوات جلس خلالها على مقاعده أعداد هائلة من الأولاد ليتشبعوا بمبادئ تعيش معهم العمر بأكمله ، هو مسرح الكاتبة جيزيل هاشم زرد "الأوديون".

عام بعد عام تستمر السيدة جيزيل في العطاء المسرحي القيم، لتبعث المزيد من الرسائل المليئة بالحب لتنطبع في شخصيات جيل المستقبل ، وتقدم لنا حالياً مسرحية جديدة بعنوان resto maryam كتبتها بنفسها وقامت بإخراجها إبنتها ماريلين زرد مصابني.

تروي المسرحية قصة شاب يدعى جيروم تصل به الأيام إلى العمل في مطعم فيثبت نفسه مما يثير غيرة زميل له في العمل، والأخير سيطر عليه الحسد حتى قرر إيذاء جيروم ليظهر الحق لاحقاً. ويثبت لنا العمل أنه بالمحبة والتسامح نعالج الغيرة والحسد، ولا ينتهي الأمر بذلك بل تتوجه المسرحية بمجموعة من الرسائل منها أن العطاء أجمل ما في إنسانيتنا ومن الضروري التفكير دائماً بالفقراء.

تناغم فريق العمل وخفة ظله وحركته الرشيقة أعطوا أجواء جميلة على المسرح، وهو المؤلف من سمعان عتيق وباتريك جحا والياس دبوس وجوزيف هيدموس وجنفياف أبي عجب وماري قباني هيكل وماتيلدا توباليان.

كما أضفت الألوان والموسيقى والإستعراضات والشخصيات الكرتونية المزيد من الفرح والمتعة .

الموسيقى وضعها كل من انطوان كامل وبسام دكاش ورميا سليم وآلان سليم وعمر زرد. وتتوجه المسرحية للكبار أيضاً حيث أن كثيرين من كبار مجتمعنا تنقصهم المبادئ التي تعطيها هذه المسرحية ، كما أن مضمونها ممتع لكل أفراد العائلة.


وكان لنا هذا اللقاء مع مخرجة العمل ماريلين زرد مصابني..

ما هي الرسالة التي يوجهها العمل؟
لا بد في البداية أن أشدد على أن أساس مسرح جيزيل هو "المحبة"، وعندما تتواجد المحبة تغتني صفات الإنسان.

في هذه المسرحية الحبكة تحصل داخل مطعم "مريم" حيث يولد الحسد والغيرة ونصل إلى الرسالة وهي معالجة الحسد والغيرة من خلال التسامح، ونذكر إلى أي مدى من الخطأ أن نغار من الآخرين بل بجب أن نساعد بعضنا ونرى الإيجابية لدى كل شخص.

من ناحية أخرى هناك رسائل اخرى منها أن في المطاعم نرى الكثير من الهدر فيتم رمي الطعام بينما هناك في المقابل أناس يموتون من الجوع، بتنا نعيش في بطر.

ألا يتشتت تفكير الأطفال حين تتداخل مجموعة من الرسائل في عمل واحد؟
إستنتجت بعد 30 عاماً من العمل في المسرح ان الطفل يشبه "الإسفنجة" يمكنه أن يتلقى البعض من الرسائل التي تصله وتبقى مطبوعة في ذاكرته، والأطفال في هذه المسرحية يلتقطون بالمجمل فكرة التسامح ، وأنا ممنونة إذا وصلت هذه الرسالة لمن عمرهم بين الـ3 والـ6 سنوات .

وفي حال تلق الاطفال بين الـ6 سنوات والـ12 سنة مغزى المسرحية الباقي أعتبر أن حقي وصلني.

أشير إلى ان هذه المسرحية عائلية، لذلك قلت للمرة الاولى في إعلانها أنه حتى الجد والجدة يمكنهما أن يأتيا لأنهما يستمتعان ، فهذا العمل للكبار والصغار.

لم نرَ في المسرحية بطلاً او بطلة بل جميع الممثلين كانوا أبطالاً، هذا الأمر يخدم العمل؟ ألا يحب الأطفال أن يروا هذه الشخصية البطلة التي تقدم لهم الإستعراضات؟
في مسرح جيزيل نعطي الممثل حقه، فالممثلون في العمل ينالوا جميعاً محبة الأطفال.

وفي هذا العمل يمكن ان اقول أن "جيروم" مميز عن الآخرين كوننا نتحدث عن قصته ، وأنت على حق حيث انه من ناحية التسويق الشخصية البطلة التي تقدم استعراضاً مطلوبة ، لكن في مسرح جيزيل المال يأتي في الدرجة الثانية ، وأن يكون هناك بطلة ليس أساسياً في حال لم يتطلبها العمل.

هل من الممكن ان يشهد مسرح جيزيل تغييراً عن إسم "مريم"؟
لا أدري، لا أرفض أي أمر ، ففي البداية إسم "حلا" كان مرافقاً للمسرح، والأطفال أحبوه ، ولكن إسم "مريم" غالٍ على قلبي، فهو بركة وهي أمنا جميعاً، فلدي غرام بمريم حيث أنها أم الدنيا وتجمع كل الناس.

في المقابل لا أدري ما هي الأفكار التي قد يعطينا إياها الله لاحقاً.

كما إلتقينا الكاتبة جيزيل هاشم زرد في هذا الحوار..

مع مرور هذه السنوات العديدة ، كيف تحافظين على هذه الغزارة في الأفكار المتجددة؟
في البداية أود ان أشكر الرب على هذا العمل، حيث أنه من الصعب على مر سنوات أن تستمر الأفكار، منذ صغري وأنا أصلي أن يقيني الله اعمل بما يفيد المجتمع ، أتينا إلى هذه الدنيا لنترك أثراً.

هل يتعبك الجيل الحالي المتطور؟
عندا يكبر الإنسان في العمر يصبح هادئاً ، ويستوعب أكثر ، من ناحية الجيل الجديد الطفل يبقى طفلاً ، البعض يقولون ان الطفل سرقه التطور لكن حين يأتي إلى المسرح تجدينه منسجماً مع العمل وجالساً وحاضراً .

علينا أن ندل على أن هناك التكنولوجيا ومن ناحية أخرى هناك ما يولد الحلم والعاطفة والخيال، المسرح يغزي .

حاولنا في هذه المسرحية ان نرضي الكبار والصغار حيث أن الكبار يتابعون القصة بتشويق والصغار يتابعون القصة مع مزيج الألوان والحركة،كما حاولنا المزج بين العربية والفرنسية في المسرحية.

في الختام أشكر الله على ان عملي هو لقاء فرح مع الناس، أتمنى أن يبقى الفرح جامعنا وتنتهي الحروب .