ممثل محترف إلى أبعد الحدود، يعتبر ورقة رابحة وقيمة مضافة لكل الأعمال التي يشارك فيها.
في رصيده عشرات الأعمال الفنية، بين مسلسلات وأفلام ومسرحيات، أبدع فيها بتجسيد أدوار منوعة.
هو أيضاً إنسان صريح، ولا يتردد في التعبير عن آرائه الإجتماعية والسياسية.
ترشح في الدورة الأخيرة للانتخابات النيابية، ولم يحالفه الحظ.
موقع "الفن" التقى الممثل أسعد رشدان، وكانت لنا معه هذه المقابلة، التي سألناه خلالها عن سبب ترشحه للانتخابات النيابية الأخيرة، وكشف لنا ما الذي شجعه على المشاركة في مسلسل "الزمن الضائع"، وسألناه رأيه في أمور عديدة.

ما الذي دفعك للمشاركة في الانتخابات النيابية الأخيرة؟

المشاركة في الانتخابات هي نوع من تسجيل موقف وتحدٍ، والناس لا يبدون مهتمين بأن نتكلم عن مشاكلهم، ومعاناتهم التي أحملها منذ ولادتي. لن يغير الله في إنسان، إن لم يغير الإنسان في نفسه. الناس لا تريد التغيير، وترشحت لكي أبرهن هذا الأمر.

كنا نعتقد أنك سوف تترشح على لائحة القوات.

لم أهتم بالترشح على لائحة القوات، أو لائحة الكتائب، أو لائحة الأحزاب، أو أي لائحة أخرى. أنا كنت مرشحاً ترشيحاً شخصياً فردياً، إنما اصطدمت بقانون الانتخابات، حاولنا تأليف لائحة مع المجتمع المدني، فاصطدمنا بالتجاذبات. قررت أن أنسحب، وعند تحضيري نص الإنسحاب، إتصل بي الدكتور فارس سعيد طالباً مني الترشح على لائحته، وافقت على الفور، لأنني أتفق مع طروحاته بكل مواقفه، ليس فقط بموقفه من سلاح حزب الله، بل بمواقفه الوطنية أيضاً. رؤيته للأوضاع، رؤيته من انتخاب الرئيس ميشال عون، نشاطه خلال ثورة الأرز، وخلال كل الحقبات التي مر بها. كان إسمه ظاهراً في كل المواقف الوطنية السابقة، فتلقائياً أحسست أن من يكلمني هو شخص بحجم وطن. مع احترامي لكل الأحزاب، فهي بالنهاية تحقق مصالحها، إن كان على مستوى قياداتها، أو مصالحها الحزبية على أساس تكبير حجمها، ليصبح دورها فاعلاً، هذا الدور أقرب الى القنابل الصوتية. لا أنكر أن الاحزاب تهتم بناسها، بأهالي الشهداء والفقراء عندها، وهم مشكورون على هذا الإهتمام، لكن بالمقابل هناك حصة أكبر للنرجسية على المستوى الشخصي، وعلى مستوى المجموعات. لهذا السبب أردت أن أكون منسجماً مع رؤيتي للأمور وقناعاتي ومبادئي، التي لم تتغير. تغيرت الأحزاب، وأنا لم أتغير، الأحزاب عادت إلى نفس الشعارات. لبنان سُرق من الحضارة الغربية، وعاد الى الحضارة العربية، ومنها إلى الحضارة الإيرانية. ايران كانت دولة عظمى في العالم، ولكن أين أصبحت اليوم؟


ما رأيك بالممثلين الذين ترشحوا إلى الانتخابات؟

هذا أمر طبيعي في لبنان، فالفنان فرد من أبناء الشعب، ويعمل ليلاً نهاراً، مدخوله محدود، إنما مطلوب منه مصروف أكبر من مدخوله، وبالتالي معاناته أكبر. فمثلاً إذا ارتديت ثياباً أو قميصاً عادية ينظر إليّ الناس بشكل غير طبيعي، ولكن عليّ أن أدفع ما أجنيه من مسلسل، لكي أرتدي قميصاً من علامة معينة. معاناتنا كفنانين أكثر من معاناة الشعب العادي. هناك فنانون يعتبرون أنهم لا يريدون أن يكونوا مع فئة ضد أخرى، وذلك رغبة منهم في أن يكونوا محبوبين من الجميع. نحن نبحث عن وطن، ولا نبحث اليوم عن مقابلة مع إذاعة أو مع مجلة أو غيرهما من الوسائل الاعلامية. نحن مشهورون أكثر من النواب.


لو نجحت في الانتخابات النيابية، ما كان مشروعك، وهل كنت ستستطيع أن تعمل عليه وتنجزه؟

وحدي لا أستطيع أن أفعل شيئاً، إنما ضمن مجموعة متضامنة تفكر بالناس، بتشريع قوانين أو تنفيذ قوانين موجودة تهم الناس على كل الأصعدة. لدي صناديق من البرامج الانتخابية من نواب سابقين لا تمثل شيئاً. 12 عاماً وهم يحاولون أن يأتوا بالكهرباء، لم يجدوا مشروعاً كل هذه السنوات يستطيعون أن يتفقوا عليه؟ كهرباء زحلة تؤمن الكهرباء في منطقة زحلة 24/24 بأسعار مقبولة، وكهرباء جبيل قدمت مشروعاً لإنشاء معمل كهرباء للمنطقة لم يحصلوا على موافقة، لا أفهم لماذا لم يتحقق المشروع؟


​​​​​​​دورك في مسلسل "الزمن الضائع" خارج عن المألوف، معظمه على سرير المستشفى، ما الذي شجعك على تجسيد هذه الشخصية؟

أحببت فكرة المسلسل، هذه الشخصية تمثل معاناة الأب الإنسانية العاطفية تجاه الولد. أنا إنسان عاطفي وعائلي، ضحيت بأجمل سنين عمري لأؤمن حياة لأولادي خارج لبنان، في أعظم دولة في العالم. قصة المسلسل تدور حول إبنتي، التي كانت ستموت بين يدي، فالشخصية تكفر، وتسأل الله :"لماذا تفعل بي هذا؟". في المشاهد التي لم أكن فيها واعياً على سرير المستشفى، كان الدور فيها للشخصيات الذين يتعاطفون معي، الذين يحبوني أو لا يحبوني، منهم شخصية زوجة أخي التي جسدتها الممثلة هيام أبو شديد. المهم في دوري هو حياتي مع إبنتي، والإبنة التي تبنيتها، الأب لا يرى فقط إبنه أو إبنته، أي شخص آخر يعيش نفس ظروف أولاده يتعاطف معهم.

​​​​​​​كم هو متعب هذا النوع من الأدوار؟

الصعوبة كانت عند استيقاظي من الغيبوبة لألعب دور المفلوج، هذا الدور صعب، وأنا جسدت سابقاً دوراً مماثلاً في مسلسل "سكت الورق"، كانت حالة متطورة من الفالج، حالة إنسان مقعد. هذا النوع من الأدوار يتطلب السيطرة على النفس، ومجهوداً جسدياً، والانتباه الدائم، إذ لا يجوز النطق مرة بفم ملتوٍ، ومرة أخرى بفم سليم.

​​​​​​كيف كانت أجواء مشاركة عارضي أزياء في المسلسل؟ وكيف تنظر إلى القادمين إلى الدراما من مجال آخر؟

هؤلاء الشباب عظيمون، وهناك قصص كثيرة في المسلسل. الشاشة بحاجة إلى وجوه جميلة وعيون ملونة، أمثال مايكل كبابة. مهم أن يكون الشاب أو الفتاة جميلان ويتتقنان التمثيل. نادين نسيب نجيم ليست خريجة معهد فنون، لكنها موهوبة بالتمثيل. الموهوب يتعلم من الممثلين الذين يكونون حواليه، أنا تعلمت من ميشال تابت، فيليب عقيقي، وجوزيف جبرايل وأصدقائي الذين مثلوا قبلي. إستطعت أن أجسد دور بطولة حين كنت أدرس في أول سنة معهد فنون. الدرس في المعهد يجّمل الموهبة، ويعطي تقنيات، مثل تقنية التنفس عند الإلقاء، نفس الأمر عند الفنانين. المطلوب التحكم بعضلات الوجه والجسد.

ما الفرق في العمل بين مسلسل مؤلف من ثلاثين حلقة ومسلسل يتخطى عدد حلقاته الستين؟

​​​​​​​في مسلسل من 30 حلقة القصة تكون مضغوطة أكثر. هذا أمر يعتمده المنتجون، أما الممثل، أنا مثلاً، يكون لدي 20 أو 30 يوم تصوير، ولا أعرف على كم حلقة يوزعونها.

​​​​​​​هل إستقريت نهائياً في لبنان؟

نعم، ومنذ زمن. أنا لست بحاجة لأي شيء من لبنان، إنما أنا أحب هذا البلد، ولدت هنا وكبرت هنا، ولا أستطيع أن أفصل نفسي عن هذا البلد، أما أولادي، فالأمر أسهل بالنسبة إليهم، أولادهم خلقوا وكبروا في الولايات المتحدة الأميركية. أنا لا أرى نفسي خارج هذا البلد. سوف أكمل بالموجود، ولا أتأمل كثيراً بالنسبة إلى لبنان.

ماذا تحضر من أعمال جديدة؟

أصوّر مسلسل "النزيف" مع المخرج إيلي رموز، وهناك "الحجرة" مع الممثل عمار شلق، وهو مسلسل بين ثماني وعشر حلقات، وكذلك هناك مسلسل "أسماء من الماضي" مع الأستاذ إيلي معلوف، إخراج السيدة ماريانا صقر.
"الإتجاه الخاطئ" مسلسل آخر، ومشروع آخر "الزيتونة"، عن منطقة الزيتونة في حقبة الأربعينيات، التي كانت تعج بالملاهي الليلية، عمل ضخم تطلب ديكورات خاصة، وأجسد دوراً لن يحبني الناس فيه، لكنه دور مهم جداً.