جورج سيدهم ممثل قدير وموهوب. درس الزراعة وإنتقل الى الفن بعد إكتشاف موهبته في التمثيل. عاش طفولة قاسية علّمته الدفاع عن النفس. أسّس مع سمير غانم والضيف أحمد فرقة فنية. بقي عازباً لفترة طويلة وعدل عن قراره بعد الوقوع في الحب. تعرض للخيانة من شقيقه أمير الذي سرق أمواله وهرب الى الولايات المتحدة الأميركية.

نشأته

ولد جورج سيدهم في 28 مايو/أيار 1938 في مدينة جرجا في محافظة سوهاج. كانت الحياة في الصعيد قاسية علّمته الدفاع عن نفسه.

ولادة عسيرة

كشف الفنان الراحل جورج سيدهم أنه وُلد "ميتاً" فوضعته السيدة التي أشرفت على ولادته "الداية" تحت السرير وبعد تدخل من الجارة تم وضع بصلة أسفل أنفه فصرخ وتحرك جسده ليعود مرة أخرى إلى الحياة.

كلية الزراعة

بعد الدراسة الثانوية، إلتحق سيدهم بكلية الزراعة، وعُين مهندساً زراعياً فى منطقة أبيس بالقرب من الإسكندرية.

موهبة​​​​​​​ التمثيل

موهبته في التمثيل على مسرح الجامعة، ومشاركته بالعديد من المسرحيات أشهرها "ماكبث"، و"عطيل" دفعته للإستقالة من الوظيفة الحكومية ليتفرغ للفن. خلال دراسته الجامعية تعرّف على رفيق دربه الفنان سمير غانم، الذي كان رئيسا لإحدى الفرق المسرحية في جامعة الإسكندرية. توطدت العلاقة بينهما وقدما على المسرح الجامعي العديد من المسرحيات لكبار المثقفين والأدباء، وبعد فترة تعرّفا على الفنان الضيف أحمد وأسسوا فرقة "ثلاثي أضواء المسرح".

بداية المسيرة الفنية

كان جورج سيدهم هو القاعدة التي بني عليها هرم "ثلاثي أضواء المسرح". جورج سيدهم كان طالبا في كلية الزراعة في جامعة عين شمس، وسمير غانم طالباً في كلية الزراعة جامعة الإسكندرية، والثالث الضيف أحمد كان طالباً في كلية الآداب جامعة القاهرة، بالإضافة إلى رابعهم عادل نصيف وهو زميل في الجامعة.

ثلاثي أضو​​​​​​​اء المسرح

بدأت القصة في الستينيات​​​​​​​ عندما التقى فؤاد نجل ماري منيب، جورج سيدهم بالصدفة في إحدى الحفلات حيث أتيح له فرصة الظهور في ب​​​​​​​رنامج "مع الناس" في التلفزيون وقوبل بنجاح وإعجاب المشاهدين. فطلب فؤاد من جورج تقديم فقرة جديدة، فاتفق مع سمير غانم على تقديم فقرة "سلامات حول العالم" التي لاقت نجاحاً كبيراً. واتجه جورج إلى زميله عادل نصيف وعرض عليه العمل معه ومع سمير فوافق عادل وقدم الثلاثي "جورج وسمر وعادل" فقرة "الشحاتين حول العالم".

أعجب بهم محمد سالم وعرض عليهم أن يقدموا فقرات في برنامجه "أضواء المسرح" فوافقوا إلا أن عادل نصيف إنفصل عنهم، مما دفع جورج وسمير الى إيجاد بديل ووجدوه في الضيف أحمد لكن محمد سالم رفض وجوده. رغم ذلك حل الضيف أحمد في الإسكتشات التي كانت تقدم خارج التلفزيون. وبعد موافقة محمد سالم ظهروا في حلقة "برنامج أضواء المسرح" وقدموا اسكتش "كوتوموتو" الذي لاقى نجاحاً غير متوقعاً وتخرجوا وكونوا أول فرقة استعراضية غنائية عام 1967 وطوروا الاسكتشات وشاركوا في العديد من الأفلام والمسرحيات.

محمد سالم

ورد في كتاب "جورج سيدهم... ملاك البسمة"، للمؤلف طاهر البهي، أن المخرج محمد سالم هو من إكتشف "الثلاثي" وقدمهم للتلفزيون المصري، ليعرضوا من خلاله أشهر إسكتشاتهم الكوميدية، ومنها "كوتوموتو" و"دكتور إلحقني"، وهناك من يؤكد أن جورج سيدهم هو صاحب إطلاق إسم "ثلاثي أضواء المسرح" إستنادا إلى مكتشفهم محمد سالم، الذي كان يعرض برنامجا بعنوان "أضواء المسرح" تقدمه واحدة من أنشط الفرق المسرحية الإستعراضية الشبابية في ستينيات القرن العشرين، والتي انفرط عقدها بوفاة أحد أعمدتها الثلاثة وهو الضيف أحمد في إبريل/نيسان من عام 1970، واستمر كل من سمير غانم وجورج سيدهم فى العمل معًا لسنوات ثم إنفصلا وأسّس كل منهما فرقة مستقلة.

اللقاء مع جمال عبد الناصر​​​​​​​

ما لا يعرفه الكثيرون عن جور​​​​​​​ج سيدهم أن له مواقف وطنية. فقد كان عضوا في لجنة "الفن والمعركة" عام 1967، وإشترك في زيارة الجبهة الأسبوعية للتخفيف عن الجنود المصابين بعد هزيمة 5 يونيو/كانون الثاني. كما أنه تبرّع بدخل يوم من المسرح للمجهود الحربي، وسمح الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لفرقة "الثلاثي" بإنارة الشارع الذي يعرضون فيه إسكتشاتهم في الإسكندرية عام 1967، وحصل التعارف بين جورج وعبد الناصر في تلك الفترة.

عندما زار عبد الناصر أحد عروض فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، إنفجر في الضحك أثناء إلقاء جورج سيدهم جملته الشهيرة: "أنا الطالب عبد المعطي عبد الحق جاد الله شرابي بهدي سلامي..."، وذلك ضمن إستكش تسخر الفرقة فيه من أحد البرامج الإذاعية، لدرجة أن ناصر كان يميل برأسه إلى الخلف من شدة الضحك. كان جورج سيدهم صاحب فكرة تقديم عرض مسرحي للمساجين، في سجن القناطر يونيو/كانون الثاني 1971. وللمرة الأولى سهر المساجين حتى الساعة 11 مساء مع الفرقة الفنية ، فتابعت الصحف هذا الحدث الفريد الذي يتعلق بشريحة من المجتمع منسية ومهمشة.

حالة تسمم

قدم جورج سيدهم مع صديق عمره سمير غانم مسرحية "المتزوجون"، التي كانت علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري لأنها إعتمدت بشكل كبير على الإرتجال. ومن طرائف هذه المسرحية أن جورج سيدهم كان لا بد أن يتناول كميات كبيرة من البيض في أحد المشاهد مما تسبب له في حالة تسمم كادت تودي بحياته وتم استبدال البيض بالتفاح الذي تم تقطيعه على شكل البيض لا سيما أن المخرج حسن عبد السلام أصر يوم تصوير المسرحية أن يأكل سيدهم البيض.

عودة للمسرح

بعد تقديم جورج سيدهم لمسرحية "المتزوجون"، ظل بعيدًا عن المسرح لمدة 4 سنوات بعد تعرضه لمشاكل صحية. وقرأ خلال هذه الفترة 160 نصًا مسرحيًا، إختار منها مسرحية "حب فى التخشيبة". وللمرة الأولى على مسرح الدولة، بعد تاريخ حافل في القطاع الخاص والمسرح المستقل، قدّم جورج سيدهم مسرحية "ألو يا أرض"، على خشبة المسرح عام 1994، وقدّم مسرحيات أخرى منها: "نشنت يا ناصح" 1995، "حب فى التخشيبة" 1994، "جواز مع الاشتراك فى الأرباح" 1984، "كلام خواجات" 1984، "المتزوجون" 1981، "أهلاً يا دكتور" 1981.

سر الكوتوموتو

كان رصيد جورج سيدهم من الأفلام أكثر من 40 فيلما منها "معبودة الجماهير" حيث خرج عن النص خلال مشهده الوحيد مع شادية وقال لها جملته الشهيرة من اسكتش كوتوموتو "الواد خلي بالك منه طبطب على كتفه كوتوموتو يا حلوة يا بطة" وصرخ المخرج حلمي رفلة وضحك كل من في الاستوديو وركض رفلة وراءه لضربه. بالإضافة إلى أفلامه "أضواء المدينة"، "البحث عن فضيحة"، "غريب فى بيتي"، "الشقة من حق الزوجة"، "القاهرة فى الليل"، "الأصدقاء الثلاثة"، "كرامة زوجتي"، كما شارك في مسلسلات منها "بوابة الحلواني"، وآخر أعماله مسلسل "الحلو مايكملش" الذي عُرض بعد إعتزاله بسنتين.

الحريق وا​​​​​​​لمطعم

الحريق الكبير الذي حصل عام 1986 في مسرح الهوسابير الذي كان يمتلكه جورج سيدهم والتهم كل محتوياته، تسبب له بحزن شديد ادى الى إصابته بجلطة أبعدته عن مصر ليسافر إلى بريطانيا، حيث أجرى جراحة فى القلب.

عام 1987، قرر سيدهم أن يدخل عالم الأعمال للتعويض عن خسارة الحريق من جهة والسبب الثاني حبه للطعام وممارسة هوايته المفضلة في الطهي، وإفتتح مطعم للمأكولات الشرقية أطلق عليه اسم "ميني مشوي". كان يديرالمطعم بنفسه وقرر أن يطلق على قائمة الوجبات أسماء أعماله المسرحية وتضمنت اللائحة: "ورقة لحمة طبيخ الملايكة"، "حمام المتزوجون"، "كفتة أهلا يا دكتور"، "كباب دكتور الحقني"، "فراخ كوتوموتو"، "سلطة طحينة ودع أهلك".

حياته الخاصة

إشتهر سيدهم بأنه واحد من أشهر العازبين في الوسط الفني لأنه لم يؤمن بالزواج، ويعتبر أنه مشروع فاشل. لكنه وقع فى حب الصيدلانية ليندا فى 6 أكتوبر/تشرين الأول 1991، وتزوج بها وكان عمره 53 عاما.

خيانة أقرب المقربين

الضربة القاضية التي أنهت حياة جورج سيدهم الفنية وأدخلته في مشاكل صحية إمتدت على مدى أكثر من عقدين من الزمن، هي سرقة شقيقه أمير سيدهم لكل أمواله في أواخر تسعينيات القرن العشرين. القصة رواها الناقد طارق الشناوي وقال أن جورج سيدهم كان متفرغا لأعماله الفنية، وشقيقه أمير يدير كافة أموره المالية منذ إنطلاق مسيرته الفنية. وبعد زواجه من ليندا تفاجأ جورج أن شقيقه أمير سيدهم الذي كان يملك تفويضا منه، إستولى على كافة أمواله وباع المسرح الخاص به، وهرب إلى الولايات المتحدة الأميركية. أصيب جورج بجلطة في الرأس تسببت له بشلل نصفي وتأثير على النطق مما حال دون تمكنه من الكلام سوى كلمات بسيطة للغاية، لم يكن أحد قادراً على فك شفرتها سوى زوجته الدكتورة ليندا الى أن توفي في 27 مارس/أذار عام 2020، عن عمر يناهز 81 عام لتنتهي معاناته التي إستمرت سنوات طويلة مع المرض، وتزامن تاريخ وفاته مع الإحتفال بيوم المسرح العالمي.