معظم الناس حول العالم ينتظرون هذه المناسبة المجيدة، والتي هي ولادة الطفل يسوع، لتتجدد المحبة، ويغلب التسامح، ويخلق الأمل من جديد، ولو كان منعدماً، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي نعانيها في لبنان.


ولأننا إعتدنا في لبنان بالأكثر على المبادرات غير الرسمية، في ظل غياب شبه دائم لمبادرات الدولة، أطلقت جمعية Solidarity عصر أمس، القرية الميلادية خلف كنيسة مار مخايل الاشرفية، والمستمرة فعالياتها لغاية الأربعاء 23 كانون الأول المقبل، ما بين الساعة الخامسة عصراً والساعة العاشرة مساء، مع الالتزام بكل التدابير الوقائية من فيروس كورونا، إذ أرادت الجمعية أن تذكر الناس بالمعنى الحقيقي لعيد الميلاد، وأن تعيد البسمة لوجوه الأطفال وفرح الميلاد للأهالي الذين تضررت منازلهم بسبب انفجار مرفأ بيروت.


إنطلق المهرجان بمباركة المطران بولس عبد الساتر لمغارة القرية الميلادية، بمشاركة رئيس عام ​الرهبانية اللبنانية المارونية​ قدس الأب العام ​نعمة الله والسفير البابوي جوزيف سبيتاري ومجموعة من الآباء، وكانت كلمة افتتاحية للإعلامي يزبك وهبة عرّف من خلالها بالحفل ورحب بكل الحضور.
فرحة كبيرة لا يمكن اختصارها بكلمات، أغنيات وترانيم ميلادية قدمتها جوقة جامعة الروح القدس الكسليك، التي من بين أعضائها إيليا فرنسيس، جيلبير رحباني، رفقا فارس، رالف عصفور ولينا فرح غاوي، الذين رنموا وغنوا الميلاد، وعشرات البابا نويل تنقلوا بين الأولاد والأهالي الذين حضروا، فغنوا ورقصوا معهم، إضافة إلى المأكولات والمشروبات اللذيذة التي تم تقديمها مجاناً لكل الناس الذين حضروا، فكانت أجواء من الألفة والمحبة بين الجميع، جسدت روح التضامن التي تشدد عليها جمعية Solidarity.

موقع "الفن" الذي كان حاضراً في هذا المهرجان الضخم، عاد بهذه الكلمات الخاصة.

رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب طلال هاشم قال :"Solidarity مؤلفة من الرهبانية اللبنانية المارونية والمؤسسة المارونية للانتشار ومؤسسة جيلبير وروز-ماري شاغوري، ولأن الرهبانية اللبنانية المارونية هي شريكة في Solidarity، أحبت جامعة الروح القدس أن تشارك في هذا المهرجان الذي يقام لسكان بيروت، لأننا أردنا أن ينطلق المهرجان بشيء مميز، إن كان لناحية عيد الميلاد أو لناحية تقديم عمل فني ذات جودة عالية وفيه فرح، فقررنا أن نشارك من خلال الجوقة التي يهتم بها خريجو الجامعة مع الطلاب الحاليين، وهذه الجوقة تقدم الأعمال الفنية العصرية بالأكثر، وتتابع السوق الموسيقية ذات الجودة، والجامعة تكفلت بمصاريف مشاركتنا في هذا المهرجان، وذلك لندعم Solidarity وسكان بيروت".
وعن أهمية رسالة الفن في هذه الظروف، قال :"من الكليات التي تأسست عليها جامعة الروح القدس، كلية الموسيقى، إنطلقت بالتطور الذي حدث على الصعيد الليتورجي والماروني والطقسي، لتعمل وتحقق الموسيقى العالمية الراقية، ولدى كلية الموسيقى، عدا عن رسالتها لطلابها، رسالة للمجتمع لتقدم للناس الموسيقى الجميلة والتي ترفّه عنهم، والتي هي بنفس الوقت، موسيقى تثقيفية وذات مستوى".
وعن أن هناك بعض الفنانين الذين تخرجوا من جامعة الروح القدس ولكنهم لم يحققوا نجومية، علق قائلاً :"هذا ثمن الموسيقى الراقية، لأنه ولسوء الحظ، التسويق الموسيقي يهدف إلى الربح أكثر مما يهدف إلى الثقافة".
وختم الأب هاشم قائلاً :"يجب أن نبقى متضامنين مع بعضنا بعضاً رغم كل شيء، ومن يستطيع المساعدة فليساعد، ولأننا مسيحيون ولأننا مؤمنون، سننتصر على هذه المرحلة الصعبة".

محافظ بيروت القاضي مروان عبود، قال لموقع "الفن" :"بقدر ما كان الوجع والحزن كبيرين، ولد الأمل، ونزلت الجمعيات إلى الأرض واشتغلت، أما كدولة، فلم تكن لدينا القدرة على أن نساعد بسرعة وبقوة، ولكني شخصياً، ومنذ اللحظة الأولى، احتضنت الجمعيات التي سارعت إلى مساعدة المتضررين من الانفجار، وتعاونت معها، وبدعمنا استطاعت الجمعيات أن تعيد أكثر من 50 بالمئة من الناس إلى منازلهم، واليوم نجحت Solidarity، من خلال هذه القرية الميلادية، في إعادة الأمل والفرح إلى أهالي بيروت. أتمنى أعياداً مجيدة للجميع، ولبنان لا يموت".

رئيس جمعية Solidarity شارل الحاج قال :"فكرنا بإنشاء جمعية Solidarity حين بدأت الأزمة السياسية والأزمة الإقتصادية العام الماضي، ومن الطبيعي أن نكون إلى جانب أهالي بيروت، وخصوصاً بعد فاجعة الانفجار الذي ضرب مرفأ المدينة وقتل وشرّد الأهالي، ودمر المنازل، نحن هنا اليوم لنذكر كل العالم بأن بيروت لا تموت، وتحديداً في هذه المناسبة، ولادة مخلصنا يسوع المسيح، الذي هو أمير المحبة والسلام في العالم".
وأضاف :"نحن نحاول، قدر المستطاع، أن نزرع روح التضامن بين الناس، ونعدهم بأننا وكل الذين يعملون معنا، سنبقى متضامنين مع أبناء بيروت، ويجب على كل اللبنانيين أن يبقوا متضامنين مع بعضهم البعض، إن كانوا مقيمين أو مغتربين".

عضو جمعية Solidarity الدكتور كارلا الحاج قالت :"إنطلقت الجمعية في كانون الأول 2019، وكان الهدف تقديم مساعدات غذائية للعائلات المحتاجة، بدأنا بخمس آلاف عائلة، وزاد الطلب، فقدمنا المساعدات إلى 15 ألف عائلة، وتعاونا مع الرهبانية اللبنانية المارونية لتوزيع الحصص الغذائية، وبعدها إنتشر فيروس كورونا، جلبت الجمعية أجهزة التنفس الإصطناعي ووزعت 22 آلة على سبعة مستشفيات وللجيش اللبناني".
وأضافت :"وبعد إنفجار بيروت، اضطرت الجمعية لتساعد أكثر العائلات التي كانت أساساً تساعدها من الناحية الغذائية، كان عدد العائلات في بيروت 300، وساعدتها الجمعية في ترميم منازلها المتضررة جراء الانفجار، وحالياً توسع العمل على ترميم المنازل المتضررة وأصبح العدد حوالى 750 منزلاً، وهدفنا أن نصل إلى ترميم ألف منزل".