سمراء الشاشة، التي سطع نجمها في الأربعينيات والخمسينيات، وإمتدت مسيرتها الفنية مع الألفية الجديدة، ليصبح إسم الممثلة المصرية مديحة يسري ضمن أهم نجمات زمن الفن الجميل.

الميلاد والنشأة
ولدتمديحة يسرييوم 3 كانون الأول/ديسمبر عام 1921 في مدينة القاهرة، وإسمها الحقيقي غنيمة حبيب خليل، وهناك من يؤكد أن إسمها الحقيقي هو هنومة وليس غنيمة، وتعلّمت بمدرسة التطريز في شبرا، وحصلت على شهادة الإبتدائية.

إعلان في مجلة ورفضت حب العقاد لها
كانتمديحة يسريتهوى التمثيل، فنشرت صورة لها في إحدى المجلات الفنية المتخصصة في عام 1939، والتي قدمتها كوجه جديد يصلح للسينما، ووقتها شاهد صورتها الكاتب والمفكر المصري عباس العقاد، الذي وقع في حبها من الصورة وبحث عن الشخصية، حتى تعرف عليها وأقام لها مكتبة خاصة لتثقيفها، وكانت تبلغ من العمر 18 عاماً، وهو تجاوز الخمسين، لكنها رفضت هذه العلاقة، لرغبتها في التركيز بدخولها عالم التمثيل.
وحين وقعت للمشاركة في أول عمل لها ثار العقاد عليها، فما كان منها إلا أن أصرّت على موقفها، وقد إبتعد عنها حين علم بخبر إرتباطها بالفنان والمحلن محمد أمين.



من كومبارس لنجمة كبيرة
بدور صغير وصامت في فيلم "ممنوع الحب" قدمها المخرج المصري محمد كريم، الذي إكتشفها للمرة الأولى أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب، وذلك في عام 1942، وفي الفترة نفسها حصلت على فرصتها في البطولة، فشاركت في بطولة فيلم "أحلام الشباب" أمام الفنان فريد الأطرش، وبعدها بعام قدّمت "يسقط الحب" و"العامل" وإنطلقت نحو البطولة والنجومية في الأربعينيات، وقدمت أفلام "تحيا الستات" و"ابن الحداد" و"قبلة في لبنان" و"شهر العسل" و"الفنان العظيم" و"الجنس اللطيف" و"غرام بدوية" و"رجل المستقبل" و"أرض النيل" و"القاهرة بغداد" و"أسير الظلام" و"أزهار واشواك" و"ابن عنتر" و"رجل لا ينام" و"المستقبل المجهول".



ثنائي سينمائي مع عماد حمدي ومحمد فوزي
شكّلت مديحة يسري ثنائياً سينمائياً مع الفنان محمد فوزي، فقدمت معه العديد من الأفلام منها "فاطمة وماريكا وراشيل" و"بنات حواء" و"معجزة السماء" و"نهاية قصة" و"آه من الرجالة" و"من أين لك هذا"، ومع عماد حمدي أيضاً قدمت العديد من كلاسيكيات السينما المصرية، ومنها "أني راحلة" و"وفاء" و"أقوى من الحب" و"حياة أو موت" و"أرض الأحلام".

أم لعبد الحليم حافظ وسعاد حسني ونبيلة عبيد
في فترة الستينيات إستطاعتمديحة يسريأن تحقق نقلة نوعبة، فقدمت شخصية الأم في العديد من الأعمال أيضاً، وأشهرها دورها في فيلم "الخطايا"، الذي جسدت فيه والدة عبد الحليم حافظ، كما جسدت دور والدة نبيلة عبيد في فيلم "خطيب ماما"، ووالدة سعاد حسني في فيلم "العريس يصل غداً".



أفلامها
من أشهر أفلامها أيضاً "ياسمين" و"لحن الخلود" و"خالد بن الوليد و"وفاء للابد" و"الساحرة الصغيرة" و"الحب المحرم"، وفي فترة السبعينيات إستمرت مديحة يسري بأفلام ومنها "خلي بالك من جيرانك" و"خائفة من شئ ما" و"مع تحياتي لأستاذي العزيز" و"الأقوياء" و"العرافة"، وفي الثمانينيات شاركت في أفلام "من يطفئ النار" و"لا تسألني من أنا" و"الخادمة" و"الكف" و"الصبر في الملاحات" و"أيوب"، وفي التسعينات شاركت في "الإرهابي" و"الرقص مع الشيطان" و"الفرح" .

الدراما التلفزيونية
شاركت مديحة يسري في العديد من الأعمال الدرامية، ومنها "رحمة" و"الباقي من الزمن ساعة" و"لؤلؤ وأصداف" و"وداعا يا ربيع العمر" و"هوانم غاردن سيتي" و"صباح الورد" و"طائر في العنف" و"يحيا العدل" و"قلبي يناديك".

تزوجت من 3 فنانين وشيخ صوفي وتعرّضت للخيانة
تزوّجت مديحة يسري 4 مرات، الزواج الأول كان من الفنان والملحن محمد أمين، وقد أنشأت وقتها شركتها للإنتاج السينمائي وأنتجت وقتها العديد من الأفلام، منها "أحلام الحب" و"غرام بدوية" و"الجنس اللطيف"، وبعد إنفصالهما كان الزواج الثاني من المنتج والفنان أحمد سالم، ولكن أيضا تم الإنفصال بينهما.
الزواج الثالث كان من الفنان محمد فوزي، الذي إلتقت به للمرة الأولى أثناء تصوير فيلم "قُبلة"، وكانت تشارك في بطولته مع محمد فوزي وأنور وجدي في عام 1945، وتم الإرتباط بينهما ثم الزواج، الذي أثمر عن المشاركة في أفلام عديدة، بالإضافة الى مشاركتها في إنشاء شركته "مصر فون"، وأنجبت منه إبنتها وفاء، التي ولدت غير مكتملة النمو وتوفين بعد ذلك، وإبنها عمرو محمد فوزي.
وقالت مديحة يسري عن محمد فوزي في حوار لها، إنه كان شخصاً مرحاً لا يعرف الحزن، وكان شديد الذكاء فنياً.
وعلى الرغم من أن الإنفصال تم بالتراضي، لكن أُشيع أن السبب هو دخول إمرأة أخرى في حياة محمد فوزي، فما كان من منها إلا أن طلبت فقط الإحتفاظ بإبنها في حضانتها، وبقيت حريصة على علاقة الود والصداقة بينهما، ووقفت إلى جانبه أثناء تأميم شركته، وأيضا في أزمة مرضه.
الزواج الرابع والأخير، كان من شيخ الطريقة الحامدية الشاذلية الصوفية إبراهيم سلامة الراضي.



قُبلة لعماد حمدي تسببت في خلاف مع محمد فوزي
أثناء تصوير فيلم "أني راحلة" كان هناك قُبلة من المفترض أن تجمع بين مديحة يسري، وبطل الفيلم عماد حمدي، ولكن محمد فوزي الذي قرأ المشاهد إنفعل على مخرج الفيلم عز الدين ذو الفقار، وهدده بخسارة صداقته للأبد، وسيتصرف في حال تمت هذه القُبلة، وبعد ذلك إضطر المخرج إلى حيلة سينمائية، فوضع جذع شجرة بين مديحة وعماد لينهي المشهد من دون قُبلة حقيقية.

وفاة إبنها في شبابه
في بداية الثمانينيات توفي إبنها عمرو محمد فوزي، الذي كان بطل للكاراتيه، وهو في الثامنة عشرة من عمره، وقد تسببت وفاته في إبتعادها لفترة، كرست خلالها وقتها للصلاة والدعا وقراءة القرآن له، لكن أصدقاءها ساعدوها في الخروج من هذه الحالة ومواصلة حياتها.

إعتزالها ووفاتها
على الرغم أن أخر أعمالمديحة يسريكان في عام 2004، بمشاركتها في مسلسل "قلبي يناديك"، لكنها أعلنت الإعتزال نهائياً في عام 2012، وبعدها بسنوات وبالتحديد في الثلاثين من أيار/مايو عام 2018، وبعد صراع مع أمراض الشيخوخة، توفيت بمستشفى المعادي العسكري في القاهرة، عن عمر ناهز الـ97 عاماً.

آخر ما طلبته قبل وفاتها
أثناء تواجدها في المستشفى، طلبتمديحة يسريمن مديرة أعمالها أن تحضر لها قراصياً ومشمشية وتين، لإضافتهم على الزبادي الذي تتناوله، كما قالت لأصدقائها في الوسط الفني "هتوحشوني وزيارتكم بتخفف عني".