لاري كينغ الإعلامي المتمرس الذي لُقّب بسيد الميكروفون، بعد تقديمه برنامج "لاري كينغ لايف"، قابل أهم الشخصيات في العالم، تمرد على الواقع وحتى على الدين، وهو شتهر بإلحاده منذ العام 1966.

واجه وصارح وناقش بجرأة، ولكن يبدو ان هناك من استطاع ان يتمرد ويسيطر عليه من خلال صحته بعد التسلل الى رئيته، وكلما نال منهما ازداد انتشار المرض وقلّت سنوات العمر الذي بات يعد بالايام هو الذي يعاني ايضا من مرض في القلب منذ العام 1987، وفي هذا العام أجرى جراحة قسطرة في القلب، ثم اسس لاحقا في حياته "جمعية لاري كينغ الخيرية لأمراض القلب"، لمساعدة عدد كبير من المرضى الأميركيين المحتاجين لإجراء عمليات قلب.

من هو لاري كينغ؟

عمل لأكثر من 65 عاماً في الإعلام المرئي والمسموع، وأجرى حوالى 50 ألف مقابلة، وقدم أكثر من 7 آلاف حلقة إذاعية وتلفزيونية.

ولد لورانس هارفي زايغر، المعروف باسم لاري كينغ يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1933، في مدينة نيويورك لأبوين يهوديين هاجرا من روسيا البيضاء إلى الولايات المتحدة. تزوج ثماني مرات، وله أربعة أولاد وثلاثة أحفاد، ويبلغ من العمر اليوم 85 عاما.

توفي والد لاري كينغ وهو في التاسعة من عمره، مما اضطره إلى إيقاف مسيرته التعليمية، والاكتفاء بالحصول على الشهادة الثانوية من "لافاييت هاي سكول" في نيويورك، والعمل لمساعدة والدته في إعالة أسرته.

البدايات والحلم

كان لاري كينغ يحلم بالعمل في الإذاعة، وتوجه إلى مدينة ميامي في فلوريدا بناء على نصيحة مذيع في قناة "سي بي أس"، وعُيّن في البداية عامل نظافة حتى ابتسم له الحظ بعد استقالة أحد المذيعين فبدأ في التقديم الإذاعي، ونصحه مديره بتغيير اسمه العائلي فاختار لقب "كينغ" قبل لحظات من إعلان اسمه لأول مرة على الهواء في أول مايو/أيار 1957. شهد هذا التاريخ الانطلاقة الحقيقية له، فبعدما قدم فقرات موسيقية ونشرات أخبار ورياضة في الإذاعة الصغيرة في ميامي مقابل 55 دولارا أسبوعيا، بدأ منذ العام 1978 تقديم برنامج حواري حول قضايا مثيرة للجدل في إذاعة "Mutual Radio Network" أثارت انتباه تيد تيرنر، مؤسس قناة "سي أن أن " الذي جلبه إلى المؤسسة.

وشهدت هذه الانطلاقة بداية انطلاقة مذيع حقق العالمية وقدم اهم الاعمال والبرامج التي لاقت متابعة منقطعة النظير وخصوصا برنامجه على شاشة CNN ، حيث عمل 35 عاما، الى ان اعلن تقاعده في العام 2010. الا انه في العام 2012 اطلق سلسلة جديدة من الحوارات على الإنترنت تعرضها عدة قنوات فضائية.

أكثر من وسيلة إعلامية طلبت من لاري كينغ أن ينتقل الى العمل لديها، وأن ما من برنامج آخر إستطاع أن ينتزع من برنامجه نجاحه، وتميّزه بين البرامج من نوعه.

من اهم الشخصيات التي قابلها، العاهل الأردني الراحل الملك حسين، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وعدداً من رؤساء أميركا كجون كنيدي وريتشارد نيكسون وجورج بوش، الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشيف والبريطاني توني بلير والروسي فلاديمير بوتين، والإيراني السابق أحمدي نجاد، والجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا.

الزواج والثروة في حياة لاري كينغ

تزوج 8 مرات من 7 نساء بحياته، آخرهن في العام 1997 واسمها Shawn Southwick وهي معروفة كممثلة ومغنية ومقدمة برامج تلفزيونية، وتصغره بأكثر من 25 عاماً له 5 أبناء، له منهم 9 أحفاد.

يعتبر الصحفي الأعلى دخلا في تاريخ صناعة الإذاعة والتلفزيون في العالم، إذ كان يتقاضى مرتبا سنويا بقيمة 15 مليون دولار، كينغ، الذي قُدرت ثروته في العام 2010 بأكثر من 140 مليوناً من الدولارات،إضافة الى حصوله على امتيازات أخرى تشمل استخدام طائرة خاصة لتسهيل تنقله بين منزله في نيويورك ومكان عمله في لوس أنجلوس. كما ظهر في عدد من الأفلام والبرامج التلفزيونية الإستعراضية، وجسّد بصوته عددا كبيرا من شخصيات أفلام كرتونية شهيرة.

مميزاته

يتميز لاري كينغ بأسلوبه المباشر والواضح في طرح الأسئلة، كما أنه اشتهر بحمّالات البنطلون التي يعتمدها في كل اطلالاته حتى باتت تقترن مباشرة به، وحين يُذكر اسمه تتبادر مباشرة الى الاذهان الاطلالة بحمّالة البنطلون!!

مع أن تحصيله العلمي كان قليلاً، وأجره الأسبوعي ببداية عمله كان 55 دولاراً، وسط عوز مستمر، إلا أنه ثابر ونجح وأصبح من المشاهير والأثرياء والمميزين، ومن اكثر الشخصيات الاعلامية دماثة وزخما وحضورا أربك ضيوفه من أرقى وأهم شخصيات العالم، اذ انه من المعروف ان اهم الاعلاميين يشعرون بثقل المسؤولية وبعض الرهبة عند الظهور الاعلامي مع ضيوفهم، الا ان مع لاري كينغ الضيوف هم من يرتبكون خوفا من اسئلته وصراحته التي لا حدود لها ولا مسايرة لأحد مهما كَبُر شأنه.

المؤلفات.. الجوائز والاوسمة

أصدر لاري كينغ العديد من المؤلفات، منها كتاب "أميرة الناس" حول أميرة ويلز الراحلة ديانا، و"رحلتي المميزة"، و"لماذا أحب لعبة البيسبول" بالاشتراك مع جولي ماكرون، إضافة إلى كتاب "كل شيء يمضي: ماذا تعلمت من الخبراء والسياسيين والرؤساء" بالاشتراك مع بات بيبر.

حصل على جائزة "بيبودي" Peabody awards مرتين عاميْ 1982 و1992، وعشر من جوائز "كبيل إي سي"، وتوّج نجما في "ممشى المشاهير بهوليوود، ووصفه الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه "أحد عمالقة البث التلفزيوني"، كما استطاع أن يحقق رقما قياسيا في موسوعة غينيس لإصداره أطول برنامج حوارات.

رحيله الصادم

توفي ​ لاري كينغ ​ يوم 23 كانون الثاني/يناير عام 2021، عن عمر ناهز 87 عاماً، بعد أن تم نقله إلى أحد مستشفيات لوس أنجلوس، بسبب إصابته ب​فيروس كورونا​.

وكان لاري كينغ مصاباً بداء السكري من النوع الثاني، كما أُصيب بسرطان الرئة وتعرّض لأزمات قلبية عديدة وذبحة صدرية، ناجمة عن إنخفاض تدفق الدم إلى القلب.

ونعاه عدد كبير من الإعلاميين والفنانين حول العالم، منهم أوبرا وينفري ، التي كتبت: "كان من الممتع دائمًا الجلوس على طاولتك. واستمع لقصصك. شكرا لك لاري كينغ".

وأيضاً النجم أندريا بوتشللي ، الذي كتب: "سيكون في الجنة، يجري المقابلات مع الملائكة، هو صاحب الشباب الأبدي، تمامًا كما كان طوال مسيرته الطويلة. أتذكر بمشاعر وعاطفة لاري كينغ، ملك البرامج الحوارية والوجه الأسطوري لشبكة CNN، وهو شخص رائع كان لنا شرف لقاءه والترحيب به كضيف في إيطاليا قبل بضع سنوات.. لقد اجتمعنا عدة مرات، من خلال صديقنا المشترك محمد علي، الذي كان لاري يعرفه منذ أولمبياد روما، وقد قارنني ذات مرة بتلك الأسطورة الرياضية - وهو كرم غير مستحق تمامًا من جانبي - واحد بقبضتيه ، الآخر بصوته.. صحفي عظيم ورجل طيب أحب الحياة بعمق".