أفلحت المرأة في فرض نفسها عنصراً أساسياً في المجتمع قادراً على منافسة الرجل في مختلف الميادين، ومن خلال حصدها أهم المراكز، رسّخت معادلة عدم تهميشها، فجابهت القيود التي ما زالت تواجهها، لتثبت أنّ خلف رقّتها قوّة إبداعية تنافس الرجل.

تحت عنوان "تمكين المرأة هو تمكين الأمم: الجرأة للتغيير"، افتتح وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان احتفال يوم المرأة العالمي الذي نظمه بيت الأمم المتحدة في بيروت فلفت الى أنّ "ما نشهده من مسائل إنسانية لها بعد سياسي واقتصادي، وترتبط بالمأساة التي نشهدها يومياً في زمن التحولات الكبرى في المنطقة".

وذكّر بأهداف وزارة الدولة لشؤون المرأة، معددا أولويات إنهاء التمييز ضد المرأة وتعزيز دورها في صنع القرار والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، وإنهاء كل أشكال العنف ضد النساء، ومساندة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في سبيل تعزيز حقوق المرأة. وإذ أمل تحقيق الأهداف المرجوة، جدد القول: "أنا رجل أحلم. وقد أنعم علي الله بالكثير مما تمنيته".

وأكد أنه سيواظب في المطالبة بالكوتا لمرحلة إنتقالية "لقناعة راسخة بأهمية وجود المرأة في مناصب سياسية في الحكومة والمجلس النيابي، ليس فقط في وزارات لها طابع إداري أو لها علاقة بالمرأة بل في وزارات سيادية كالدفاع والمال".

وشدد على أنه يطالب بالكوتا لمرحلة إنتقالية لأنه يؤمن بأن "المرأة التي أعطت الكثير للوطن ولها إنجازات كثيرة ونجاحات وتتمتع بطاقة فكرية وأكاديمية وأثبتت حضورها المتميز في المجتمع، تشكل قيمة مضافة لكونها ثروة بذاتها".

​​​​​​​بدورها، ألقت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة الأمينة التنفيذية لـ"الاسكوا" الدكتورة ريما خلف خطابها الأخير من على هذا المنبر، قائلة: "إنّ إنجازنا الحضاري مرهون بقدرتنا على منع التآكل الزاحف على مبادئ وقيم، مثل العدل والمساواة وعدم التمييز، ارتضيناها لأنفسنا وأسّسنا عليها شرعتنا الدولية. وإن كان التدهور المادي مؤلماً الى حين، فما يحدثه السقوط الأخلاقي من دمار للبلدان والمجتمعات لا يُشفى بعد حين، بل يأتي على أسس العيش المشترك ومقوّمات استمراره".

ثم اعتلت الفنانة ماجدة الرومي المسرح، فضمّت صوتها الى جميع من علت أصواتهم، كي يطالبوا بجرأة، بتغيير الظروف الحياتية الصعبة التي تعانيها ملايين السيدات العربيات على امتداد الأرض العربية كلها.

​​​​​​​وهنا جاء في كلمتها: "أعتقوا المرأة وأطفالها وعائلتها من بؤر الفقر والجهل والأمية، تكونوا بذلك تخططون لقيام دول أقل إجراماً وحروباً. ثقفوا المرأة وعلّموها وشرّعوا لها أبواب المدارس والجامعات. ضعوا قوانين تحمي المرأة نفسياً وجسدياً من كلّ عنف وذلّ، تكونوا بذلك تقطفون من سكينة قلبها أجيالاً على صورتها مؤهلة لكلّ تغيير واعد في كلّ ميادين الحياة".

وختمت: أيُجنى من الشوك عنبٌ ومن العوسج تينٌ؟ من له أذنان فليسمع، ولنسع معاً جميعاً كي تكون الشجرة طيّبة إن كنّا نرجو لأوطاننا الثمار الجيدة".

بعدما قدّمت رائدة طه عرضاً مسرحياً مقتطفاً من تأليفها تحت عنوان "ألاقي زيّك فين يا علي" وهو من إخراج لينا أبيض يسلّط الضوء على حياة المرأة الفلسطينية المناضلة، التي خسرت زوجها "علي" في الحرب، تعيش مع أولادها في لبنان، وكلّ ما يعانونه من مشاكل حياتية يومية، فمرّرت رسالة واضحة الى معاناة الشعب الفلسطيني في لبنان، إن من قبل المجتمع أو من خلال التعاون مع منظمة الأمم المتحدة.

واختتمت الفنانة أميمة الخليل الحفل بأغنيتين مميزتين ورافقها على البيانو هاني سبيلي. وقالت في حديثٍ خاصّ لموقع الفن: "المرأة مخلوق قويّ جداً، لكن إبعدوا شركم عنها، فالقوانين الموضوعة لا تحميها لأنها لا تصبّ في خدمتها".

وعن أهمية الرجل في حياتها كامرأة، تقول: "طبعاً فالرجل مهم جداً في حياة المرأة كما هي مهمة في حياته، هما جنسان مكملان لبعضهما البعض ومن هذا المنطلق أعتبر نفسي محظوظة بالرجال الذين يحاطونني".

وكان لنا فرصة لقاء الممثلة عايدة صبرا التي كانت متواجدة بين الحضور فاعتبرت أنّ "المسرح مهمّ جداً لإيصال قضايا كثيرة فهو مرآة للمجتمع، إضافة الى دور التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي في نقل الرسائل وتسليط الضوء عليها، معتبرة أنّه من المعيب أن نكون في عصرنا هذا والمرأة لم تأخذ حقها بعد رغم أنها تشكل نصف المجتمع، وقالت: "أعطوا المرأة حقوقها وخذوا ما يدهش العالم".

أما الإعلامية ديما صادق فقالت في هذه المناسبة لموقعنا: "عقبال كلّ سنة ونحنا حرين بعقلنا وجسدنا وتصرفاتنا، ويكون عنا كامل الحرية على كل معتقداتنا وآراءنا والأهم على جسدنا".

وكانت الممثلة تقلا شمعون قد قدّمت الحفل، وتحدثت عن أهمية المرأة ودورها في المجتمع في حديثٍ خاصّ لموقع الفن فقالت: "لا شكّ أنّ التمثيل بشكل عام قادرٌ على إيصال رسائل مهمة لدعم المرأة لكن محلياً هناك محاولات لتسليط الضوء على قضايا المرأة وأبرزها العنف، إلاّ أننا نعاني من معضلة كبيرة قد غفل عنها التمثيل وتطال بعض مسلسلاتنا، حيث يتمّ إظهار أنماط نسائية معيّنة للوطن العربي ليست صورة حقيقية عن المرأة اللبنانية".

واعتبرت أنّ حرية المرأة التي تتحدث عنها المسلسلات اللبنانية هي ليست بالحرية المسؤولة فترتكز على اللباس الجريء والأعمال غير المحترمة لشخصها، ناهيك عن القيام بحركات جريئة يطلبها الرجل لإثارة غرائزه كمشاهد، بل المرأة اللبنانية هي تلك المثقفة التي تحب عائلتها، وتجتهد في حياتها، تحبّ العلم وتتبوأ مراكز اجتماعية. هي ليست سلعة مثيرة، وهي ليست كما تظهرها الدراما ووسائل الاعلام.

وحيّت كلاً من وزيري الاعلام والعدل على خطوة منع نشر كليب ميريام كلينك المسيء للمرأة اللبنانية، داعية وسائل الاعلام الى الابتعاد عن برامج الترفيه والابتذال والتسلح بالثقافة والاحترام.

​​​​​​​كما قام المشاركون من دبلوماسيين وإعلاميين وفنانين بكتابة كلمات معبّرة من وحي المناسبة على لوحة وضعت على مدخل بيت الأمم المتحدة على أن تعرض في ما بعد بين الأعمال الفنية المهداة الى مقرّ الإسكوا.

​​​​​​​

​​​​​​​