شاعر لبناني مبدع في كل الحالات.

نصوصه الغنائية كتلة أحاسيس تتأرجح بين الرومانسية والوطنية والغزل . اسلوبه خاص ومميز يعكس بشكل واضح شخصيته. أصبح من السهل التعرف على أي عمل يحمل توقيعه. نجاحاته الكثيرة تضعه في مراتب متقدمة بين شعراء الأغنية اللبنانية، خصوصاً ان تعاوناته ونجاحاته مع نجوم الصف الاول كثيرة. الشاعر مارسيل مدور تحدث في لقائه مع موقع "الفن" بكل وضوح وشفافية عن الأغنية اللبنانية والوسط الفني، كاشفاً عن امور كثيرة يحضرها للفترة المقبلة .

الشاعر مرسيل مدوّر أهلا وسهلاً بك .

أهلا بكم.

قدمت في الآونة الاخيرة باقة من الأعمال الغنائية الناجحة جداً. فهل تشعر بأنك اليوم أمام اختبار لتقديم عمل أجمل ومختلف ؟

لا يمكنك كشاعر ان تقول لأي فنان لم يعد لدي أي عمل جديد لك. عليك دائماً ان تعرض عليه أعمالاً جديدة واجمل من التي سبق وتعاونت فيها معه. لتبقى محافظا على مستواك وليبقى للفن قيمة ولتستمر انت في هذه المسيرة الفنية. وبالتالي تصبح المسؤولية أكبر عليك.

لنتحدث قليلاً عن الكتابة، هل تنتظر أن تأتيك الأفكار لكي تكتب نص الأغنية أم انك تخصص يومياً ساعات من العمل على كتابة النصوص ؟

الأمران خطأ بالنسبة للشاعر، فهو يأخذ الوحي والالهام من كلمة شعبية قد يسمعها أو حياة أشخاص يعرفهم أو أصدقاء...يبني عليها مقترحات فكرة أغنية بالاضافة إلى تصوره وخياله. الأغنية يجب أن تصل للناس وتؤثر فيهم . وبعد التمرس والخبرة يعرف الشاعر اتجاه الفنان او الفنانة فيبني على الشيء مقتضاه.

هل تكتب أغانٍ بناء على موضوع يطلبه منك الفنان ؟

أكيد. أغنية الفنان نادر الأتات "نادر ما بقعد من دونها" كتبتها بناء لإسم نادر. كنت انا والفنان عاصي الحلاني بمقهى وعرض علي الفكرة ان نقوم بأغنية على اسم الفنان نادر لأن "اسمه حلو" على ان يقوم هو بتلحينها.

من هم شعراء الأغنية اللبنانية اليوم ؟

لديك طبعاً استاذ نزار فرنسيس، استاذ منير بو عساف، الاستاذ سمير نخلة، مارسيل مدور، فارس اسكندر.. الأغنية صعبة قليلاً. نحن في لبنان منبع الشعراء ولكن كشاعر أغنية الأمر أصعب من الشعر الملقى والزجلي اللبناني.

كنت أعتقد أن كتابة الأغنية أسهل .

ليس كل من كتب يسمّى كاتب أغنية . الأغنية الملحنة الموزونة الممزوجة بالموسيقى صعبة جداً. الكلمة السهلة الممتنعة التي تدخل إلى قلوب الناس، صعبة كثيراً . ممكن أن تغني قصيدة شعر أمام 500 شخصاً ولا يحفظون منها أي كلمة ولكن الأغنية اذا لم يحفظها الناس لا تنجح ولا تصل إلى أي مكان .

نسمع أحياناً بعض النصوص التي نعرف فيها كلمات القافية قبل ان نسمعها وكأن الكلمات الجديدة إنتهت .

طبعاً يوجد كلام جديد ولكن يجب أن ترى من كتب الأغنية. وأعتقد أن الأسماء التي ذكرتها، وأوجه لها التحية، كلهم أستاذة ولا يقعون بالتكرار. جلّ من لا يخطئ ، فقد يمر الأمر في أغنية بالهفوة ولكن كلهم اساتذة وتعاملوا مع اهم الفنانين. فأنا تعاملت مع نجوى كرم، عاصي الحلاني، نانسي عجرم، امل حجازي، هشام الحاج، وأمينة وشيرين...انا اعتبر انني تعاملت مع نجوم الصف الأول ولا اعتقد ان هؤلاء الفنانين لديهم ضعف اختيار او قلة سمع ليختاروا كلمات مكررة.

بما أنك ذكرت تصنيف الفنانين، عندما تكتب الأغنية هل تحدد الفنان الذي ستعرضها عليه ، اكان من الصف الأول مثلاً او موهبة شابة ؟

الشاعر يتمنى دائماً أن يعطي نجوم الصف الأول. مهما اعطيت أغانٍ لنجوم الصف الأول تتمنى دائما أن يكون تعاونك معه لأنك تعتبر الأغنية كإبنك وعادة يكون نجوم الصف الأول لديهم القدرة على تصوير الأغنية ودعمها وايصالها وهذا يسعد الشاعر.

اذا هل ترفض اعطاء الأغاني للمواهب الشابة ؟

أبداً، لدي 250 أغنية لفنانين شباب ليسوا معروفين وأنا لا آسف على ذلك بل أقف إلى جانبهم وأراعيهم بسعر الأغنية ولا أفكر معهم بطريقة مادية. "الصوت الحلو ما فيك تقلو لأ".

ذكرت تعاونك مع بعض الفنانين العرب ، كشاعر لبناني هل أنت مع الكتابة بالمصري أو الخليجي أو غيرهما من اللهجات ؟

اذا نجح في الكلام .. انا اكتب المصري قليلاً ولكنني لست محترفاً بهذه اللهجة. نجحت بأغنية "مصرية وطبعي قاسي" التي لاقت نجاحاً لافتاً واعطت الفنان هشام الحاج دفعاً كبيراً والجميع يعرف ماذا أحدثت أغنية "بعلبك هيي امي وبيي جبل صنين" على الساحة الفنية. وكتبت في هذه الأغنية المصري واللبناني معاً. استطعت من خلالها أن اترك بصمة. وها انا اليوم كتبت أغنية لمصر ستغنيها الفنانة شيرين. لهذا اعتبر نفسي أنني تركت بصمة حتى قررت شيرين أن تغني مصري من كلماتي.

الا تخشى أن يعاتبك البعض على هذا الأمر ؟ فقد سبق وعاتب الموسيقار ملحم بركات الفنانين الذين غنوا بالمصري بينما نجد اليوم الشاعر والملحن اللبناني يوقع اعمالا مصرية؟

بالنهاية المصريون يتكلمون اللغة العربية وكلمة أحبك تقولها بالمصري "بَحِبَك" وفي اللبناني "بحِبك" وتضل الكلمة مكانها. الأمر الآخر، اذا لم تكن قادراً على التألق في الموضوع فلا تكتبه حتى لو كنت تكتب باللبناني. فالكلمات التي كتبها لأغنية شيرين لا تختلف عن اللهجة اللبنانية :" أرض الحبايب مصرية / مليانة حب وحنية / ترابها بيمشي بعروقي / زي الدم الماشي فيّا". وبالتالي أنا اكتب السهل الممتنع المصري ولكنني بالطبع لن استطيع الكتابة لعمرو دياب وتامر حسني مثلاً إلا اذا ارادا الغناء باللهجة اللبنانية.

بعد النجاحات التي حققتها ، هل أصبحت لديك معايير او شروط للتعاون مع الفنانين كتصوير الأغنية أو وضعها عنوان الألبوم ؟

لا يمكننا ان ندخل في هذه الامور لأنه ليس لدينا أي ضمانة في لبنان، على الأقل بين الشعراء، لتوحيد الاسعار او المحافظة على حقوق الشاعر...يمكن للفنان أن يحصل على أغنية بسعر أقل من التي اعرضها عليه فالله "ما خلقني وكسر القالب"..أنا كتبت أغنية وضربت وغنت لي نانسي عجرم واحلم بأن يكون في ألبومها المقبل عمل من توقيعي أيضاً، وألبوم عاصي الحلاني وصابر الرباعي وغيرهم من الفنانين...كتابة الأغاني الشعرية كأي عمل تجاري وما يختلف انه نابع من احساسنا لذلك تحبه أكثر .. في نهاية الأمر الشاعر فقير وعندما يسمعون انه قام بهذا العدد من الأغاني الناجحة يظنون انه يملك مليون دولار أو 5 ملايين دولار ..

الا يعقل أن يكون هذا المبلغ مع أحد الشعراء ؟

كلا، انا اوجه تحية لكل شعراء لبنان. الشاعر نزار فرنسيس برصيده أكبر عدد من الأغاني ولا أظنه من الأغنياء. اعتقد انه يملك ثروة تساوي ثروة أصغر فنان في لبنان. عندما بدأ نزار كان سعر الأغنية 300 دولار او 500 دولار على ايام ستوديو الفن.

اليوم زدنا صفر على هذا المبلغ فأصبح 4 آلاف دولار و5 آلاف دولار .

صحيح، ولكن كم أغنية يبيع الشاعر في العام ؟ 20 أغنية !؟ يستفيد منها بـ 80 ألف دولار مثلاً ... اما الفنان بحفلة واحد خلال ساعتين يحصل على هذا المبلغ .

انت هل تتنازل عن النص أم تعطي سماحاً بغنائه ؟

أنا أعطي سماحاً . مرت فترة زمنية كنت اعطي فيها تنازلات لشركة روتانا، فكانت تستفيد من كل المردودات المادية للعمل و "تعطيك من الجمل ادنه".

وهل اصبحت روتانا تتعامل اليوم من خلال السماح ؟

لا اعلم لقد مضت فترة لم أعطِ فيها أي عمل لروتانا. هناك عمل جديد للفنانة أمل حجاي ولكنني لا اعرف ما اذا كانت مع روتانا، وهناك أغنيتان في البوم الفنان عاصي الحلاني الجديد ولا اعرف اذا كان لا يزال مع روتانا أيضا".

هل لديك نصوص في الدرج لم تجد بعد من يشتريها ؟

أكيد . ليس الموضوع أنني لا أجد من اعطيه اياه ، ولكن لدي نصوص أخبئها لفنان معيّن اذا تواصل معي مستقبلاً أسمعه اياه. مصلحتنا بالاضافة إلى انها احساس أصبحت تجارة أيضاً.

لمن من الفنانين تحتفظ بنص أغنية له ؟

الفنانة اليسا، الفنان كاظم الساهر، حسين الجسمي وغيرهم .

إلى متى تستطيع أن تصبر على هذه النصوص ؟

انا لا أصبر كثيراً. المشكلة بصلة الوصل بيننا وبين الفنانين. فمثلاً الفنانة نانسي عجرم أسمعها الكلام قبل اللحن احياناً وكذلك عاصي الحلاني، هشام الحاج، طوني كيوان ، فارس كرم...ولكن اليوم من يريد التعامل مع الفنان حسين الجسمي يجب أن يكون هناك ملحن بيننا. لأن القدرة الكبيرة في هذا الموضوع هي للمحلن وليس للشاعر.

لماذا لم يربط اسم الشاعر مرسيل مدور بملحن معين وشكل معه ثنائية ؟

انا رافض الفكرة كلياً . ممكن انجح مع محلن وأفشل مع آخر ، ولكن الأهم التنوع. أنا لا أقيّم الناس، ولكن الجميع يعرف الثنائي الذي شكله الاستاذ سليم سلامة والاستاذ فارس اسكندر وعاشا فترة ذهبية معا. وفي النهاية صار "هيدا يقول أن عملتك والآخر يرد لأ أنا يلي عملتك وما عرفنا مين عمل مين". لا شك بأن كل واحد منهما كان ناجحاً في ملعبه وعندما افترقا لم يعد فارس او سليم قادرين على النجاح بمفردهما.

هل من الممكن أن يكون الفنان سبب الخلاف بين ملحن وشاعر ؟

نعم . في كثير من الاحيان. مثلا يعجب الفنان بكلمات الأغنية وليس اللحن، فيصر على الشاعر أن يعطيه الكلام فيصبح الشاعر غير قادر على الانفصال عن المحلن وفي الوقت نفسه هو بحاجة إلى بيع اعماله.

هل صادفت هذه الحادثة ؟

نعم حصل معي الأمر.

بعد نجاح أي عمل غنائي نلاحظ ان الفنانين الآخرين يتوجهون لطرح عمل مماثل. فأغنية الفنانة نانسي عجرم "من اليوم" هي أغنية أفراح وبعد نجاحها قد يقصدك الفنانون الآخرون لأجل عمل مماثل .

لا يمكنك أبداً ان تكتب نفس الموضوع أو شيئاً قريباً منه. يمكنك ان تنجز عملاً آخر بنفس "ثقل" الأغنية ولكن ليس نفس الموضوع. عندما تصادفني هذه الحالة أسعد كثيراً لنجاح عملي ولكن في ظرف 5 دقائق اكون قد غيّرت رأي الفنان الذي قصدني لأجل هذه الغاية واسمعه نصوصاً أخرى جميلة مختلفة .

بما أننا ذكرنا أغنية "من اليوم" ، كيف تم التعاون مع الفنانة نانسي عجرم وأسمعتها هذه الأغنية ؟

أغنية "من اليوم" سمعتها نانسي للمرة الأولى في كواليس برنامج "أراب آيدول". فأنا قصدت البرنامج برفقة المايسترو باسم رزق ، رئيس فرقتها الموسيقية ، وعندما كنا نجلس في الكواليس أسمعتها الأغنية ونالت اعجابها كثيراً.

ماذا عن الأغنية الوطنية في أرشيفك الغنائي ؟

كتبت للجيش كثيراً وغنى هذه الأغاني هشام الحاج وعاصي الحلاني وزين العمر .. انا الوطن بدمي واحساسي بالوطن كبير. ولدي أغنية مع الفنان كارلوس الحكري وهي أغنية وطنية ستطرح قريبا.

ما هي أعمالك الجديدة ؟

لدي تعاون بأغنيتين مع الفنان عاصي الحلاني ، وأغنية مع الفنانة نانسي عجرم، أغنية مع الفنانة شيرين عبد الوهاب، أغنية مع الفنان طوني كيوان، أغنية مع الفنانة امل حجازي قيد التنفيذ، أغنية مع الفنان فارس كرم وأغنية معروضة على الفنان ملحم زين. لا يمكنني ان أقول لك ان البلد بخير ونحن بخير والعمل بخير. صناعة الفن إلى تراجع.

كلمة أخيرة.

لقد سعدت جداً بهذا اللقاء. الشاعر يسعد كثيرا عندما يجد وسيلة اعلامية تهتم به. كما اوجه تحية للاعلامية هلا المر التي اجتهدت وتعبت وصادفت مطبات كثيرة.