مخرج لبناني صاحب شخصية مميزة ، واثق من موهبته وقدراته لدرجة انه لا يقبل التنازل على حساب عمله.

يعتمد كثيراً على شخصيته القوية لكي يرسم الحدود في علاقته مع الفنانين الذين يتعامل معهم. يحرص على الا يوقع أي عمل لا يليق بإسمه وبموهبته وذلك دفعه إلى الابتعاد عن الفنانين الذين لا يسخون على أعمالهم.

المخرج جورج بو عبدو يعتبر ان الوقت قد حان لكي يطل عبر الاعلام ليتحدث عن عمله واعماله التي نفّذها والتي يحضرها.

جورج زار مكاتب "الفن" وكان لنا معه هذا اللقاء .

أخبرنا بداية عن دراستك للإخراج.
والدي كان يحب التصوير كثيراً ، ومنذ أن كنت بعمر الـ5 أو 6 سنوات تأثرت بالأمر وكان لدي رؤيا للتصوير ، وأحببت هذا العالم ، وباتت هواياتي هي ما بين الصوت والصورة ، وبتّ منذ ذلك الحين أحمل الكاميرا vhs في طفولتي واصور الكثير من الأمور.
وبقيت في تلك الاجواء حتى فكرت بأن اقوم بفيلم في عمر الـ 14 عاماً، مع أصدقائي ، وبالفعل بدأت في خطوة السيناريو ، ويا ليتني ما زلت أملك فيديو الفيلم وهو من نوع الحركة كوني أحب هذا النوع من الأفلام كثيراً .
واستمر الطموح في التبلور في هذا المجال حتى تخصصت في الإخراج وبعدها لاقيت الكثير من الإنتقادات ممن حولي حيث أنهم يعتبرون أنني لن أجد فرص عمل ، كون ليس لدي أحد من عائلتي في مجال الفن .
ومنذ السنة الأولى في الجامعة حين كنت في عمر الـ20 ، قمت بإخراج فيديو كليب للفنان جاد نخلة ، وجاء ذلك نتيجة اتصالي به وطلبي منه ذلك .

منذ متى أنت في سوق العمل ؟
أنا في الثلاثين من العمر حالياً، وفعلياً موجود في سوق العمل منذ 5 سنوات ، وما ساعدني هو أنني طورت خبراتي فعلياً في العمل في الوقت نفسه الذي كنت ادرس فيه المجال . وكل التجارب التي قمت بها منها فشلت ومنها نجحت ، وجميعها كانت بمبادرة فردية مني ، وأستمر دائماً في تطوير نفسي في مجال الفيديو الواسع حيث أن كل يوم هناك تكنولوجيا جديدة.
أحب تجاربي جداً لأنها نابعة من شخصيتي - بإستثناء بعضها التي أعتبرها لا تمثلني - وبت أعرف ما أريد أن اقدمه للمشاهد وما أريد أن يصدر مني ، وبالتالي لهذا السبب قررت أن أتحدث إعلامياً كونه الوقت المناسب لذلك بنظري.

ذكرت انك انت من اتصلت بالفنان جاد نخلة، هل ترى أن المخرج هو من يجب أن يأخذ المبادرة ويتصل بالفنان ؟
أنا لا احب أن أتصل أو أتطفل على أحد ، ولكن يجب أن يكون لدي اعمال تعرض على التلفزيون كي يتعرف عليها الفنانون ومن يريد أن يتعامل معي بطبيعة الحال يكون لديه مادة يتعرف عليّ من خلالها .

خطوتي مع نخلة أصفها بالجريئة لأن البداية في مجال معين تفرض التضحية والتنازل ، وأنا تنازلت بإتصال وكان هناك تجاوب كبير من قبل جاد نخلة وقدمت له عملاً جميلاً وانطلقت من بعدها ومنذ ذلك الحين لم اتصل بأي فنان ، ولكن التقي بمعارفي الفنانين وبطبيعة الحال التواجد في المجتمعات يجلب المزيد من الأعمال .

تتعرض الفيديو كليبات في الفترة الأخيرة للكثير من الإنتقادات نظراً لتشابهها ، أو اعتمادها الإثارة أو تركيزها على الصورة اكثر من الصوت كما ان هناك حرباً بين المخرجين ويتراشقون الإنتقادات ، ما هو برأيك المعيار الذي يجب أن يتبعه الشخص ليكون فعلاً مخرجاً ؟
قصة المخرجين تشبه قصة الفنانين ، أنا لست قادماً لأعتب على أحد أو أنتقد أحداً ، بل اعيش كل يوم بيومه ، فحين يقدم المخرج عملاً يقنع المشاهد به إذا هذا مخرج وفنان ، لا يهمني ما كان عليه المخرج سابقاً.
من ناحيتي انا درست الإخراج وهو هوايتي وبروحي ودمي ، ومن الممكن ان تراني الناس فناناً أو لا، هذا امر هم من يحددونه "يمكن أعمل العمل وما حدا يعجبو ما فيني حددلك إذا انا فنان أو لا" ، غيري ممكن ان لا يكون لديه ما أملكه ويعطي ما هو أفضل مني هذا يعني أنه فنان ومجتهد . وأود أن أذكر أنني ضد الأقوال وأن ننتقد بعضنا ، فيجب أن نساعد بعضنا لنقدم ما هو جميل ، للأسف الأقاويل تحصل ولكن أنا بعيد عن هذه الأجواء وأنفذ ما أريده .


إلى أي مدى يمكن للمخرج أن يكون سيد الفيديو كليب ،في ظل تدخل الفنان في الستوريبورد وتعديله كما يريد وفرض السبونسر على المخرج وفرض ميزانية معينة ؟
من هذا المنطلق تعرف إذا كان الشخص مخرجاً أو لا، كيف ذلك؟ اليوم يجب أن أكون سيد قراراتي ، وكيفما تبدأ في علاقتك مع الفنان من ناحية الإتفاق معه وفرض شخصيتك عليه ، تكمل معه إلى النهاية ، بينما إذا رضخ المخرج لمطالب الفنان كما يريد، يصبح المخرج مجرد عامل تقني ، لا يوجد كلام جدي من الأساس و"كلام رجال" ، وأحياناً ينتهي العمل بسبب ذلك إلى تغيير جذري في المونتاج . بالطبع الفنان أحترمه وأقدره ولكن الفنان هو من يكوّن رؤية لشكله وإحساسه في العمل ، بعد تشاورات مع المخرج ، وليس أن يصل إلى نهاية العمل "ويخبطوا بعضُن" فالفنان حين يريد أن يقدم ما هو مقنع وبناء لست ضد الأمر، ولكن حين نكون متفقين على فكرة الفيديو كليب ليس لديه الحق في التغيير .

ماذا عن السبونسر ؟
السبونسر ليس لديه دخل في قصص هذه الأعمال ،فدوري أن أظهر المنتج بطريقة سليمة وجميلة . ولا بد من الإشارة الى أنه إذا كان منتج السبونسر يخدم قصة الفيديو كليب مثل وضع مجوهرات لفنانة ، بالطبع ليس هناك من مانع في إظهار إسم المنتج لكن بطبيعة الحال أرفض إضطراري إلى إقحام مشهد في الستوريبورد من أجل ان ادخل المنتج في الكليب "ليه بدي إنزع الفيديو كليب كرمال شي مش وارد؟"، وقد حدث الأمر معي مرة حين كان فنان ليس لديه المال طلبت من شركة تاكسي أن تتولى أمر تنقلاتنا وأرفق إسم الشركة في نهاية الكليب ، ولكن صاحب الشركة طلب أن نضع سيارة تاكسي من الشركة في الفيديو كليب ورفضت لأن الأمر ليس في الستوريبورد "الدني مش كلها مصاري ، وين فنك؟ ، راسي بيوجعني إذا أذيت فكرتي".

ما هي الأعمال التي قدمتها سابقاً وأي منها المميزة ؟
صورت للكثير من الفنانين ولا اعتمد التصنيفات التي يتم اعتمادها في مجتمعاتنا كفنان كلاس أ وكلاس ب ، فأتعاون مع كل فنان أرى عملاً جميلاً معه وهو بدوره قريب من القلب والتعامل معه جيد . في رصيدي حوالى 25 فيديو كليب عدا عن الأفلام الوثائقية، ومن بين الفيديو كليبات الناجحة "هيدي قصتنا "لنقولا الأسطا و"لا تسألني ليش" لهاني العمري ، وجورج زغيب "يا ويلي شو حلوي" التي حققت الكثير من النجاح نظراً لتناول الفيديو كليب قصة حب جورج زغيب لفتاة اكبر منه سناً ، ونكتشف بعدها أنه يشاهد مع حبيبته الصغيرة فيلماً سينمائياً ، "لتشوف الصحافة والمشاهدين كيف بيستبقوا الامور" . كما قمت بعمل لجويل سعادة وهو "نوفمبر" وهو رومانسي وحساس يبكي ويفرح ويعطي جميع الأحاسيس في فن راقٍ جداً، وقدمت مواضيع الغوثيك ، فانا أحب أن اتوجه صوب الغرب كثيراً لكن ليس لأنني أريد ان أقلدهم لكن بطريقتي ، انا لا احب أن أدخل في التفاصيل بل أن يلتقطها المشاهد فوراً.

ولكن في الغرب في الكليبات تكون لقطاتهم جمالية أكثر من قصة محبوكة ، ففي غرفة واحدة يمكن أن يقدم أجمل فيديو كليب بينما هنا يلزمنا مساحات وغيرها .
هذا ما أود قوله لك ، فمثلاً في كليب نقولا الأسطا كان هناك نقولا نفسه وفتاة في عالمين مختلفين ويصبحان في مكان واحد ، وتصل الرسالة من خلال تعابير الوجه وليس من خلال السيارات والأكسسوارات وغيرها "ما كتير بيعنولي هالقصص".

إلى أي مدى تتأقلم مع الميزانية التي يضعها الفنان ؟
اختيار نوعية الكاميرات من الأمور التي تقلل من قيمة العمل ، ولكن أنا الكاميرات لدي والرؤيا التي نريد أن نقدمها في الفيديو كليب أقدمها من خلال المواد التي أمتلكها ، وبالتالي "ما ببهدل إسمي" أو لا أتولى إخراج العمل من الأساس، "ما بدي إنزل بعمل رخيص ، شو بدي بالشحادين ، إنت كفنان بتحترم حالك لازم تكون مخصص ميزانية لتنزل للناس بدو يفهم شو يعني فيديو كليب قبل ما يجي لعند المخرج" ، من ناحية اخرى يمكن أن يرضى المخرج مع الفنان بالميزانية كونه يحتاج إلى المال ، وفي النهاية اللوم كله على المخرج وكان عليه منذ البداية ان لا يقبل بالأمر . هذا لا يمنع أنني إذا التقيت بفنان يستحق المساعدة أساعده .

أين تحب التصوير أكثر في الستوديو ام خارجه ؟
لدي تجارب في كل مواقع التصوير ، ولكن حالياً اتوجه إلى الستوديو إذا كنت اريد ما هو virtual وأصور أمور الهولوغرامز الكروما أو الخيال العلمي ، بينما إذا كنت أريد أموراً موجودة كالطبيعة والمباني وغيرها أقوم بالتصوير على أرض الواقع .
الإحساس الخارجي ليس مهماً بل الأهمية تكمن في الإحساس الداخلي من خلال مناسبة الموقع للفيديو كليب ، فمن الممكن أن تناسبني شقة في مكان معين خير من أن أوصل الفكرة في الستوديو وأنا غير مقتنع بها ولم توصل إحساسي .


من هم المخرجون الذين تلفتك أعمالهم على الساحة ؟
يوجد الكثير من المخرجين المجتهدين ، هناك من اسسوا للفيديو كليبات، هناك من اشتهروا واختفوا ، ليس لدي مشكلة المقارنة من ناحية من يتولى إخراج فيديو كليبات أكثر ، "كل واحد بياخد رزقتو"، يمكن أن يقدم المخرج 20 فيديو كليب والناس لا تحب أي منها .

عمل مَن مِن المخرجين تحب ؟
أحب عملي ، وفي الدرجة الثانية أحب اعمال الكثير من المخرجين ، لا أريد التسمية فهم يعرفون أنفسهم ، فهناك من قدموا التجارب ومنهم من قدموا العمل على الأرض ، هناك ناس من الثمانينات حتى اليوم "منّا قدها نحنا لنحكي عنها وما بسمح لحالي إحكي عنا ، في ناس تعبت بحياتها" ولا أريد أن أذكر أحداً ولا أذكر الآخر "وهنّي مش طالبين رأيي ، هنّي أكبر من هيك بكتير".

ما هي مشاريعك الجديدة ؟
أحضر لفيديو كليب أغنية جديدة للفنان نقولا الأسطا ، سأبدأ تصويرها بعد شهر ، وهناك أغنية جديدة للفنان ضومط خوري وهي أغنية رائعة وكل الناس تحبها .

هل تفكر في ترك عالم الكليبات والتركيز على الدراما والسينما ؟
لم أفكر، أنا أعمل عملي ، حين أجد فرصة وأجد أنني متمكن من الدخول فيها أقوم بها، لدي تفكير درامي وسينمائي ولكن "يللي بيضل يستبق الأمور بيكون ما عم يعمل شي ، خلّي كل شي لوقتو ".

كلمة أخيرة.
أشكركم جزيلاً ، أتنمى أن تنقلوا الخبر عن أن الناس أحرار ولديهم حريتهم في العمل بشكل صحيح ، وكل من يريد أن يحطمنا في المجال أفضل ان لا يكون موجوداً في الأساس ، نود العمل بحرية وحب وطموح ، ونعمل يداً بيد "مش كل واحد مطرح وكل واحد يسب التاني".