تابعت كليّة الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة البلمند مؤتمرها في يومه الثاني بعنوان "أثر الإنتفاضات العربية على المواطنة في العالم العربي"، فتضمنّت حلقة النقاش الأولى بحثًا حول موضوع الانتفاضات العربية والدور الذي لعبه الإعلام فيها حيث تحدثت الدكتورة نهوند القادري عن دور الإعلام في الحراك الشعبي على مستوى التمهيد للحراك ومواكبته، وتوقّع ما سيؤوول اليه.

وعرضت دور الاعلام الإنتقائي في تغطية الأحداث بما وصفته "بتفكيك المفتّت" و"الغرق في اللامعنى"، وختمت قائلة بأن سهولة الحصول على المعلومات توازيها سهولة الوقوع في فخ التضليل، مؤكدة أن دور الإعلام في عمليات التغيير لا يمكن قياسه لحظويًا ولا عبر المواكبة السريعة والعاجلة، إنما يُقاس على المدى الطويل.

من جهته، تناول الأستاذ محمد أغاسي مفهوم المواطنة كمفهوم متعدّد الأبعاد حيث ربطه بتكافؤ الفرص والبعد الثقافي المتعلق بحرية العقيدة، واصفًا إيّاه بمفهوم حركيّ. ثم تطرّق إلى توصيف الحراك العربي في علاقته بعملية كتابة الدساتير والأبعاد المختلفة للمواطنة في الدساتير العربية الجديدة، حيث أشار إلى أن نموذج الحالة المصرية لم يشهد تطوراً على مستوى حقوق المرأة لافتًا إلى أنه يمكن اعتبار الدساتير الجديدة خطوة إلى الأمام ولكن غير كافية، مضيفًا بأن الحراك الشعبي هو الضامن الأساسي لحقوق المواطنة.

بدورها، تحدّثت الدكتورة دينا منصور عن تصارع الهويّات في مصر، حيث عرضت كيفية بناء الهويات داخل مصر المرتبط بالمستوى المعيشي والاقتصادي لفئات المجتمع، وبالإهمال الذي عانى منه المصريون مما دفعهم للانتفاض. وختمت قائلة بأن التفاوت في المستوى التعليمي في مصر لم يساعد على توحيد الهويات المتصارعة.

أمّا الدكتورة حسنا الحسين، فتحدثت عن الأشكال الجديدة للمواطنة المتمثّلة في الإنترنت، مستشهدة بإحصاء يبرز نسبة مستخدمي الإنترنت في تونس والمغرب، مشيرةً إلى أن ثقافة الرقابة منتشرة في العالم العربي حيث تعتمد السلطات سياسة السيطرة على الوضع السياسي.

بدوره، عرض الدكتور عبدلله نصرالدين موضوع تأثير أسعار السكن المرتفعة على الحراك في العالم العربي مشيراً إلى أن "الربيع العربي هو نتيجة مجتمع طبقي غير متساوي"، واعتبر أن الوضع الحالي في سوريا ناتج عن سياسة النيوليبيرالية التي لم تؤمّن للطبقة الفقيرة حقوقها الأساسية مشيراً إلى التفاوت في المستوى المعيشي في العالم العربي وإلى غياب دور الدولة في تأمين الحدّ الأدنى من حقوق المواطنين في تأمين سكنهم.

أمّا بحث الدكتور زين الدين خرشي، الذي تلته بالنيابة عنه الدكتورة لور سالم لتعذّر قدومه إلى لبنان، فتضمّن تأمّلات في خطاب الأحزاب الإسلامية حول المواطنة، حيث أشار في بحثه إلى أن خطاب وممارسات هذه الأحزاب يغيب عنه اعتبار المواطنة كأولوية فكرية وسياسية واجتماعية، ما يحول دون التحقّق الفعلي والكامل لفكرة المواطنة لديها.

من جهته، تحدث الدكتور جيوسيبه تاسوني عن الانتفاضات العربية قائلاً إن ما جمع المنتفضين في العالم العربي هو المطالب الاجتماعية والاقتصادية. فبرأيه، أضحت هذه الانتفاضات ظاهرة عالمية أتت كنتيجة الأزمة الاقتصادية كما حصل في عدد من الدول كاليونان واسبانيا.

في الجلسة الأخيرة، تحدث كل من الدكتور جمال بهمد والدكتورة وطفه حمادي اللذين ناقشا تجليات المواطنة في السينما والمسرح. فعرض الدكتور بهمد للدور الذي تلعبه السينما في بلورة المواطنة من خلال عرضه لمقتطفات من فيلم "أنا ومخزني" معبراً عن توق المواطنين للمشاركة بعملية التغيير الديموقراطية عبر انتفاضاتهم.