في إطار تصميم جديد ومبتكر، احتشد عدد كبير من أهالي الطلاب والأصدقاء والأقارب، وانطلقت دورة 2014 لتخرّج طلاب جامعة البلمند في جو احتفالي على أنغام موسيقى قوى الأمن الداخلي.



بمجرّد وصول المدعوين إلى المدخل الرئيسي للجامعة، كانت تستقبلهم لافتة الترحيب بالمتخرّجين وذويهم والأصدقاء. وقد وزّع لكل الذين حضروا الاحتفال كتيّب أنيق يتضمّن، إلى أسماء كل المتخرّجين حسب كلياتهم، فصولاً عن نمو الجامعة طلابًا وأبنية وكليات وبرامج أكاديمية، وتطوّر حركة العمران في حرمها.

فأمام آلاف من الأهالي والمدعوين الذين احتشدوا في الساحة الخضراء من مركز المتروبوليت فيليب صليبا للنشاطات الثقافية والرياضية في حرم الجامعة، يتقدّمهم لفيف من مطارنة الطائفة الأرثوذكسية وأعضاء مجلس أمناء الجامعة، سار 1198 متخرّجًا في اختصاصات مختلفة، تلاهم موكب الأساتذة والعمداء ونوّاب الرئيس والرئيس، بمرافقة موسيقى قوى الأمن الداخلي بقيادة الرائد زياد مراد.


بدأ الاحتفال بدخول موكب الأساتذة والخرّيجين الذين ساروا على أنغام مقطوعات أدّتها موسيقى قوى الأمن الداخلي، إلى أن استقرّوا في أماكنهم. بعد النشيد الوطني، رحّب مقدّم الاحتفال ورئيس لجنة التخرّج، الدكتور أسامه جدايل، بالحضور وطلب من سيادة الأسقف غطّاس (هزيم)، رئيس دير سيّدة البلمند البطريركي، تلاوة الدعاء.

كلمة الخرّيجين لهذه السنة كانت من نصيب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وقد ألقتها الطالبة رزان سعود. وبعد الترحيب بصاحب الغبطة، وأصحاب السيادة، ورئيس الجامعة، والعمداء والأساتذة والحضور، ألقت الطالبة الكلمة الآتية:

"أيها الحفل الكريم نقف اليوم امامكم وقد اجتزنا مرحلة كنا قد وضعناها هدفاً نصب أعيننا منذ سنوات، وكان هذا الصرح الجامعي خير حاضن لطموحاتنا.
دخلنا هذه الجامعة كمجموعة أفراد، أما اليوم فنغادرها كعائلة صغيرة تنضم إلى العائلة البلمندية الكبيرة. دخلنا هذا الصرح طلابا وسنغادره خريجين متعطشين الى المزيد من العلم والمعرفة. هنا تبنينا مبادئ احترام الآخر والمحبة والتزمنا بها، كما مارسنا المواطنة والمشاركة الانسانية القادرة على تخطي كل الصعوبات. وها نحن اليوم، خريجو جامعة البلمند، ننجح بتصميمنا وارادتنا ونضوجنا الذي عززته البيئة البلمندية. نحن حاضرون اليوم ودوماً لدخول معترك الحياة العملية والتميّز فيها.
أيها الحفل الكريم،
نحن الطلاب لمسنا سر نجاح جامعة البلمند في بعدها المشرقي. ويكمن هذا السر في المزج بين العقل والقلب، الأصالة والحداثة، المحافظة على تراث وقيم نفتخر بها، ومواكبة التجدد والتطور. لقد نجحت الجامعة في صقل هذا النجاح النوعي، فلمعت واعتلت أعلى المراتب والتصنيفات.
نشأنا في كنف هذا الجو، وتشبّعنا من تراث وطني مشرقي، وترسّحنا في مواكبة كل جديد يفتح للعقل آفاقا غير محدودة. عرفنا على امتداد سنوات ثلاث معنى الجهد والمسؤولية، فتعلمنا ان نكون منتجين في حقلنا، مؤثرين في محيطنا، محبين للعطاء في مجتمعنا ومشاركين في المعرفة أينما وجدنا.
من هنا، لا بد من كلمة وفاء وامتنان لأساتذتنا الكرام على مساعدتهم واحتضانهم لنا لكي نتفاعل إيجابياً مع هذه البيئة الصانعة للإبداع والتفوق. كما نشكر إدارة الجامعة بمسؤوليها وموظفيها وعمالها على ما يبذلونه من تفانٍ وعمل دؤوب في خدمتنا.
وللذين سهروا على راحة أبنائهم، وصلّوا لأجلهم، وأمّنوا لهم كافة الظروف المادية والمعنوية ليبلغوا الهدف المنشود، أقول : طوبى لكم، وهنيئاً لما صنعت أيديكم.
رفاقي الخريجين.
لحظة التخرج هذه، لحظة فاصلة في حياتنا. عشنا أعواماً طويلة ننهل من منابع العلم ونتزوّد بالمعرفة. أما الآن، آن أوان العطاء للبنان. الآن، أتى دورنا لنرفع مشاعل العلم في وطننا الحبيب ونتطلع الى بناء مجتمع نخبوي قادر على انتشال الوطن من مستنقع الجهل والطائفية والفساد.
لننطلق اذاً كما أرادتنا هذه الجامعة، متسلحين بأخلاقنا و بعزيمتنا، ونقتحم العالم بالانفتاح والمعرفة. فنحن البلمنديين نخبة هذا الوطن، والحق نعرفه.
عشتم، عاشت جامعة البلمند".

كلمة خطيب الاحتفال الدكتور ميشال نجّار، نائب رئيس الجامعة :

"شرفٌ كبير أن أقف أمامكم في حفل تخرّج جامعة البلمند للعام 2014
واسمحوا لي في البداية أن أغتنم هذه الفرصة لأهنئ باسم الجامعة إخوتنا المسلمين خاصّة، واللبنانيين عامّة بعيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا جميعاً بالخير واليُمن والبركات.

كما نتوّجه بالمعايدة للمؤسسة العسكريّة، فنهنئ الجيش اللبناني، قائداً، وضباطاً، ورتباء. ونصلّي أن يحفظهم المولى دائماً سِياجاً وحِصناً مَنيعاً لهذا الوَطن العَزيز.

عندما أُسأَل عن سرّ جَامِعة البَلمند أُجيب فَأقول، إنَّ جَامِعتنا لَيست حِجارة ولا كُتباً ولا طُلاباً وأَساتِذة ولا كُليّات ومُختبرات وأَبنيّة... بَل هِي روحٌ حَيّة نَابِضة تُؤمن بالله والإِبداع وقُوَّة العَقل والإنفِتاح وتُؤمن بأَنَ أَهم كِتاب يقرؤه الإنسان هو وَجه أَخيه الذي هو على صورة الله ومثاله.

هي قصة المدينة التي لا تُخفَى على جبل والنور الذي لا يوضع تحت مكيال، والحق الذي نعرفه فيحررنا، هي قصة جامعة تأسست تحت الوهج الإلهي نتيجة حبٍّ سرمدي بين الروح الطيّبة التي أخالها ترفرف دائماً فوق جامعتنا، روح مؤسس جامعة البلمند المثلـّث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع وبين هذه التلة المباركة التي تحرسها سيدة البلمند. هي قصة المعلم الكبير ابن محردة الذي قال لإبن الكورة الدكتور ايلي سالم: "أترك كل شيء وراءك واتبعني" ففعل ولم ينظر يوماً الى الوراء بل بنى جامعة على مستوى عنفوانه. هي قصة خير خلف لخير سلف: البطريرك يوحنا العاشر ابن البلمند الذي يتابع في خطى المؤسس والذي بعث الحياة بأهم مشروع في جامعة البلمند، اعني مركز جامعة البلمند الطبي... هذا المشروع الصحي الوطني العظيم... الذي كما يقول صاحب الغبطة يقدر الإنسان كروح وكحفنة من ألوهيّة ويتعاطى معه كهدف بذاته، وكإنسانٍ على صورة الخالق عزّ وجل.

البلمند هي قصةُ أولِ جامعةٍ تأسست وبنيت خارج العاصمة في الكورة الخضراء، كورة الخير والسلام والزيتون التي ما تباهى أهلها يوماً إلا بالعلم والإيمان. هي المحبة والتعايش وقبول الآخر وهي جرس دير البلمند يتناغم مع أصوات المآذن في طرابلس والقلمون والكورة. هي قصة العلم الذي ينمو في حضن الإيمان فيزدان بمهابة الله لأنه "في البدء كان الكلمة..." "وسبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا واقرأ باسم ربك الذي خلق". هي مبنى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان يعانق مبنى صليبا، ومبنى إغناطيوس الرابع، ومبنى الزاخم، ومبنى فارس، ومبنى الحريري، ومبنى مارون سمعان، وغيرهم وغيرهم ممن أعطى خميرةً لبناء هذا الصرح العظيم.

هي أنتم العائلة البَلمندية طُلاباً وأَساتِذة وإداريين وعُمالاً في كُلِّ المُؤسسات التي تُوجد فَوق هذه التلَّة المُقدَّسة التي تَغسل قَدَمَها في البحر الذي انطلقَ من شَواطئِه المُعلِّم الأَول، هِي قِصّةُ الذين آمنوا قَبل أن يَرَوا، وهَي كُل ما تقدم وأَكثر.

أيها الخِريجُون،
يُسعِدُنا أن نُهنئَكم اليَوم في هَذا العُرس البَلمندي الكَبير، وأَنتم مَجموعة مِنَ المَصابيح الجَديدة تَنضمُ الى قَافِلة المُتخرِجين مِنْ هَذا الصَرح العِلمي العَظيم. وتذكروا دائماً أنكم ابناء تراث وحضارة تعود الى عمق أعماق التاريخ فكونوا متجذرين في تراثكم لتنطلقوا منه الى الأفق الإنساني الرحب. وتذكروا اولا واخيراً انكم الأمل الواعد للوطن بمستقبل أفضل وأنتم العامل الأهم في تثبيت دولة العدالة والإستقرار في لبنان.
.....
عُشتم، وعَاشت جَامعة البَلمند، وعَاش لُبنان".

إثر الانتهاء من إلقاء الكلمات، بدأت عملية توزيع الشهادات، فتقدّم رئيس الجامعة الدكتور إيلي سالم إلى المنصّة برفقة عمداء الكلّيّات والمعاهد وسلّموا الشهادات لـ1198 طالبًا حسب الترتيب الآتي: معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي (26 خرّيجًا)، الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (289 خرّيجًا)، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانية (85 خرّيجًا)، كلّيّة إدارة الأعمال (125 خرّيجًا)، كلّيّة العلوم (96 خرّيجًا)، كلّيّة الهندسة (360 خرّيجًا)، كلّيّة الصحّة العامّة وعلومها (92 خرّيجًا)، كليّة عصام فارس للتكنولوجيا (43 خرّيجًا) كلّيّة الاختصاصات الطبّيّة (21 خرّيجًا)، كلّيّة الطبّ والعلوم الطبّيّة (61 خرّيجًا).
ولدى تسليم الشهادات لمتخرّجيّ قسم التمريض في كلّيّة الصحّة العامّة وعلومها، والأطباء المتخرّجين من كلية الطب والعلوم الطبية، تُلي تعهّد شرف المهنة من قبل الممرّضين، وقَسَم الأطباء من قبل خرّيجي كلية لطب.


تخلّل توزيع الشهادات فواصل غنائية، أدّت خلالها موسيقى قوى الأمن الداخلي، يرافقهم الفنان غسّان صليبا وجوقة جامعة البلمند للغناء الشرقي، مجموعة من الأغاني التراثية اللبنانية الحماسية ألهبت مشاعر الطلاب والأهالي الذين شاركوا الموسيقى والجوقة غناء وأداء.

وبعد الانتهاء من توزيع الشهادات، منح رئيس الجامعة رسميًّا الشهادة للمتخرّجين، فطارت القبّعات وعلا التصفيق والتهليل والزمامير والألعاب الناريّة، واشتعلت مرّة أخرى قلوب الجميع بالفرح والغبطة فاختلط الغناء بالرقص والدبك، وكان الاحتفال عيدًا بكل ما للكلمة من معنى.

وأخيرًا، على وقع نشيد الجامعة الذي أدّته موسيقى قوى الأمن الداخلي ورافقتها جوقة البلمند للغناء الشرقي، خرج موكب الأساتذة والطلاّب، فالتحم الخرّيجون بالأهالي والحضور، وسادت الفوضى الجميلة التي عبّرت عن فرحتهم وسعادتهم بهذا اليوم المميّز.