ويبقى مسلسل "ع أمل" نجم الأعمال الدرامية الرمضانية لعام ٢٠٢٤، والأكثر مشاهدة وتأثيراً وإثارة للجدل عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

هذا العمل الذي تحول إلى حالة، لا بل إلى ظاهرة، يحثنا من جديد كجسم صحفي، إلى إعادة تقييمه، والتنقيب عن مكونات نجاحه، وقدرته على التأثير في المشاهد اللبناني والمشاهد العربي على حد سواء.
إليكم أبرز نقاط القوة التي جعلت هذا المسلسل في صدارة الأعمال الرمضانية بإمتياز.
أولاً: قصة العمل: أبدعت الكاتبة ندين جابر في تحويل الشخصيات إلى مرآة منسجمة، إلى حد التماهي مع المجتمع الذكوري وسطوة الرجل، ومفاهيم الشرف والعادات والتقاليد وجـرائم الشرف، وخنوع المرأة وهروبها من الماضي، وتمردها وتفوقها ونجاحها. أدركت ندين جابر جيداً كيف تصف هذا الواقع، الذي يتستر بالشرف والتقالي، وقدمته بصورة حقيقية تتماهى كثيراً مع الواقع.

ثانياً: الثقة: مما لا شك فيه أن عامل الثقة بين الكاتبة ندين جابر والنجمة ماغي بو غصن، شكل نقطة تحول في إنجاح العمل، وتقديمه على هذا النحو من الإحتراف. ماغي التي تحترم قلم ندين وتميزها، لم تتدخل يوماً في تبديل ولو حتى كلمة واحدة في النص، ولأنها تدرك أن ندين ستفصل لها الدور الذي يليق بها، ويميزها ويستفز قدراتها التمثيلية. لذلك يمكننا القول إن عامل الثقة بينهما، يدفع ماغي إلى تقديم كل ما هو مطلوب منها بالدور وأكسسواراته، سواء بموقف ضعف أو موقف قوة. وهنا لا بد من الاشارة الى أن ماغي هي خريجة معهد تمثيل وإخراج، وخبرتها طيلة السنوات الماضية وتعاملها مع كبار المخرجين منهم بسام الملا ونجدة أنزور وهشام شربتجي وباسل الخطيب، وتمثيلها أمام منى واصف وسلوم حداد وأيمن زيدان، جعلا منها شخصية تمتص الدور مهما كان معقداً أو مركباً، وتقبل بكل ما يقتضيه الدور لنجاح العمل.

ثالثاً: نجوم العمل: مما لا شك فيه أن خيار نجوم المسلسل، ساهم وإلى حد كبير في خدمة العمل ونجاحه وإنتشاره. فالممثل السوري مهيار خضور جسد دور المريض النفسي بإحتراف كبير، وبتقنية عالية في الأداء. أما الممثل بديع أبو شقرا (شهادتنا مجروحة فيه)، فهو مذهل في قدرته على لعب أدوار مختلفة، ويتنقل من شخصية الى أخرى بسلاسة وطبيعية واتقان. فيما الممثل طلال الجردي، وعلى الرغم من ظهوره في الحلقات الـ15 الأخيرة، إلا أنه أظهر أنه ممثل على قدر ٨٠ حلقة وأن مساحة الدور لا تحد من نجومية ونجاح الممثل، بل على العكس. ومما لا شك فيه أن الممثل عمار شلق، أبدع هو الآخر في لعب دوره كما يجب، ممثلاً صورة الرجل الشرقي المنغلق، صاحب الفكر الذكوري العنيف والقاسي، أما الممثلة سيرينا الشامي، فقد جسدت دورها بكفاءة عالية وإحتراف كبير.

رابعاً فرص جديدة: من عوامل القوة في مسلسل "ع أمل"، أنه قدم فرصاً لوجوه شابة، أثبتت أنها موهوبة وقوية، ولها مستقبل واعد وزاهر في مجال التمثيل، نذكر منهم الفنانة الحساسة جداً ماريلين نعمان، وجوي حلاق الممثلة الناشئة بخطى ثابتة، والجميلة قلباً وقالباً ريان حركة، والموهوبة جداً.

خامساً: نكهة العمل: لقد تميز هذا المسلسل بمشاركة الممثلتين إلسا زغيب وكارول عبود، من خلال دورين مميزين، شكلا قيمة مضافة للعمل، فَأضحكتانا بأدائهما الكوميدي تارة، وأظهرتا أداءهما التراجيدي، من خلال تجسيدهما صورة المرأة الخاضعة. وقد شكلتا ثنائياً، بات علامة فارقة، عبر الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

سادساً: الإخراج: مما لا شك فيه أن المخرج رامي حنا أبدع في إظهار العمل والقصة والشخصيات المركبة على نحو من السلاسة والإحتراف، والأهم أنه قادر، وبفضل خبرته وحنكته، على أن يثير فضول المشاهد، ليترقب ما سيحصل في الحلقة التالية، وفي حال أغفل المشاهد متابعة حلقة، بإمكانه أن يفهم كل شيء في الحلقة التي تليها.

في الختام، لا بد من الإشارة إلى أنه رغم ضخامة الإنتاج، الذي يساهم جداً في نجاح العمل، لا بد من التنويه بالعناصر التي إجتمعت في هذا المسلسل، منها النجمة ماغي بو غصن، التي قدمت صورة راقية ومشعة وأنيقة عن الجسم الإعلامي الحقيقي، والكاتبة ندين جابر، والمخرج رامي حنا، والممثلين المحترفين، والوجوه الشابة التي أنعشت العمل بنفسها الشبابي من باب التنويع.
"ع أمل" أن تشكل نقاط القوة في هذا العمل، مثالاً ومصدر إلهام وتأثيراً في الأعمال المقبلة، لتكون على هذا القدر من الإحتراف والتميز والانتشار.