مسلسل "المعلم" فعلاً لا يمر مرور الكرام، بل يعلّم في المكتبة التمثيلية، ويحسب له ألف حساب، فهو ليس فقط مجرّد عمل تمثيلي للترفيه، بل إنه يضع الإصبع على الجرح، ويثبت لنا أن الأشخاص الأشرار مهما طالت غطرستهم، سيعلو الحق عليهم يوما ماً.


عشنا أحداثاً مؤثرة مع المسلسل، وأصبحنا جزءاً من فريق العمل، تعاطفنا مع البعض، وأضحكنا البعض الآخر، وكنا أمام حرب شرسة مع شخصيات أخرى.
لفتنا مسلسل "المعلم" الذي تكمن فيه كل مقومات النجاح والحبكة المشوّقة.
يتم إيقاف "المعلم حامد" بتهمة الإتجار بالمخدرات، عند إكتشاف الشرطة أنه يمتلك المخدرات تحت صناديق السمك.
عندما دخل حامد إلى السجن، إستولى كل من "الجنتل وشداد" على محلاته، وإحتكرا السوق.
لنقف قليلاً عند شهامة إبن "المعلم حامد"، والذي يحمل إسم "المعلم"، إذ يحرم نفسه من التعليم كي تكمل "زمزم" إبنة "حجاج" علمها، وتصبح صيدلانية، وبعدها يتزوجان، وتعرض لنا القصة الفارقين الطبقي والتعليمي بينهما، وأثمر زواجهما إبنهما "حسن"، ومن ثم يبدأ "المعلم" بحثه عن من ورّط والده في المخدرات.
"المعلم" هو الممثل مصطفى شعبان، الذي تبدأ معاناته مع دخول والده السجن، بالفقر والعذاب وبيع السمك، ليقدم بعدها "بشر" (الممثل أحمد فؤاد سليم) على تبنيه.
مصطفى شعبان بدور "المعلم"، هو الممثل الذكي، الذي يعرف كيف يحيك هذه الشخصية الطريفة، فقد ورث من والده المعاملة الحسنة لأهل حارته، والدفاع عن الحق، والذي لا يمتلك النكد بقدر ما يمتلك الطرافة، رغم الجرح الكبير الذي في داخله، والصعوبات التي يواجهها.
مصطفى شعبان علامة فارقة بالدراما المصرية، فهو يشكل دائماً إضافة لإنجاح أي مسلسل يشارك فيه.
الممثل أحمد بدير، الذي هو رئيس العصابة في العمل، هو قامة كبيرة في التمثيل في مصر والعالم العربي، وتتنوع أدواره بين البخيل والشرير والمثقف والإستغلالي، وصولاً إلى دور رئيس العصابة في "المعلم"، كما أنه يمتلك روح الدعابة، مع محافظته على شخصية رئيس العصابة.
"عنتر" أي الممثل منذر رياحنة، جمع بدوره التمثيلي بين فرد من العصابة والعاشق الولهان الذي يغرم بـ"دهب".
الطفل جان رامز جسد شخصية "حسين إبن المعلم"، وهو له مستقبل كبير جداً في عالم التمثيل، فقد أدى دوره بإبداع كبير وخفة دم وعفوية.
ولا يمكن أن لا نتوقف عن "شداد" وزوجاته، الزوجة الأولى "عدولة"، أي الممثلة سلوى خطاب، والثانية "فوز" أي الممثلة انتصار، و"سعادة" الزوجة الثالثة، التي تجسد شخصيتها الممثلة جيهان قمري.
"عدولة" الرأس المدبر والمخطط للشر، أما "فوز" فهي والدة عنتر، و"سعادة" تحب المال وفضّلته على إبنها.
أما الخادمة "هانم"، التي تجسد دورها الممثلة حنين سعيد، فهي الجوكر المضحك في المسلسل، أدت الدور بإمتياز، وأضحكتنا بإستبدادها على معلميها، فالكوميديا الموجودة لدى المصريين، تنعكس من خلال هذه الشخصيات.
أبدعت الممثلة سهر صايغ في دور "زمزم"، تعرفنا عليها بالشخصية العاشقة لزوجها، كما أبدعت الممثلة هاجر أحمد بدور "دهب"، الشخصية الطيبة الحنونة التي تعد خارج اللعبة.
وجسد الممثل أحمد عبد الله محمود شخصية "غلوش" الذي يبيع المخـ درات، ومن ثم يتغير، ويصبح إنساناً صالحاً.
جسد الممثل أسامة الهادي شخصية "منعم"، الذي كان يتعاطى المخـ درات، وبعدها "يتوب"، لكن وللأسف، يعود الى هذه الآفة بسبب والده.
ما يعجبني في المسلسلات المصرية، هو إلقاء الضوء على دور "الشرطة"، التي تخطط وتكتشف المجـرم، ويلفتنا إحترام الشعب المصري للمؤسسة العسكرية والقوى الأمنية، ويظهر لنا أن أمن مصر أم الدنيا مستتب بنسبة كبيرة.
جميع الممثلين والمخرج أنجحوا العمل، واللافت في القصة، هو أنها تشعرنا بأن الحق ينتصر على الشر، مهما طالت السنوات.