تجمع ملكة جمال لبنان السابقة كليمانس أشقر حبيب، صفات عديدة، أبرزها الجمال الخارجي والجمال الداخلي، والذكاء، وقوة الشخصية والجرأة. دفعتها مبادئها ورفضها للمساومة ورغبتها في تحقيق ذاتها، إلى الإبتعاد عن عالم الأضواء والشهرة، فرفضت عدة عروض تحقق لها جماهيرية كبيرة.
تابعت دراستها في الـ Personal Coaching، ونالت شهادتها من أهم مرجع عالمي في هذا المجال.
أهم هوية بالنسبة إليها، هي هوية الأمومة.
موقع الفن إلتقى كليمانس أشقر، وكان لنا معها هذا الحوار.

ما الهدف من دراستك إختصاص الـ Personal Coaching؟

الحجر الصحي خلال إنتشار فيروس كورونا، والأزمة الإقتصادية التى عانى منها لبنان، سببان دفعاني للعودة إلى ذاتي، وإجراء قراءة ذاتية، لأننا تربينا بطريقة لا تشجعنا على إكتشاف ذواتنا، ولاحظت أنها موجودة في مجتمعنا، نتيجة التربية ومعايير محددة في المجتمع، فيصل الشخص إلى عمر معين، يشعر فيه بالفراغ، لا يملك أهدافاً ويبدأ البحث عن ذاته، وهي حالة تعاني منها غالباً النساء في الأربعينيات. في الغرب، الطفل في عمر الطفولة، يدرك من هو وماذا يريد، بينما نحن في لبنان، نتربى على معايير، منها "شو لازم؟ شو الأصول؟ شو العيب؟ شو بيقولوا الناس؟، وكل هذه الأمور، تبعد الشخص عما يريده فعلاً، وتدفعه إلى إرضاء الغير، ما يسبب التعب والنقص وضياعاً في الهوية، لذا قررت الإلتحاق بأكبر شركة في هذا المجال في العالم، هي ICF، والمنتسب إليها عليه أن يتابع دراسة لمدة ثلاث سنوات، وأن يخضع لإمتحان مدته 4 ساعات، وهذا ما قمت به، وتابعت دروساً مع متخصص في علم النفس أميركي الجنسية، للتعمق في هذا المجال، وتخصصت في مجال الهوية والـ Identity Crisis لأنني شخصياً عشتها.

ما رأيكِ بالـ Life Coaches الذين يوجهون نصائح إلى الناس، فقط من أجل الترند؟

لا وجود للرقابة في لبنان، نحن نعيش على مبدأ شريعة الغاب، لذا على كل إنسان أن يحمي نفسه، بواسطة اللجوء إلى التدقيق في كل المجالات، كما أن الإعلام ينشر معلومات، تدفع المشاهد إلى التساؤل عن صحتها. بالنسبة للـ Coaching، هناك مؤسسات تمنح الراغبين شهادة لا تراعي المواصفات المطلوبة. لذا يجب التحلي بالوعي، والتحقق من كفاءة وأحقية المراجع وأوراق الإعتماد، وأكتفي بالقول إن هناك متطفلين في كل المجالات.

ماذا قدم لكِ لقب ملكة جمال لبنان؟

قدم لي في الثامنة عشرة من عمري، تجربة ظريفة وذكرى جميلة، ومنحني رضاً معنوياً، وما زلت حتى الساعة ألتقي بأشخاص يلقون عليّ التحية لأنهم يتذكروني، لكن عالم الجمال والمسابقات لا يشبهني، ولو تسنى لي حينها أن أفهم نفسي جيداً، ربما لم أكن سأشارك في المسابقة، وما زال الأمر يطرح علامات إستفهام.

تنازلت ملكة جمال الولايات المتحدة الأميركية عن لقبها قبل نهاية ولايتها، وقيل إنها تعرضت لضغوط، وأدلت بتصريح قالت فيه إن الصحة النفسية أهم من اللقب، ما تعليقك؟

الصحة النفسية هي أولوية في حياة الإنسان، وهي ثقافة كانت في السابق من المحرمات، لكنها أصبحت معممة بعد إنتشار فيروس كورونا، فأدرك العالم قيمة الوقت والصحة وخطر الموت، ما أدى إلى حالة من الإكتئاب، فتطورت ثقافة الإهتمام بالصحة النفسية والصحة العقلية. أنا من المشجعين على هذا الأمر، وأحب مساعدة الناس على التطور، وفهم ذواتهم، وفي حال ملكة الجمال الأميركية إتخذت قرارها ليتناسب مع مبادئها، فأنا أهنئها.

إنتخبتِ ملكة جمال لبنان، وقدمتِ برامج تلفزيونية، وعشتِ شهرة كبيرة، ما الذي أبعدكِ عن الأضواء؟

قدمت عدة برامج، لكنني لم أقدم شيئاً يقنعني ويشبهني، أما اليوم، فما أقوم به من فيديوهات توعوية على مواقع التواصل، يساعدني على إيصال رؤيتي للأمور والمواضيع، من خلال الصورة والمضمون اللذين أريدهما، بينما الإعلام له متطلباته، وعلى المشارك فيه الإلتزام بها، وهذا ما حال دون حصولي على تجربة تدفعني إلى تطوير إمكاناتي. رفضت عدة عروض، لأنني لا أساوم، وأنا حريصة على الوفاء لمبادئي.

ما الذي رفضته كليمانس أشقر؟

رفضت أدواراً تمثيلية وبرامج تلفزيونية، الوصول إلى الشهرة يتطلب نوعاً من العبودية، وأن أكون تابعة في معظم الحالات، من دون التعميم، وهذا أمر لست مستعدة للقيام به، وللوصول إلى كل ما أريد تحقيقه في هذا المجال، يجب أن أمر في مرحلة القبول بأشياء لا أرضى بها، ولا أقتنع بها، أشكر الله أنني رفضت، وهنا أفضل الإبتعاد عن التسمية. معايير ملكة الجمال تفرض نمطاً محدداً، وأنا لا أحب أن أكون محصورة في خانة، لأنني حريصة على حريتي في إرتداء ما أريد، وأن أكون ما أريد.

قلت سابقاً إن عالم الشهرة يتطلب وقاحة، ماذا تقصدين؟

مجال الشهرة يتطلب وقاحة، لأن معظم الأشخاص الذين يحققون شهرة يتمتعون بقوة، أنا قوية ولدي ثقة بنفسي، وأعلم أنني ذكية، لكنني لست وقحة، هناك من يريد تحقيق الأهداف بأي ثمن، ولكن هذا الأمر ليس موجوداً في قاموسي، لكنه مطلوب للوصول إلى الشهرة، لاسيما في مجتمعنا الذكوري الصغير، حيث الجميع يريدون الوصول، وأحياناً الناس "بتاكل بعضها".

إذا تلقيتِ عرضاً خيالياً من شركة إنتاج كبيرة، لتمثيل دور، من تختارين لدور البطولة؟

بصراحة ومع إحترامي للجميع، لا أتابع القنوات المحلية، بل أتابع القنوات الغربية، ثقافتي غربية، وأتابع كل أعمالهم من تمثيل وإخراج. في لبنان أحب نادين لبكي وأعمالها، وأحب كثيراً زياد الرحباني، ومن بين الممثلات اللواتي يلفتنني، ندى أبو فرحات وبيتي توتل وسينتيا كرم وريتا حايك.

أطلقتِ مواقف سابقة في السياسة، وحول الوضع الذي وصل إليه لبنان،​​​​​​ ماذا تقولين اليوم؟​​​​​​​

أطلقت فيديو مدته 90 ثانية، حمل عنوان "المغترب"، وفاجأني التفاعل الذي حصده، والرسائل الشخصية التي تلقيتها، لكنها سببت لي حزناً، ومن خلاله حاولت تلخيص موقف المغتربين وتساؤلاتهم، وأدركت أن عدداً من اللبنانيين، وأنا واحدة منهم، وصلوا إلى معادلة: "في القلب أنت لبناني، وفي العمق ترفض هويتك". هذا الصراع يعيشه معظم اللبنانيين، لبنان تسبب لنا بألم كبير، نظامه فاشل، والمطلوب تبديل النظام، ومن الصعب إيجاد بارقة أمل. نحن نعيش على المسكن، لأننا لا نعترف بمرضنا،​​​​​ ولا نشخصه بشكل دقيق، ولا نستطيع الإتكال على الخارج، لأن لديه مصالح. أما تمويه الواقع والكذب، فهما السائدين، والناس الذين جاهدوا وتعبوا لتأمين مستقبلهم فقدوا أموالهم، والفساد ينهش المجتمع، واللبنانيون في الخارج أصبحوا يتامى، يتخبطون بين عدة ثقافات.

ماذا منحتك الأمومة؟

قدّم لي إبنَي كل شيء، أهم وأجمل هوية هي هوية الأم، لأن الحياة حين تحمل المعاني تكون ذات قيمة.

ما الذي يقدم لك الرضا الذاتي؟

إبنَي، وتحقيق ذاتي وتطويرها، وأن أحظى برضا الخالق لأنني مؤمنة، ولدي علاقة خاصة مع الله، وهي قيمة في عائلتي، أرغب في نقلها إلى إبنَي.