جوزيان بولس ولدت ونشأت في بيت لبناني أصيل يحب لبنان ويعمل من أجله في مجالات مختلفة، وترعرعت جوزيان في أروقة تلفزيون لبنان بين الممثلين. والدها جان كلود بولس، كان من رواد الإعلام اللبناني ومن مؤسسي تلفزيون لبنان الذي أحبه مثل ولد من أولاده. وميض الفخر يشع من عينيها حين تذكر والدها ولا سيما تضحياته، فهو رفض أن يتقاضى أجره في تلفزيون لبنان مقابل أن يتقاضى الموظفون أجورهم، وسدّد رسوم الكهرباء المترتبة على التلفزيون من حسابه الخاص. موقع الفن التقى جوزيان بولس، بعد إطلاق إسم جان كلود بولس على شارع أقام فيه لسنوات طويلة في بيروت، وكان هذا الحوار بجزئه الثاني.


كيف تصفين شعورك لحظة إسدال الستار عن لوحة بإسم جان كلود بولس على أحد شوارع العاصمة؟

تمنيت لو كان حاضراً معنا ليرى حب الناس وتقديرهم له ولكفاءاته، وهو أفضل ميراث يمكن أن يتركه إنسان. بعد 11 سنة على رحيله ما زال الناس يعبّرون عن حبهم له بواسطة الرسائل التي وصلتني ووصلت الى أختي وأخي، معبّرين عن سرورهم بإطلاق إسم جان كلود بولس على شارع في بيروت وخاصة أنه يستحق، وتخيلته معنا وشعرت بالفخر الكبير وكان أجمل شعور.

هل برأيك هذا التكريم يفيه حقه؟

لأنه والدي لا شيء يفيه حقه لكنني لا أستطيع أن أطلب المستحيل، وإطلاق إسمه على شارع في العاصمة شيء عظيم. وما أتمناه هو تخصيص "جائزة الإعلام" بإسمه، إنه مشروع أفكر فيه منذ مدة طويلة لكنه يتطلب قبولاً من العالم المهني. كان حلم جان كلود بولس الإعلام وعندما عُين مدير عام تلفزيون لبنان أصبح التلفزيون إبنه الرابع، وأحبه حتى التضحية، على سبيل المثال رفض أن يتقاضى أجره لكي يفسح المجال للموظفين أن يتقاضوا أجورهم. إتصلت بي يوماً والدتي غاضبة، وأخبرتني أنها وجدت أثناء تنظيم خزانة والدي ظرفاً سميكاً في داخله شيكات لم يقبضها خلال تسعة أشهر. كما أنه دفع مبلغاً مالياً من حسابه الشخصي لتسديد رسوم الكهرباء للتلفزيون. كان تلفزيون لبنان الأول في العالم العربي ووالدي من المؤسسين، وحين أصبح التلفزيون بالألوان، أول جهاز كان في منزلنا. وصدمت حين رأيت الرسوم المتحركة بالألوان، كما أنني نشأت في تلفزيون لبنان وكنت ألعب في الإستوديوهات وإلتقيت بالممثلين في تلك الفترة، وكان التلفزيون بيتي الثاني. عندما ولد شقيقي كان والدي يقدم برنامجاً مباشراً على الهواء، وتلقى إتصالاً أنه رزق بولد. وعندما ولدت أنا كانت فرحته كبيرة جداً ووزع الشوكولا، ولما سألوه إذا رزق بصبي كان يجيب "لأ بنت".

برأيك هل كان جان كلود بولس يرضى أن يصل الإعلام الى المستوى الحالي؟

بالطبع لا وقد علمني شيئاً، إذا كان مستوى المشاهدين فئة أ يجب أن يعطى المشاهد فئة أ+ أي يجب على الإعلام أن يتخطى مستوى المشاهد. وعلى الجمهور أن يتعلم ويتثقف لكي يصل الى مستوى الإعلام، وهذا الأمر لم يعد متوفراً. والمؤسف غياب البرامج الثقافية التي حلت محلها المسلسلات المستوردة وبرامج الحوارات السياسية. أنا شخصياً لا أتابع البرامج التلفزيونية أبداً.

كيف تصفين علاقتك بوالدك؟

علاقتي بوالدي منذ ولادتي علاقة مميزة، فقد فاجأ الجميع بفرحته حين ولدت. رافقته منذ طفولتي في تلفزيون لبنان، وقدمت في ما بعد برامج تلفزيونية معه. وحين تمنيت الحصول على إسطوانة للمغني خوليو إيغليسياس وكان في فرنسا ولم تكن وسائل الإتصال متوفرة، قررت أن أعتمد على وسيلة التخاطر الـ Telepathie بيني وبينه وصرت أردد "بابا إذا كنت تسمعني أريد إسطوانة لـ خوليو" طوال النهار، إلى أن وصل والدي مع ديسك لـ خوليو، ما زلت أحتفظ به وهو دوبل ألبوم.

لماذا قررت إعادة عرض مسرحية La Fille Qui Aimait Julio؟

أردت عرضها من جديد باللغتين العربية والفرنسية لأن إبني وأختي والعائلة وبعض الأصدقاء لا يتقنون اللغة العربية ويقيمون في الخارج. إنها بيوغرافي أتكلم فيها عني ومن خلالها أروي قصة لبنان خلال الحرب اللبنانية، لأن كل ما نفعله في لبنان يتأثر بالوضع اللبناني. منذ سنتين كنت أكتب مسرحية لا علاقة لها بخوليو، فجأة، فتحت صفحة جديدة وبدأت الكتابة ولا أدري ما حصل معي فكتبتها خلال عشرة أيام مع إدخال بعض التعديلات، والعرض كان جديداً ومختلفاً عن أول مرة. عنوان المسرحية La Fille Qui Aimait Julio لكنها تحمل رسالة مهمة عن الثقة بالنفس وعدم التردد وأنا شخصياً بما أنني عانيت من التنمر أردت إيصال هذه الرسالة.

كيف تعرفت على خوليو إيغليسياس؟

عندما كنت في السابعة عشرة من عمري تعرفت على خوليو ايغليسياس شخصياً حين أتى الى لبنان، وكان والدي هو الذي يهتم بالحملة الإعلامية، وانا كنت مغرمة به منذ عام 1978 وبأغنياته. بعد تعرض الأشرفية للقصف من القوات السورية في حرب المئة يوم هربنا الى بيت عمتي في كسروان، وكان والدي في باريس وانا كنت أستمع الى راديو مونت كارلو وكان المذيع ميشال دانير يقدم أغاني لخوليو فأغرمت به. وحين وصل الى لبنان حضرنا الحفل في الكازينو، وبعدها أصريت على الحصول على توقيعه فذهبنا الى مطعم لاغون في جونية واقتربت منه وقبلته، وأثبت لي هذا الحدث أنني أستطيع الحصول على أي شيء أريده، وهذه الحادثة زادت من ثقتي بنفسي وعلمتني درساً لن أنساه ولهذا السبب أطلقت على المسرحية La Fille Qui Aimait Julio لأن الفتاة التي أحبت خوليو هي أنا ولم أتردد بالذهاب إليه وتقبيله، إذاً أنا قادرة على تحقيق أهدافي من دون خوف ولو أخطأت أتعلم من الفشل وأكمل.

إذاً عانيت من التنمر؟

نعم عانيت من التنمر بسبب وزني، وحين كنت نحيلة كانوا يقولون عني سمينة حتى نادية جمال وعبد الحليم كركلا كنت برأيهما سمينة. زاد وزني 20 كلغ حين علمت أن إبنتي تعاني من التوحد، وأمضيت فترة طويلة من حياتي أتعرض للإنتقاد لكن حين قررت عدم المبالاة والرد على الإنتقادات كتبت وعبرت عن رأيي، وقررت أن لا أفكر بالموضوع وأن أكون حازمة مع كل من يقاربه أو ينتقدني.

وكنا قد نشرنا لكم مؤخراً الجزء الأول من الحوار، ويمكنكم متابعته عبرهذا الرابط.