يبدو أن الممثل محمود نصر هو صاحب المفاجآت بإقتناء أدواره، يُبدع، يُذهل ويُصيب، صاحب خطى ثابتة في مسيرته، يُدرك جيدا ما يقدمه وما سيحقق تعبه من أصداء مميزة، "وحش تمثيل" لا يقبل الإستسلام، يبلغ مراده بإصرار دون كلل أو ملل.


خلع محمود نصر عباءة "الدكتور جواد" التي جسّدها في مسلسل "كريستال" ليطل في مسلسل "ولاد بديعة" بشخصية "مختار"، عادة عندما الممثل يلاقي جماهيرية كبيرة بشخصية ما، تلزمه في مسيرته ويصبح الجمهور يناديه بإسمها رغم تقديمه بعدها العديد من الشخصيات، وهنا يصبح التحدي أكبر اذ ان الدور المميز والجماهيري سيف ذو حدين، من جهة يحقق تفوقا وتألقا، ومن جهة اخرى يأسر الممثل لفترة طويلة ويضعه ضمن شباكه الى حين غير معروف.
محمود نصر قُلبت القاعدة عنده، فحين تحقيقه شهرة كبيرة في "كريستال" قلنا ماذا سيقدّم بعد من ابهار وابداع تمثيلي؟ أو هل سيستطيع ان يقدّم دورا جماهيريا مثله؟ مع العلم ان محمود نصر لديه الكثير من الأعمال ومنها "الندم" الذي هو عبارة عن تحفة فنية جالت العالم العربي وأيضاً "مربى العز" الذي أبدع فيه.
مع بداية شهر رمضان عرض "ولاد بديعة" وأطل محمود نصر "بشخصية "مختار" الذي يحمل كمّا من العقد النفسية، يبدو ان نصر لم يقبل ولن يقبل بأن يعود خطوة واحدة الى الوراء، صمّم ان يقنع الجمهور بشخصيته وهذا ما حصل فعلا، قام بالتحضير لشخصيته درسها من كل الجوانب، بل ظهر وهو متعمق بها الى حدّ كبير، نعم أصاب ودوره لن يمر مرور الكرام.
شخصية غير متزنة عقليا تنتج عنها تصرفات غير طبيعية، اظطرابات سلوكية ونفسية لا يقدر السيطرة عليها، عدائية تحمل الكثير من الأوجاع ايضا..كل هذه نقلها محمود نصر بدقة وحرص.
عندما رقص "مختار" على أغنية "وسّع وسّع" للفنان المصري أحمد سعد شاهدنا كيف كان ينظر لـ "سكر" أي الممثلة السورية سلافة معمار بكل سخرية واستخفاف، وأنه يضمر لها الشر، رقصته بهذه الطريقة ونظراته كانت كفيلة بأن توصل لنا نواياه.
لفتنا ايضا مشهد ضرب شاهين لمختار الذي عاد ونهض نحو السيارة وبدأ بمطاردة شاهين، وثم بكائه واقتراب شاهين نحوه، كنا أمام مشهد أكشن سينمائي بامتياز.
ورأينا كيف وضع محمود نصر الشعر المستعار وتحول الى امرأة كي يوهم "المحامية عبير" ان الدكتور يحيى بعلاقة مع إمرأة اخرى، وهو المشهد الذي أحدث ضجة كبيرة على مواقع التواصل الإجتماعي.
وبمتابعة لمشاهد "مختار" شاهدنا اعلانه مسامحته لـ شاهين وياسين، معتبرا ان ما حصل في الماضي يبقى ماضيا، الا انها مشاعر مزيفة ليست حقيقية جمعت الثلاثة تحت مظلتها.
"شطارة" محمود نصر لم تأت عن عبث، فهي نتيجة جهود متواصلة وموهبة طوّرها، مكّنته أكثر في مجال التمثيل وجعلته نجما لامعا في الدراما السورية والعربية المشتركة.