ما هو معيار نجاح أي مسلسل درامي؟ لا بد أن يكون الجواب المنطقي هو عدد المشاهدات لكن مع وجود عدد كبير من المنصات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تبث الحلقات بشكل رسمي أو غير رسمي فبات من الصعب رصد عدد معين لنسبة المشاهدات ومن هنا اصبح الشارع او الاصداء بين الجمهور هو المعيار الأساسي لنجاح أي عمل.

.. لكن ماذا ان تواجدت كل معايير في عمل؟ هنا يمكننا ان نتأكد من نجاحه وهذا ما ينطبق بقوة على مسلسل "نعمة الأفوكاتو" الذي تميّز وبقوة بين الاعمال الدرامية في موسم رمضان.
يتناول المسلسل قصة شابة ذكية، شهمة، صاحبة أخلاق عالية، "جدعة" تدعى نعمة تعمل كمحامية وتجسد دورها الممثلة مي عمر، هذه المرأة ورغم حنكتها وقراءتها الجيدة للناس متزوجة من صلاح أكثر رجل وصولي، خبيث يتكل عليها في مصروف المنزل كونه يعمل في بيع وتصليح المنبهات ويجسد دوره الممثل أحمد زاهر.
تكسب نعمة قضية مهمة لرجل أعمال شهير يدعى ياسين الألفي وبذكائها استطاعت اخراجه من السجن في قضية تلفيق ويقدم لها مبلغ 10 مليون جينه مقابل اتعابها وذلك بعدما فشل كل طاقم المحامين الذين يعملون لديه في اثبات براءته.
تأخذ نعمة هذه الاموال وتعطيها لزوجها مدعية انه كسب "قضية الوقف" اوهنا تتغير حياتها فبدلا من يعوض عليها تعب السنين تغير معها ولكي تتكمل القصة تزوج عليها سارة التي تجسد دورها الممثلة أروى جودة. حبكة القصة تبدأ حين تعرف نعمة بزواج زوجها عليها وتذهب لمواجهة الثنائي وخلال خلافهم تقوم سارة بضرب نعمة على رأسها فتغيب عن وعيها ليظنا انها توفيت ينقلان "جثتها" الى احد الاماكن بكن نعمة تعود من الموت وتقرر الانتقام من زوجها وضرتها.
قصة ممتعة وتحمل في حلقة الكثير من الاحداث والتشويق وسط براعة كل طاقم الممثلين فمي عمر برزت بشكل رائع متجردة من عالم الجمال والاضواء وظهرت على طبيعتها من دون مكياج وبملابس فضفاضة مركزة على اداء الشخصية لا على ابراز جمالها الذي لطالما أكد الجمهور عليه. أدت الشخصية برصانة ومثلت المرأة المصرية "الجدعة" التي لا تخاف من قول الحق بأفضل طريقة وتلتزم بالاصول والتقاليد كما ان شخصيتها لم تخلو من خفة دم المصريين في العديد من المشاهد لكسر حدية الانتقام. ملامح وجهها كانت طبيعية وأداؤها كان عفويا للغاية من دون تزلف او تكلف وهذا ما أدخلها الى قلوب المشاهدين.
أحمد زاهر "كرهنا الزواج والحب" استطاع باحتراف ان يجعل المشاهد ينفر منه، ان يقرف من تصرفاته وكلامه ووساخة تصرفاته المستفزة، تأتي هذه الشخصية لتؤكد لنا ان المال تظهر حقيقة النفوس خصوصاً اذا كان معدن الشخص سيء أما عماد زيادة الذي لعب دور "ياسين الألفي" رجل أحلام كل امرأة أتى ليؤكد انه لا زال هناك رجال يحترمون المرأة وكيانها وذكائها واختيار عماد لهذا الدور ليس هناك أفضل منه اذ ان الحنية التي تظهر في ملامح وجهه تجعلنا نتعاطف معه ومع حبه الكبير لنعمة. أما أروى جودة أبدعت بشرها الذي يختبئ خلف شكلها وجمالها ودلالها وأدت الشخصية من دون زيادة ولا نقصان اضافة الى العديد من الممثلين المبدعين منهم كمال أبو رية، سلوى عثمان، سامي مغاوري، بنى ونس، طارق النهري، أحمد ماجد، ولاء الشريف، هدير عبد الناصر وغيرهم..
العمل من كتابة واخراج محمد سامي وقد عاونه في التأليف مهاب طارق واستخدم الثنائي كل المعايير التي حققا بها النجاحات في الاعمال السابقة أبرزها ثنائيتهما في مسلسل "جعفر العمدة" فالأحداث التي تدور في منطقة شعبية وسط حكايات متفرقة وبين الحب والانتقام مئات التفاصيل التي شدت الجمهور لمتابعة العمل اضافة الى طريقة التصوير خصوصاً في لقطات البطلة نعمة التي تتحدث بشكل مباشر مع الكاميرا اضافة الى بدء المسلسل من الحدث الذي سيغير مجرى القصة.
رغم تحقيقه المراتب الاولى في المشاهدات بعدد كبير من الدول العربية والاجنبية الا ان البعض اعتبر ان بعض الاحداث ضمن القصة ليست منطقية منها حملها من زوجها وهي في وسط الانتقام او كيف دفعت زوجها لارتكاب جريمة ثانية او حب ياسين لنعمة اللامحدود ومن دون شروط.. لكن من يحدد المنطق وسط ما نشهده من أحداث غريبة تحدث في عالمنا الواقعي؟ ألم نسمع عن طرق عديدة وغريبة للانتقام بين الناس؟ ألم نسمع أن قصص حب أسطورية نعرف أبطالها معرفة شخصية؟
الاراء قد تختلف ولكن لا يمكن ان ننكر نجاح العمل الذي قدم نهاية مقنعة على قدر التوقعات في حلقة نهائية هي الاطول في رمضان امتدت لحوالي 82 دقيقة. ثنائية مي عمر ومحمد سامي هذه المرة الأكثر اقناعاً وكأن العمل فصّل على مقاسها واختيار الكاستينغ اتى موفقاً للغاية ليكمل مع الحدوتة كل اركان النجاح.