زياد نجار ممثل ومخرج متمسك بمبادىء والده الكاتب المبدع مروان نجار، الذي أقنع أولاده زياد ولمى ورنا بشعار "إعملوا بشغف وحب". قدم زياد مؤخراً مسرحية "وعيتي" على مسرح District 7 في الأشرفية، وما زالت تعرض في المنصورية وقد لاقى العمل نجاحاً باهراً ولا سيما أنه قدم ثلاث شخصيات مختلفة، ووجّه رسائل إلى عامة الشعب اللبناني. زياد نجار شاب طموح تحدى نفسه وإتخذ قراراً جريئاً بإنشاء شركة خاصة به في السعودية، وشارك بالتمثيل في مسرحية "عدو الشعب" مع المخرج لوسيان أبو رجيلي عام 2023 والتي حققت نجاحاً كبيراً.

لماذا تضمنت مسرحية "وعيتي" ثلاث شخصيات من فئات عمرية مختلفة؟

الفكرة ترتكز على توجيه رسائل إلى كل المشاهدين من فئات مختلفة من الوسط الفني وخارجه والمثقفين بدرجة عالية، وهناك أيضاً الفئات العمرية المتنوعة، والهدف إيصال الرسالة الى المشاهدين من عمر 18 سنة الى 55 و60 سنة. والشخصيات تتوزع على ثلاثة أجيال متفاوتة، فهنالك المرأة العجوز والنحات الشاب والأب في منتصف العمر، وكل منهم يعاني من مشكلة تتعلق بأحداث حصلت في لبنان خلال خمسين سنة، منها الحرب اللبنانية وحرب تموز وإغتيال الرئيس رفيق الحريري وإنفجار مرفأ بيروت، وهي أحداث طالت مجمل الأجيال بجزء من طموحها وحياتها، لذا وزعت الأدوار على ثلاث شخصيات كي تصل الرسائل الى أكبر عدد ممكن من المشاهدين، ولكي يشعروا أنهم معنيون بما أقدمه.

هذه الشروط التي ذكرتها هل هي معيار لأي عمل فني تقوم به؟

نعم هي شروط أتقيد بها، لأن العمل يجب أن يطال عامة الشعب وأنا كفنان لدي رسالة أريد أن أوجهها الى الناس، وهم أكثرية من مختلف المجالات، والمسرحية توجّه رسالة واضحة للفنانين والمثقفين وكل اللبنانيين من دون إستثناء، والذين تجاوزوا الثامنة عشرة.

مسرحية "وعيتي" كانت مشروع تخرجك من الجامعة كيف حدّثت العمل ليُراعي الشروط التي ذكرتها؟

حين بدأت بالكتابة لاحظت أن الفكرة تصلح لمسرحية أكثر من فيلم، ونسيت المحتوى في حينها وحضّرت شيئاً آخر. وحين قررت العودة الى المسرح خطرت على بالي أول فكرة راودتني في الجامعة، فطوّرتها وأصبحت مختلفة جداً مقارنة مع الفكرة منذ عشرين سنة، وحين أصبحت على الورق صارت مختلفة عما كانت عليه بفضل الخبرة والنضوج الفني والفكري.

لماذا إبتعدت عن الوسط الفني؟

إبتعدت بسبب الحاجة الى مدخول أكبر، وبعد أن أصبحت مخرجاً ما بين عامي 2009 و2010 وكان لدي أعمال لاقت أصداء إيجابية جداً أشادت بي وبغيري من المخرجين الشباب، لكننا وصلنا الى مرحلة أصبح "الكاميرامان" يتقاضى راتباً يوازي راتب المخرج في لبنان. وعندما سنحت لي الفرصة للسفر الى السعودية لم أتردد فبدأت من الصفر وعملت "كاميرامان"، وتدرجت الى أن أسست شركتي الخاصة. التحرر من الضغط المادي سمح لي أن أطلق أعمالاً قد لا تؤمن لي مدخولاً مادياً، وكان قراراً صعباً لأنني إبتعدت عن المسرح عشرين سنة، وعندما قدمت عملاً مع لوسيان أبو رجيلي "عدو الشعب"عمدت الى تحضير عمل جديد فوراً بعد إنهاء العروض. وسأكشف لموقع الفن خبراً حصرياً، أن عروضات إضافية لمسرحية "وعيتي" ستقام في مسرح مونو إبتداء من 31 تموز، بالرغم من إعتبار الصيف موسم غير ملائم للمسرح لكنني أرغب بالسماح للبنانيين القادمين من الخارج بمشاهدتها، إذا سمحت الظروف.

هل شكل إسم مروان نجار عبئاً عليك؟

أولاً هو شرف كبير، وثانياً إبن مروان نجار هي أجمل صفة بالرغم من نجاحي وإنجازاتي، لكن الأهم أنني إبن مروان نجار لأن الإرث الفني والثقافي الذي تركه لي ولشقيقاتي جعلنا محظوظين جداً. إسم مروان نجار شكّل عبئاً في فترة الدراسة، إذ كانت الأنظار مسلطة عليّ ولا سيما عن نجاحي بمادة اللغة العربية، ولهذا السبب لم أطلق على إبني إسم مروان كي لا يواجه هذا العائق، لكن غدي لم يواجه صعوبة بالمادة وهو "شاطر بالعربي" وهذا هو العبء الوحيد الذي واجهته.

هل تشعر بالمسؤولية والقيود كونك إبن كاتب معروف؟

بالطبع هي مسؤولية كبيرة جداً، وأشعر حين أكتب أنه يقرأ ما كتبت ويدلي رأيه بما أفعل مع العلم أنني أعلم مسبقاً ما هو تعليقه بسبب معرفتي القوية به، ونحن أولاده الثلاثة نهلنا من ثقافته، وأي عمل أكتبه أطلع شقيقاتي عليه للتأكد من أنني أطبق فعلاً تعاليم والدي، وأنه راضٍ عما أكتبه. بالنسبة للقيود لم يعارض والدي يوماً أياً من خياراتنا أنا وشقيقاتي، لأنه يؤمن أن النجاح مرتبط بالحب والشغف، وكان يشجعنا ويدعمنا حين نستوفي هذه الشروط.

ما هو دور المسرح في ظل الظروف الحاضرة؟

المسرح يلعب دوراً كبيراً ويشهد نهضة كبيرة لها أسباب عديدة، أبرزها أن سعر البطاقة مقبول جداً، وإذا كانت المسرحية ثقافية ستوجه للمشاهد رسالة تطور فكره، واذا كانت كوميدية سترفّه عنه، وفي الحالتين فهو بحاجة لهذه المواصفات لأننا في عصر يضج بالحزن والقلق إلى حد كبير، ويسيطر على حياتنا على كل المستويات الصحية والإقتصادية والأمنية، والناس يعانون من ضغوط كبيرة. والمشاهد يجد في الأعمال المسرحية من يخفف عنه بمعنى: "لا توجه اللوم إلى نفسك حاول أن تفرح بإنجازاتك"، وهناك عدة أعمال مسرحية تشجع المشاهدين وترفع معنوياتهم ويضحكون وينسون همومهم. أما بالنسبة للنظرية القائلة: "أنت مسؤول لأنك ساهمت من خلال الإنتخابات بالوضع الذي نعاني منه"، فإنها نظرية خاطئة، لأن اللبناني ولو أصاب الإختيار لن يصطلح الوضع بهذه البساطة، وعقلية الشعب لا تتبدل بسرعة خلال سنتين وعشر سنوات، لذلك دورنا توجيه رسائل توعوية على مدى سنوات وتشجيع الإنسان على تثقيف نفسه والتحرر من الطائفية وغيرها، وعلى كل لبناني أن يبدأ من نفسه وبيته وعائلته.

هل أنت راضٍ عن مسرح الأطفال؟

يجب تثقيف الأولاد ليس فقط على المسرح، لأن الطفل يخلق فناناً، وأنا مع تشجيع الأولاد على كل الفنون. أخاف من مسرح الأطفال لأن بعض الأعمال لا تستوفي الشروط وتفتقد إلى المهنية.