مسرحية "من كفرشيما للمدفون" للمخرج المبدع يحيى جابر، كشفت القدرات التمثيلية العالية للممثلة ومقدمة البرامج ناتالي نعوم، التي جسدت دور "لورا". ضحكت ناتالي، وبكت، ورقصت بعفوية، بعيداً عن المبالغة في الأداء والتعبير. مشاعرها الصادقة نقلتها إلى المشاهد، حيث قارب المخرج يحيى جابر موضوع البيئة المسيحية، بعد مقاربة البيئة السنية مع الممثل زياد عيتاني، والبيئة الشيعية مع الممثلة أنحو ريحان.

"من كفرشيما للمدفون"، عمل متقن، سلس وعميق، يروي تفاصيل حقبة من الحرب اللبنانية، بالتزامن مع حكاية لورا، وخيانة زوجها لها مع صديقة الطفولة.

خلال ساعة وأربعين دقيقة، ضحكنا، وبكينا، وغنينا، وإسترجعنا ذكريات مضى عليها الزمن، فيها حنين، وغصة ووجع.

موقع "الفن" إلتقى ناتالي نعوم، وكانت لنا معها هذه المقابلة.

لماذا توقف عرض المسرحية عام 2018؟

ظروف البلد لم تكن مناسبة، وموقع المسرح في فردان لم​​​​​​​ يستقطب الجمهور، فقررنا توقيف العرض، وبعدها بدأت الثورة والإنهيار الإقتصادي وجائحة كورونا، إلى أن نضجت فكرة العرض مجدداً في مسرح مونو، وخضعت المسرحية لإعادة تأهيل، لتكو​​​​​​​ن متناسبة مع الوضع الحالي.

يشعر المشاهد أن المسرحية كتبت لـ ناتالي نعوم، هل هذا الأمر صحيح؟

المسرحية تشبهني، وتتضمن أحداثاً حصلت​​​​​​​​​​​​​​ في حياتي، لكنها طُرحت بأسلوب مختلف، مع تبديل الوقائع والأسماء، وهذا ما يميّز المخرج يحيى جابر، فهو قبل كتابة نصوصه، يمضي وقتاً طويلاً مع الممثل، ويحاوره، ويوجه له الأسئلة، فيجمع معلومات منه وتفاصيل عنه، قد تصل أحياناً إلى عشر جلسات، لاسيما أن فكرة تقديم عمل عن المسيحيين، ليس أمراً سهلاً.

كيف كان تفا​​​​​​​علك مع نص يروي تفاصيل من حياتك؟​​​​​​​​​​​​​​

ما شعرت به بصدق، عبرت عنه في دور "لورا"، ​​​​​​​وهذا ما وصل إلى الناس تلقائياً، كل ما قلته شعرت به.

لماذا كان التركيز على المسيحيين؟

هذا أمر طبيعي، خصوصاً أن المسرحية عنوانها "من كفرشيما للمدفون"، وفي وقت من الأوقات، كانت هذه المساحة محسوبة على المسيحيين. المخرج يحيى جابر يتميز بطرحه قضايا مجتمعية من مختلف البيئات اللبنانية، فقد طرح سابقاً موضوع البيئة السنية مع الممثل زياد عيتاني، وموضوع البيئة الشيعية مع الممثلة أنجو ريحان، وإختار حالياً البيئة المسيحية مع ممثلة مسيحية، وقد طرح الموضوع، لأن المسيحيين في مأزق كبير جداً، بسبب هجرة المسيحيين، وغياب رئيس للجمهورية، وعدة مناصب يشغلها المسيحيون في الدولة اللبنانية، وكأنهم مغيبون كلياً عن المشهد السياسي في البلد، لذا أطلق صرخة عن مصيرهم، لأنهم يخسرون أنفسهم، قبل خسارة المواقع.

أنتِ تقاربين الأمور بالنسبة إلى حقبة معينة؟​​​​​​​

نعم صحيح، لأنه لا يجب أن ننسى الإقتتال الداخلي، ويجب أن نتذكر التجارب، وقد أثير الموضوع على شكل إعلان فرعي، من دون توجيه أصابع الإتهام إلى أحد، بل شمل الجميع. وتفاعل الناس مع المسرحية، يؤكد أنهم تعبوا من الوضع، وكأنهم يقولون لنا: "أنتم على حق".

ألا تعتقدين أن التصويب على المسيحيين كان مبالغاً فيه؟

أبداً، ومن ينسى ماضيه، لا يملك حاضراً ولا مستقبلاً.​​​​​​​

​​​​​​​

لماذا كنت غائبة عن المسرح؟

بعد تقديم برنامج SL CHI، قدمت برنامج "ناتالو"، وكنت حينها أستقبل فنانين وسياسيين، بعدها كنت منشغلة بعائلتي، وفضلت أن أبقى في الكواليس لإعداد البرامج، ولا يمكنني القول إنني إبتعدت عن التلفزيون. أما فكرة التمثيل على المسرح، فلم تكن ناضجة كفاية، والآن حان وقتها، خصوصاً أن أولادي كبروا، وسافروا، وصرت وحدي، وشخصية "لورا"، التي تخاف من الوحدة، هي مشابهة لشخصيتي وحالتي. إبنتي الصغرى سافرت، والكبرى في سفر دائم. وخلال المسرحية، قامت العديد من السيدات، بالمطابقة بين أوضاعهنَ ووضع "لورا". يحيى جابر يطرح أسئلة تتعلق بمشاعر ويوميات الناس.

حالياً ما هي نشاطات ناتالي؟

أنا أعمل مع "الدولية للمعلومات"، وهي شركة تعنى بالإحصاءات والدراسات، مع الأستاذ جواد عدرا، وقد أنشأوا منصة أتولى إدارة الإنتاج فيها، وكلما سنحت الفرصة لإعداد برامج أقوم بها، لأنها مهنتي وأحبها.

كيف تصفين شعوركِ لناحية العطاء في مجالات منوعة، بين التمثيل وإعداد وتقديم البرامج والإنتا​​​​​​​ج؟

شعور جميل، ويعطيني الإحساس بالحماس والتنويع في المهن. كل يوم يحمل شيئاً جديداً، وقد حصلت الأمور بشكل جيد، كي لا أشعر بالوحدة.

لماذا عدد عروض مسرحية "من كفرشيما للمدفون" محدود جداً؟​​​​​​​

لأن مسرح مونو محجوز طوال السنة، ونحن نبحث عن مسارح أخرى نعرض فيها المسرحية. خلال شهر آذار، سيقام في مسرح المدينة مهرجان "جابري"، يتضمن عروضاً لمسرحيات "مجدرا حمرا" و"مورفين" و"من كفرشيما للمدفون"، وسوف يعيد الفنان عباس جعفر عرض مسرحيته "هيكالو". أنجو ريحان قدمت 300 عرض لمسرحية "مجدرة حمرا"، ولا أتخيل أننا سنكتفي بعشرة عروض فقط.