رودني حداد كاتب وممثل ومخرج لبناني، يقارب الأمور بجدية ودقة وموضوعية، ولا يربط الفن بالجنسية، والنجم بالنسبة له ليس ممثلاً.
في رصيد رودني حداد العديد من الأعمال الناجحة، نذكر منها مسلسلات "العميد"، "أولاد آدم"، "عهد الدم" و"كارما"، وأفلام "Beirut Hotel"، "دخان بلا نار" و"بوسطة"، كما شارك في كتابة فيلم
"هلأ لوين".
من الأدوار المميزة بالنسبة له، دوره في فيلم "جبران خليل جبران" للمخرج سمير حبشي، ودوره في الفيلم الفرنسي "Une Histoire De Fou" للمخرج روبير غيديغيان.
رودني حداد الذي نتابعه حالياً في مسلسل "عرابة بيروت"، إلتقاه موقع "الفن"، وكانت لنا معه هذه المقابلة، التي تحدثنا معه فيها عن دوره في هذا المسلسل، وعن المسلسلات التركية المعربة، ومشاركة الممثلين اللبنانيين في الدراما المشتركة، وعن علاقة الفنان بالوطن.

كيف تصف الدور الشرير الذي تجسده في مسلسل "عرابة بيروت"؟

طبيعة البشر تحتّم على الناس أن يقوموا بما يتقنون، لاسيما إذا كان الإنسان شريراً.

ما رأيك بمحترفات التمثيل، وما الفارق بينها وبين التخصص الجامعي؟

التخصص الجامعي أوسع، لكن المحترفات أساسية، خصوصاً إذا كانت شمولية، والمحترف يجب أن يكون هادفاً، حيث تتم مرافقة المنتسبين، وينقل لهم كل ممثل خبرته، كما أن المحترف يحتاج إلى هيكلية لينقل المعرفة، ويجب أن يتمتع بخبرة واسعة لنقل المعلومات، والمنتسب يملك الحرية بالإستمرار أو التوقف، وهذا ما يميز المحترف عن الأكاديمية التي تفرض الإلتزام. فكرت شخصياً بإنشاء محترف منذ فترة طويلة، لكنه يتطلب مجهوداً شخصياً، ووقتاً وإلتزاماً وتحضيراً، ويجب أن تكون وجهة المحترف واضحة إذا كانت للمحترفين أو للذين يريدون إختبار التمثيل.

كيف تفسّر غزارة المسلسلات التركية المعربة على الشاشات اللبنانية؟

هي ظاهرة إقتصادية، وتوفر فرص عمل، ويجب البحث عن المنتج والممول الذي هو بحاجة إلى هذه الأعمال، وهذا ليس ذنب الممثلين، لأن القرار يعود للممول والمنتج المنفذ، لكنها أعمالاً لا تملك أثراً فنياً مهماً.

هل تعتبر أن مشاركة الممثلين اللبنانيين عادلة في المسلسلات المشتركة؟

الأمر يعود الى صاحب القرار، خصوصاً إذا كانوا من جنسية معينة. بات الجميع يدفع الثمن، ومن يتحمل المسؤولية هم اللبنانيون، لأن الدعاية السيئة بحاجة إلى وقت لمحوها، وأنا لا أربط الفن بالجنسية، لأن الفنان فنان. أما فكرة أن نستعين بنجم، مع العلم أنني لا أحبذ وصف نجم، بل ممثل، فهي "فكرة متخلفة". بإمكاني أن أحضر مجموعة ممثلين يملكون الكفاءة، وأوصلهم إلى حيث أريد. وصلنا إلى "عفونة" في الدراما، ونرى غالباً أناساً "محنطين". لا يجوز أن يكون الممثل عمره 50 عاماً، وشكله كأن عمره 60 عاماً، وتحبه فتاة عمرها 23 عاماً، إلا إذا كان هناك إنحراف في العلاقة، لذا فكرة التحنيط والنجم الذي لا يرضى أ يقيم إلا في مقطورة مرتفعة عن الأرض، غير مقبولة. هذا الأمر مكلف للمنتج، والمفروض البحث عن بدائل، والتركيز على النوعية.

ما الفرق بين الممثل والنجم؟

النجم لا يستطيع أن يكون ممثلاً، على سبيل المثال، يمكن إختيار شاب جميل وعيناه خضراوان ليكون نجماً "بالقوة"، وإذا طٌلب منه أداء دور لا يستطيع، لأنه "محنّط"، ولا يملك مقومات الممثل.

ما رأيك بمقولة "الفنان ما بيحكي سياسة"؟

هذه مقولة "المشحّرين"، الفنون لا تنفصل عن المجتمع، ولا يوجد فنان في العالم، من أي جنسية كان، لم يبدِ رأيه بأحداث سياسية حصلت في بلده، هل المطلوب أن يواجه البلد حرباً من دون أن يبدي الفنان رأيه؟ هذه مسخرة، وبرأيهم السبب أن الفنان يحبه الجميع، وهي نظرية تنطبق على المطرب. الفنان مؤثر، لهذا السبب يجب أن يبدي رأيه بالسياسة، لأن مسؤوليته الوعي، ولا أعني السياسة اليومية. حين يتعلق الأمر بأحدهم نحكي سياسة، وحين يتعلق الأمر بشخص آخر لا يجب أن نحكي سياسة، هذا خبث يومي.

ما هيالعلاقة بين الفنان والوطن؟

الفنان هو المسائل الأول، والوطن قيمة وطنية لا تمس. قد تختلط الأمور على البعض بين الوطن والسلطة التي يختارها الشعب، وعندما نقول سلطة، هذا يعني أن الحكومة تسلطت على المرفق العام. عندما يختار المواطن نائباً، عليه أن يحاسبه إذا لم يكن أداؤه جيداً، وعلى المواطن أن يطالب بالإصلاح وليس بالتغيير، لأن التغيير لمجرد التغيير هو قمة التفاهة، بينما التغيير للإصلاح ممكن.

لماذا لم يُعرض مسلسل "أمنيزيا"، الذي شاركت فيه، على قناة لبنانية؟

عٌرض على منصة "شاهد"، وهو عمل من الأفضل عرضه على المنصات، لاسيما أنه يتطلب تركيزاً لمتابعته. ولهذا السبب الإعلانات ضمنه ليست مستحبة.

ما رأيك بالذكاء الإصطناعي الذي وصل إلى التلفزيون والسينما؟

ليس لدي مشكلة مع الذكاء الإصطناعي، بل مع الغباء الطبيعي.

كيف تصف العلاقة مع تلامذتك؟

توقفت عن التعليم لأنه بالنسبة لي ليس وظيفة، ولا أتردد في نقل خبراتي إلى الأصدقاء الذين يحتاجونها. التعليم هو نمط عيش، ويرتكز على نقل المعرفة، ويتطلب كرماً وعطاءً، ومن حسنات التعليم، أن الفكرة تتطور​​​​​​ عندما تقال بصوت عالٍ.