للممثلة اللبنانية رولا بقسماتي حضورها الخاص، وبصمتها الجميلة التي تتركها في كل شخصية تجسدها، وهذا ما ظهر في شخصية "نادين"، التي تجسدها في مسلسل "الخائن"، إذ أظهرت رولا مجدداً قدراتها التمثيلية الكبيرة.
كان لموقع الفن حوار خاص مع رولا بقسماتي، تحدثت فيه عن كواليس العمل، ورأيها في إنتاج مسلسلات تركية معربة، وكشفت آراءها في العديد الأمور.

أخبرينا أكثر عن مسلسل "الخائن"، وعن دور "نادين" الذي تؤديه فيه.

مسلسل "الخائن" مسلسل إنساني للغاية، يدخل إلى أعماق الأشخاص، خصوصاً لأنه يتناول موضوع الخيانة، الموجود بشكل واسع في المجتمعات، وهو موضوع حساس للغاية، وتمت معالجته في العمل بطريقة "مؤذية"، فقد دخلوا في معالجة المشلكة بتفاصيل الإحساس، فالشعور الواحد تتم تجزئته بعدة طرق، حتى يبدو واقعياً وحقيقياً للغاية. كما تم التركيز على فكرة أن الخيانة لها عدة أوجه، وليست فقط بين الرجل والمرأة، فرأينا خيانة الأصدقاء أيضاً، وكذلك بين الإنسان مع ذاته، ومع أحاسيسه وأفكاره.
"نادين" تعرضت للخيانة، ووضعت بموقف إضطرت فيه للسكوت عن خيانات شخص آخر لزوجته، وتجسدت بقصتها فكرة العذاب التي تؤدي إليه الخيانة، والأذية، إنه موضوع إجتماعي جداً، درامي وعميق.

لم يتمكن المشاهد حتى الآن، من فهم شخصية "نادين"، أو تحديد الخط الذي تسلكه، ما الذي يجعلها تعيش كل هذه التناقضات؟

"نادين" شخصية حقيقية للغاية، وتشبه العديد من الأشخاص حولنا، الظروف المحيطة بها هي التي حكمت عليها مواقفها، هناك الكثير من الأشخاص في الحياة، يمكن أن يوضعوا بموقف يمكن فيه أن يفصحوا عن معلومات خطيرة يعرفونها، ولكنهم يفضلون أن يتركوا هذه المعلومات لأنفسهم، ليس لأنهم يؤيدون التصرفات السيئة، بل لأن الظروف أجبرتهم على التصرف بهذه الطريقة، أو حتى على الإنخراط في الأمر.

في حال كنتِ مكان "نادين"، هل تكشفين الأسرار التي تعرفينها؟

أنا ضد الخيانة، وأفضّل أن لا أتدخل، خصوصاً عندما تكون علاقة أصدقاء، وفي حال أجبرت على التدخل، أفضل حينها أن أحافظ على حدودي فيها، بالإضافة إلى أنه عليكِ أن تفهمي أطراف النزاع جميعها، حتى تتمكني من إتخاذ الموقف الصحيح، عدا عن أن طريقة تفكير الأشخاص مختلفة، هناك خطوط عريضة نتفق عليها جميعنا، ولكن الإنسان إنسان، وهناك ظروف تفرض عليكِ تصرف معيناً.

ماذا ننتظر بعد من شخصية "نادين"، والتغيرات التي ستطرأ على الأحداث التي تدور حولها؟

هناك العديد من القصص التي تدور حول "نادين"، نبدأ من مشاكلها المنزلية، ورغبتها في إنجاب أطفال، بالرغم من صعوبة الأمر، زوجها بعيد عنها، ولا يشعر بها كما يجب، تحبه بشكل كبير، ونراها إمرأة ليست غبية، حزينة كثيراً، بسيطة كثيراً، تحب زوجها بشكل كبير، وتتغاضى عن أخطائه حتى تصل إلى هدفها الأساسي، وهو أن تخلق عائلة مع الشخص الذي تحبه، ولكن هناك العديد من الأمور التي تدور حولها وتمنعها كثيراً، كما أنه يجب أن لا ننسى أن لنادين علاقة قوية جداً مع "سيف"، الذي يؤدي دوره الممثل السوري قيس الشيخ نجيب، وزوجته "أسيل"، التي تؤدي دورها الممثلة السورية سلافة معمار، كما أننا نلاحظ أن لديها علاقة قوية للغاية بإبنهما "يزن"، وبسبب نقص الأمومة لديها، تبدو كأنها تهتم بتربية هذا الطفل، فهذا الصراع كان مؤذياً للغاية بالنسبة لها، وكأنها إمتنعت عن الحديث عن علاقة "سيف" بإمرأة أخرى، لأنها لا تريد أن يهدم هذا المنزل، من أجل هذا الطفل، الذي يعني لها أكثر من الوالدين، فترين وكأن الخط الذي تسلكه "نادين" مختلفاً عن باقي الخطوط.

شكلتِ مع الممثل اللبناني إيلي متري ثنائية في هذاالعمل، ماذا تحكي لنا عن شخصيته "سالم" على الصعيد المهني والشخصي؟

إيلي متري من أجمل الممثلين الذين يمكنكِ أن تستمتعي بالعمل معهم أمام الكاميرا، تجمعني به كيمياء قوية، يساعدكِ على إظهار إحساس صادق للغاية، يجمعنا تناغم كبير، يجعلنا نُظهر شعوراً حقيقياً، أتمنى لو نتمكن دائماً من إيجاد ممثلين بينهما هذا الكم من التناغم، لذا أقترح أن نبحث بشكل دائم، عن كيمياء واضحة بين الشخصيات، عندما يتم تحديد فريق عمل المسلسلات.
أما عن دور "سالم"، فهو شخصية خبيثة غير محبوبة حتى الآن، حاول التقرب من زوجة صديقه، إستغل فترة ضعفها، والسبب الذي جعله يتقرب منها مختلف عن الأسباب التي جعلت "أسيل" تقيم معه علاقة غير مبررة بالتأكيد، ولكن كان مشهداً قوياً بهدف الدخول إلى عمق إحساس المرأة التي تعرضت للخيانة، والتي تريد أن تنتقم بأي طريقة.

كيف تصفين التعامل مع مخرج تركي؟

في البداية لم تكن الأمور سهلة، واجهنا صعوبات، مع أن المخرج يتحدث باللغة العربية، ولكن بقدر بسيط، مدرب التمثيل ساعدنا بشكل كبير في إيصال فكرة المخرج، حتى لو فهمتِ وحفظتِ الشخصية، هناك رؤية المخرج التي يجب أن تفهميها، وتطبعي شخصيتكِ الخاصة، وتجدي نقطة مشتركة بينكِ وبينه، مهما كانت جنسيته.

بشخصيتكِ في مسلسل "الخائن"، وسابقاً بشخصيتكِ في فيلم "خبصة"، وجدنا الشخصيتين تبذلان جهداً كبيراً لإنجاب طفل، هل تعتبرين أن الزواج لا يكتمل من دون أطفال؟

الطفل يعطي حياة وروحاً جميلة للمنزل، لا يمكنني أن أتخيل حياتي من دون إبنتي كايلي، ولكن لا يجب أن يكون الشخص أنانياً، وأن ينجب إبناً فقط من أجل الإنجاب، وهذا لا يعني أن الإنسان من دون طفل لن يكون سعيداً، يجب على الشخص أن يحاول إنجاح علاقته مع الشريك، وأن يحب كل منهما الآخر.

ما سبب التوجه الكبير لإنتاج المسلسلات التركية المعربة؟ وهل تعتبرين الأمر مجحفاً بحق الكتاب والمخرجين العرب؟

نعم، ولكن نحن أمام أنواع عديدة من المسلسلات، وبعالم الإنتاج اليوم نجد أنهم يسعون للعمل على جميع هذه الأنواع، أنا لم أكن من محبي المسلسلات التركية، ولكن مع الإقبال الكبير الذي شهدته التجربة الأولى من تعريب المسلسلات التركية، لا يمكن أن لا تتم إعادة الكرة، لدى هذا النوع من المسلسلات جمهور كبير، يمكن إعتباره الآن أكبر من جمهور المسلسلات الأخرى.
مسلسل "الخائن" تمت ترجمته إلى عدة لغات غير العربية، وهذا أمر له حسنات وسيئات، نحتاج لأعمال تشبه مجتمعاتنا أكثر، ولكن هناك مسلسلات تكون سارية في كل المجتمعات، وقصصها تهم الجميع، "الخائن" احتل المرتبة الأولى ضمن الأكثر مشاهدة بسرعة فائقة.

تم مؤخراً وصف عدة مشاهد في المسلسلات بـ"الجريئة"، وأحدثت بلبلة واسعة، ما تعليقك؟

هؤلاء المنتقدون شاهدوا أعمالاً أجنبية على منصات عالمية، تحتوي على مشاهد جريئة للغاية، ولا مانع لديهم فيها، وعندما يبدأ الحديث عن مسلسل عربي، لا يتقبلون أي نوع من الجرأة، كل هذه المشاهد تمثيل وتخدم القصة، هناك مواضيع أهم يجب أن تحدث بلبلة، ويجب على الجمهور أن يهتم بها، لعلها تفيد.

إلى أي مدى تميلين إلى التغيير على صعيد الشكل، مكان السكن، ظروف الحياة؟

أحب التغيير بشكل كبير، برجي "الدلو"، أحب التجديد، وأن أعيش تجارب جديدة بعالم جديد، وأن ألتقي أشخاصاً جدداً، حتى أني أحب أن أغير شكلي الخارجي، ولون شعري، ومكان السكن، يمكنني أن أصطحب إبنتي وأذهب إلى بلد جديد، لطالما أن الهدف الذي أغير من أجله قادر على إسعادي وإغنائي، وعالم التمثيل قريب مني كثيراً.

مع استمرار أحداث غـ زة، هناك مشاهير خسروا عقود عمل بسبب آرائهم السياسية، هل على الفنان أن يهتم بعمله فقط، وألا يتحدث في السياسة؟

لا يمكننا تجريد الفنان من إنسانيته، فالفنان بالأساس هو إنسان، ويجب أن يكون حساساً أكثر من غيره، ولكن عليه أن يكون ذكياً في اختيار تعابيره. لا يمكنكِ أن تقولي إن ما يحدث قي قطاع غـ زة هو أمر طبيعي ولا يعنيني، نحن بشر، وأنا الآن أتحدث عن أمر إنساني، وليس عن الأحداث السياسية.

ماذا تخبرينا عن أعمالك القادمة بعد مسلسل "الخائن"؟

شاركت في مسلسل "عرابة بيروت" المؤلف من 10 حلقات، والمقرر أن يعرض قريباً بعد مسلسل "الخائن"، وأعمل حالياً على مسرحية من كتابتي، تدور فكرتها في رأسي منذ زمن بعيد، ولكن لم يكن لدي الوقت الكافي، أنتظر أن تتحسن الأوضاع، حتى أتمكن من التركيز عليها.