تعرض مسرحية "تنين تنين" على مسرح مونو في الأشرفية لغاية منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وهي مقتبسة من مسرحية Duets للكاتب البريطاني Peter Quilter، من بطولة باتريك شمالي وكريستين شويري، وإخراج زلفا شلحت. العمل مؤلف من قصتين، الأولى "سفرة من العمر"، والثانية "أويها"، ويجسد البطلان دورين مختلفين في كل منهما.
مسرحية Duets عُرضت في ٢٨ بلداً وحققت النجاح. باتريك شمالي تولى مهمة إقتباس العمل إلى العربية اللبنانية، بعد حصوله على حقوقها، وتولى أيضاً إنتاجها.
القسم الأول من مسرحية تنين تنين هو "سفرة عمر"، تدور أحداثها حول زوجين منفصلين، قررا قبل أن يتطلقا تمضية عطلة معاً، سددا نفقاتها قبل الإنفصال، وكشفت الأحداث ترددهما وتقاربهما بنفس الوقت، وأنهما بعيدان كل البعد عن فكرة الطلاق.
القسم الثاني من المسرحية "أويها"، تدور أحداثها حول عروس تتحضر لزواجها الثالث، لكنها مترددة، وبحاجة لأجوبة عن تساؤلاتها، وتطلب من شقيقها، المعروف عنه أنه واقعي، أجوبة قبل الخروج لملاقاة زوجها.
ثنائية باتريك شمالي وكريستين شويري ناجحة، وقد أثبتا موهبتهما وعفويتهما، وأظهرا تناغماً بينهما. القسم الثاني من العمل كان حافلاً بالمواقف والمفاجآت، وتفاعل معهما الجمهور بشكل لافت، وعلت أصوات الضحك في الصالة. المشاهد والمواقف كانت طريفة للغاية، والأهم أنها كوميديا راقية، وبعيدة عن الإبتذال.
مسرحية "تنين تنين" أثبتت موهبة باتريك شمالي، وكشفت موهبة كريستين شويري على المسرح، بعد تميزها في السينما والتلفزيون، وكانت واضحة بصمات المخرجة زلفا شلحت في إدارة الممثلين، وإعتماد التقنيات المسرحية. السينوغرافيا ورسم الديكور تولتهما سولانج تراك، بالتعاون مع ماريلين خوري، وأنجزتا العمل الرائع خلال ٣٦ ساعة.
مسرحية "تنين تنين" أبصرت النور بفضل إيمان وثقة الكاتب والمنتج والممثل باتريك شمالي، بأنه يحارب بواسطة الفن والمسرح، كذلك الأمر بالنسبة لـ كريستين شويري وزلفا شلحت، فبادر الثلاثة إلى إضاءة شمعة في الظلام، في مرحلة صعبة يبحث فيها اللبنانيون عن فسحة أمل وواحة فرح، وقد نجحوا في مهمتهم.
موقع الفن إلتقى باتريك شمالي وزلفا شلحت، وكان لنا هذان الحواران معهما.
باتريك شمالي
كيف يصف الكاتب والمنتج والممثل باتريك شمالي مسرحية "تنين تنين"؟
"تنين تنين" مسرحية محببة على قلبي، وهي بمثابة طفلي. بدأت تحضيرها في بداية العام ٢٠٢٣ حين وجدت مسرحية Duets للكاتب Peter Quilter T، قرأت النص باللغة الإنكليزية، وأغرمت بنصه، وبأسلوبه في الكتابة، وعمله على تركيب الشخصيات، وتفاعلها مع بعضها البعض، فقررت بشكل سريع إنتاج المسرحية، وحصلت على حقوق النشر، وعرّبتها، وحجزت مسرح مونو. فيما بعد كان التركيز على الممثلة التي ستشاركني التمثيل فيها، والتي يجب أن تتمتع بالحضور، والنظرة التي كونتها عنها أثناء قراءة النص.
كيف تصف شعورك وأنت تقدم عملاً في ظل ظروف غير طبيعية في لبنان والمنطقة؟
قبيل إطلاق العمل، بدأت مشاعر القلق والتردد بسبب الأوضاع الأمنية المستجدة، وتشاورت مع زلفا وكريستين، وقيّمنا الوضع، وكان القرار جماعياً بوجوب إكمال ما بدأناه، ولو تراجعنا لكانت الهمجية والبربرية قد انتصرتا عوضاً عن الفن والثقافة. نحن نرفض أن نتخلى عن الوجه الحضاري للبنان، ونحن كفنانين لا نملك أسلحة ولا طائرات ولا غواصات، نحن نحارب بأعمالنا الفنية.
ماذا عن إقتباس الجزء الثاني من العمل الذي كان ملبنناً إلى حد ما؟
عملت بدقة كي يكون النص ملبنناً الى أقصى حد، من دون تبديل في مغزى النص الأساسي، وهذا ينطبق على الجزأين الأول والثاني. في الجزء الأول كان هناك العديد من العبارات التي تراودنا، لكنني حرصت على أن تكون بلهجتنا، وبردود فعلنا كلبنانيين، كي تكون أقرب إلى شرقيتنا، لاسيما أن إنفعالاتنا بعيدة كل البعد عن الإنفعالات البريطانية، والتي كتبها الكاتب للمجتمع الغربي. الجزء الثاني كان ملبنناً أكثر، لأن العرس لبناني صرف، والأعراس في لبنان قصة كبيرة، لها مفرداتها وأحاديث تتعلق بتفاصيلها، وبوصف حفلة العرس. كما أنني لبننت العلاقة بين الأشقاء، لأن العلاقة في الشرق أقرب منها في الغرب. أما الطلاق، فهو أمر لا يناقش مثلما يناقش موضوع العرس، لهذا السبب بدا الجزء الثاني ملبنناً أكثر.
كشف المخرج برونو جعارة لموقع "الفن"، أنه سيكون المخرج مسرحية "تنين تنين"، ما الذي حصل؟
صحيح، كان من المفترض أن يكون مخرج المسرحية المخرج برونو جعارة، لكنني فضلت أن تتولى زلفا شلحت الإخراج، لاسيما بعد تعاوني معها في مسرحية "أنّا أو"، وهي تتمتع بحساسية مفرطة، ولديها عمق في معالجة الشخصيات، وهذا ما انعكس على تعاوني معها إلى أبعد الحدود. كما أنني عملت مع زلفا وكريستين على تحويل نص مكتوب إلى شخصيات حية. العمل مع زلفا رائع، وشكلت إضافة على العمل، وأنا سعيد بهذا الخيار.
ماذا عن فيلم "تنعش" الذي حقق جوائز عديدة؟
الفيلم هو اقتباس لبناني عن الفيلم والمسرحية الشهيرة 12 Angry Men للكاتب الأميركي ريجنالد روز، من بطولة الممثل الأميركي هنري فوندا. عرض عليّ صديقي المخرج بودي صفير مسودة نص للفيلم، ولم أكن مقتنعاً بالفكرة في ذلك الحين. ومنذ سنتين، إقترح بودي من جديد أن نكتب المسرحية، فقبلت التحدي، وعملنا سوياً بناءً على المسودة الأساسية وأعدنا لبننة النص بالكامل وفي العمق. شارك الفيلم في عدة مهرجانات عالمية، وحاز عدة جوائز، وفاز مؤخراً بجائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان الأفلام المستقلة في لبنان، وأنا سعيد بأن أعلن أن الفيلم سيكون في الصالات اللبنانية في ١٦ تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وسوف يشارك بمهرجان الفيلم اللبناني في فرنسا، مع فيلم "منشور" الذي أطلقته العام الماضي، وكلاهما سيتنافسان في المهرجان في فرنسا، وأنا سعيد بأن الجهود التي بذلناها أثمرت، على أمل أن نكون عند حسن ظن الجميع.
زلفا شلحت
كيف تصفين تعاونكِ مع باتريك شمالي وكريستين شويري؟
العمل مع باتريك وكريستين كان رائعاً، لا سيما أننا من نفس الفئة العمرية، ولدينا خلفية فنية وموسيقية وثقافية، وخلال التحضير كنا ننمو مع بعضنا البعض، خصوصاً خلال النقاش والحوار عن التمارين، وأهمية الشق النفسي والشق العاطفي، وتزوّد كل منا بخلفيته وتجاربه الشخصية، وأسقطناها على الشخصيات. والتحدي الرائع بالنسبة لي، كان في إخراج مسرحية للمرة الأولى مع بالغين، وكان من الضروري التخلي عن الكبرياء وإستبداله بالتعاون.
كيف كانت كواليس التحضير والتدريبات على العمل؟
بدأنا التحضير للمسرحية في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتدربنا يومياً، وتم التركيز على تقنيات، منها
Technique de clown و Stanislavski، وعندما إنضممت إلى فريق العمل، كان باتريك وكريستين قد حفظا النص، فتوليت شأن التقنيات وإدارة الممثلين كي يكون العمل حقيقياً.
ما هي أعمالك المقبلة بعد مسرحية "تنين تنين"؟
قريباً سوف أشارك بالتمثيل في مسلسل كوميدي بعنوان "درجة درجة"، من كتابة مايا سعيد وإخراج مارك سلامة، إنتاج روتانا وإيلي عرموني، ويشارك في التمثيل الممثلون جوزف بو نصار، طارق تميم، أيمن قيسوني، نسرين زريق، إيلي متري وأندريه ناكوزي وغيرهم، وأجسد في المسلسل دور الجارة الحشّورة. كما أنني شاركت بالتمثيل بدور أم في فيلم "صم" للمخرج روي عريضة، ويشارك الفيلم حالياً في مهرجانات في الخارج.