إنتظر الجميع مسلسل "سفاح الجيزة" على أحر من الجمر، الذي بدأ عرضه في 25 آب/أغسطس الماضي، وأحداث العمل مستوحاة من قصة حقيقية، إذ يتحدث المسلسل عن القاتل المتسلسل الذي أرعب مصر، قذافي فراج عبد العاطي، الذي إشتهر بلقب "سفاح الجيزة"، وكان قد تم القبض عليه عام 2020.


المسلسل بوليسي بإمتياز، بحيث يطارد الأمن الجنائي أحد أخطر السفاحين في مصر، كما تم التحدث عن بعض المواقف التي حصلت معه في طفولته، وأثرت في نشأته النفسية.
من الواضح أن قصة المسلسل مشوقة، وطريقة سرده رائعة، بالإضافة إلى فريق العمل الذي يتألف من ألمع النجوم، ومن الملفت أننا نشاهد هذا الأسلوب في الأفلام والمسلسلات الأجنبية، منها أفلام السفاحتيد بندي، ومسلسلجيفري دامرالذي أثار الجدل عالمياً ، والعديد غيره من السفاحين العالميين.
وكما هو واضح، تم العمل على مسلسل "سفاح الجيزة" بشكل دقيق ومكثف، على الرغم من أنه مؤلف من 8 حلقات فقط، إنما إستغرق عامين لإنهائه، إذ كان بدأ العمل عليه عام 2021، بعد أقل من عام من القبض على فراج. ففي الوقت الذي كانت الأمهات يبكينَ على أولادهنَ، كان هناك من يغمس قلمه بجرحهم الكبير لكتابة مسلسل.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه عائلات الضحايا تنفيذ حكم الإعدام بحق السفاح الذي دمر حياتهم، وبعد أن أتعب أعصابهم لفترات طويلة، قبل إكتشاف جثث أولادهم، محاولين التأقلم مع حياتهم الجديدة، يأتي هذا المسلسل ليكون "الضربة القاضية"، كالسكين التي ستفتح جروحهم من جديد، وتعيدهم بالزمن إلى اللحظة التي خسروا فيها محبيهم. فهل 3 سنوات كافية لإطلاق مسلسل حول هذه القضية، خصوصاً أنه لم يتم تنفيذ الحكم بالسفاح بعد؟
طبعاً كان من المتوقع أن تتم إضافة عناصر وأحداث إلى القصة بهدف التشويق في المسلسل، إنما قرر المؤلف أن يستند إلى بعض الحقائق من القصة الحقيقية، إذ كشف المؤلف محمد صلاح العزب، أنه لا يهدف لقول القصة من وجهة نظر السفاح، أو حتى سرد قصة حياته، إنما هو يكتب عملاً درامياً من خياله، ولكنه يستند إلى بعض الوقائع الحقيقية، وهذا ما أكدته شقيقة القاتل. وبما أن الكاتب إختار أن يستخدم فقط بعض الحقائق من القصة الحقيقية ويبدع في الباقي، فلماذا لم يغير أسماء الشخصيات؟
القاتل لا يزال حاضراً، ولا زالت العائلات تعاني، والمسلسل ستكون لديه ردود أفعال مختلفة من المشاهدين، خصوصاً أن السفاح معروف، وكل محبي المسلسل أصبحوا على دارية أنه مأخوذ من قصة حقيقية، إنما لا يعلم الجميع القصة الكاملة، أي وبالتالي سيظن كثيرون أن الأحداث بأكملها حقيقية، وقد يتعاطف الكثيرون مع المجرم، خصوصاً أن الممثل أحمد فهمي هو الذي يجسد شخصية السفاح، ويمكن أن يجذب المشاهدون من خلال الكاريزما التي يملكها، كما وأن شعبيته لا يستهان بها، فستتغير نظرة جزء من المجتمع إلى هذا السفاح، وهذا ما حدث مع المسلسل الذي تحدث عن السفاح الأميركي جيفري دامر، الذي صدر عام 2022، رغم أنه قتل في السجن عام 1994.
وأيضاً هذا ما كان واضحاً في قضية تيد بندي، أحد أشهر وأذكى السفاحين في العالم، والذي تم بث قضيته مباشرة على الهواء لأول مرة في التاريخ، وبسبب جاذبيته وجماله، أحاطت النساء من كافة الأعمار بالمحكمة، ووقفنَ إلى جانبه وساندنه، وكان لهنَ يد في تأخير محاكمته، كما وأنه إشتهر، وأصبحت لديه شعبية كبيرة، وإستمر بالحصول على الهدايا والرسائل منهنَ، حتى يوم إعدامه.
ومع إنتظار تنفيذ حكم إعدام قذافي فراج، وبعد أن كان الملف منسياً في الجارور، جاء هذا المسلسل على هيئة المنقذ، إذ بعد عرض حلقتين فقط من العمل، تم تقديم طعن بحكم الإعدام.
لم ينتهِ عرض المسلسل بعد، وتأثيره واضح على القضية، فهنا نعيد طرح السؤال الآتي: "هل عرض المسلسل قبل تنفيذ حكم الإعدام هو خطوة ذكية؟"