بعد تحقيقه نجاحات كبيرة في ألحانه مع فنانين من مختلف الأجيال، تعاون عاشق الموسيقى الملحن يحيى الحسن للمرة الأولى مع السيدة ماجدة الرومي في أغنية "عندما ترجع بيروت"، التي طرحت قبيل ذكرى 4 آب الأليمة.
موقع "الفن" كان له لقاء مع الملحن يحيى الحسن، الذي كشف لنا كواليس تعاونه مع السيدة ماجدة الرومي، وتحدثنا عن تعامله مع فنانين آخرين، وسألناه عن رأيه في أمور فنية.



"عندما ترجع بيروت" كتب كلماتها الشاعر نزار قباني، وأهدتها السيدة ماجدة الرومي إلى شهداء إنفجار المرفأ وشهداء لبنان، هل حقق يحيى الحسن حلماً بهذا العمل؟ وكيف تصف هذا التعاون الذي يحملك مسؤولية كبيرة؟

يطمح أي فنان وشاعر وموسيقي وملحن، أن يعمل مع السيدة ماجدة الرومي على المسرح، أو في الألحان أو في كتابة الأغاني، فهي علم من أعلام لبنان، ومنتشرة على بقاع الأرض، وصوتها يصل إلى أبعد مدى. كان لي الشرف أن أعمل مع السيدة ماجدة، والدكتور جمال فياض هو من رشحني لتلحين هذا العمل، الذي أشرف عليه شقيق الفنانة ماجدة الرومي ومدير أعمالها السيد عوض الرومي.
عندما تتعاملين مع هذا المستوى من الفن، تجدين متعة خاصة، ونكهة فريدة، إذ إنه في أيامنا هذه، يتلقى الفنان أغنية يسمعها، إن أحبها غناها، وإن لم يحبها لا يغنيها، لكن الأمر يختلف مع الفنانين الذين عاشوا الزمن الجميل، واختبروا الأغاني الطويلة، والسيدة ماجدة الرومي تسمع الأغنية، تناقش في اللحن، والكلام والتوزيع الموسيقي، وقد نغير بعض الأمور عند ابدائها رأيها.

هل لهذا السبب تأخر صدور هذه الأغنية، التي سمعنا عنها منذ أكثر من عام؟

الأغنية انتهت منذ سنتين، ولا أعتقد أن تركيز السيدة ماجدة الرومي كان في تاريخ الصدور، إنها أغنية عن معاناة لبنان بشكل عام، ويمكن أن تصدر في أي وقت، لأنها تغني للبنان. الشاعر نزار قباني يقول في القصيدة: "هل من الممكن أن ينبت قمح في مياه البحر أو يأتي مع الموج الحساب"، وكأنه تنبأ بمصير العاصمة اللبنانية، وإهراءات القمح في المرفأ حين كتب ذلك، إنما لا يمكن حصر الأغنية في إنفجار المرفأ، فلبنان يعاني من إنفجارات منذ تاريخ ولادتنا.
السيدة ماجدة لا تحب أن تقوم بأمرين في نفس الوقت، فمثلاً عندما تكون مرتبطة بحفلات، يكون كل تركيزها على الحفلات، فتمتد الأمور إلى عدة أشهر، وأنا حضرت أكثر من ثلاث أغاني للسيدة ماجدة، وهي أغاني مسرح وفرح، نحضر لكم أعمالاً جميلة.


إلى أي مدى يُسهل عليك أن يتم تلحين وتوزيع الأغنية موسيقياً في نفس المكان، خصوصاً أن إبنك حسن يعمل معك؟

طبعاً العمل مع إبني حسن، الذي قام بالتوزيع الموسيقي الشرقي لأغنية "عندما ترجع بيروت" هو أسهل بكثير، وحسن لا يوزع فقط على الكمبيوتر، فهو درس الموسيقى، ويعزف على عدة آلات موسيقية، منذ أن كان عمره 8 سنوات، وبعدها إلتحق بالجامعة، وحصل على الشهادة، لذلك عملنا معاً يسهل عليّ عدة أمور. نحن ننهي العمل عندنا من اللحن والتوزيع الموسيقي والميكس والماستر، ولدى ابني حسن حرية اختيار الرؤيا الموسيقية للأغنية.

الفنانة باسكال صقر غنت الكثير من الأغاني ضمن خط معين، هل تعتبر أنك نقلتها إلى مكان جديد نوعاً ما في أغنية "بحبك ومنك خايفة؟"

باسكال صقر لديها خبرة ومسيرة طويلة في الفن، وهناك متعة في التعامل معها. أتمنى أن أكون قد أضفت شيئاً على تاريخها، ونحن قدمنا معاً أغنية ذات كلام جميل كتبه الشاعر إميل فهد، ولحن جميل، ووزعها موسيقياً إبني حسن، ولاقت الأغنية نجاحاً من المستمعين، وباسكال قالت إن الأغنية هي أجمل ما غنت في مسيرتها، وأتمنى أن أتعاون معها من جديد.

لحنت الكثير من الأغاني، هل تعتبر أغنية "إمي" للفنانة نانسي عجرم هي أغنية للعمر كله؟

هناك فنانون محظوظون، بمعنى أنه تمر في حياتهم أغنية لا تموت، لنأخذ مثلاً الموسيقار فريد الأطرش، لديه عدة أغاني عظيمة على مر السنين، عندما نذكر أغنيته "دقوا المزاهر"، فنحن نسمعها في أي مناسبة وأي عرس، وكذلك الأمر بالنسبة لأغنية "ست الحبايب" التي لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، فهي أغنية نسمعها دائماً في عيد الأم، هناك أغاني تترك بصمة، مستحيل أن يمحوها الزمن. هل هناك حفلة في لبنان لا نسمع فيها أغنية "عالعين مولايتين"، هناك أغاني تبصم، على سبيل المثال أغنية "مبروك" للفنان رامي عياش وأغنية "ليلة ليلة" للفنان محمد عبده، وأتمنى أن تصبح أغنية "إمي" من هذا الصف، لأنها ومنذ ثلاث سنوات، لا زالت في المراتب الأولى في العالم العربي، وهي من كلمات صديقي الشاعر إميل فهد، والتوزيع الموسيقي لباسم رزق، وكل شيء موفق في هذه الأغنية، ونانسي أبدعت في غنائها.

تعاونت مع الفنانتين إليسا وهيفا، هل سيتجدد هذا التعاون؟

حضرت أغنية للفنانة هيفا وهبي، وأغنيتين للفنانة ميريام فارس، وكذلك للفنانة نانسي عجرم، أحضر أغنيات لكل الفنانات اللواتي عملت معهن، أما إطلاق الأغاني، فهو مرتبط بعمل إنتاجي، وهذا يخرج عن إرادة الشاعر والملحن، وهناك أوقات وظروف معينة لإطلاق الأغنية، وكلفة باهظة بالملايين.

من أين تأتي قدرتك على التنويع في الألحان، لفنانين مختلفين في ألوانهم الغنائية؟

أنا أسمع الموسيقى منذ الصغر، ولدي إنفتاح على كل أنواع الموسيقى، ودرست العزف على العود، وعلى الكمان التي هي آلة غربية، أحب الغربي والشرقي، وأحب أعمال سيد درويش وعبد الوهاب والأخوين رحباني وزياد الرحباني، المهم أن تكون الجملة اللحنية الحلوة، وأن يكون في داخل الملحن حب حقيقي للموسيقى.
وبالنسبة للسيدة ماجدة الرومي، لا يمكن حصرها بلون غنائي معين، فهي غنت التانغو والفالس والإيقاعات الغربية على غرار أغنية "إسمع قلبي"، وحتى الرومبا في أغنية "متغير ومحيرني".

أنت تدعم المواهب الجديدة، ماذا يتطلب الأمر من المبتدئ كي تعطيه لحناً؟

أنا أدرّس الموسيقى منذ 28 عاماً، وعلاقتي بالمواهب ذات الأعمار الصغيرة ممتازة، وأحب الأصوات الجديدة، أما القاعدة فهي الصوت الجميل، فطالما الشخص يتمتع بهكذا صوت، أقبل أن أعطيه لحناً، بالإضافة إلى أن تكون لديه نفسية فنان، وألا يكون مستخفاً بالفنانين الآخرين، فأنا لا أتعامل مع الفوقيين، الفنان الحقيقي هو الذي يستمع إلى الجميع، ولديه إطلاع على كل جديد في الساحة الموسيقية.

هناك فنانون وفنانات كثيرون يتبعون مؤخراً ترند الأغاني باللهجة المصرية، ما تعليقك؟

شهدنا منذ عشر سنوات رواجاً للأغاني المصرية، منها للفنانين إيهاب توفيق ومصطفى قمر وعمرو دياب، كنا نسمع المصري كثيراً، وهذا العام دخل الفنان أحمد سعد بقوة، فتحركت الأغاني المصرية في بلدنا، وبالنهاية الفن المصري هو في دمنا، فنحن نشاهد الأفلام المصرية، ونسمع أغاني العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والموسيقار فريد الأطرش، ونتكلم اللهجة المصرية مثلما يتكلمها المصري. أنا في البدايات لحنت للفنان وديع مراد وللفنان الراحل جورج الراسي باللهجة المصرية، وكذلك هناك فنانون لديهم أرشيف وصوت جميل غنوا اللهجة المصرية، منهم الموسيقار الراحل ملحم بركات بأغنية "الفرق ما بينك وبيني"، وكذلك الفنانان نبيل شعيل وحسين الجسمي.
الفن موضة، ألم تأتِ إلينا أغاني من المغرب العربي؟ منها "يا رايح وين مسافر"، وانتشرت هذه الأغنيات، وأصبح الفنانون يصدرون أغاني قريبة من الراي، والتنوع في الفن أمر جميل.