عرضت مسرحية "دفاتر لميا" على مسرح مونو، وحققت نجاحاً باهراً. تناول العمل ظلم المرأة، والتحكم بمصيرها، وسلطت الضوء على معاناة فتاة أبعدت عن عائلتها، بسبب عدم قدرة الأب على تحمل العبء المادي لعائلة كبيرة، ورافقها الأب إلى المدينة لتعمل خادمة في منزل عائلة ميسورة.
قصة حزينة وظالمة بحق فتاة قاصر، ملزمة بالعمل عوضاً عن متابعة دراستها مثل إخوتها الشباب، والسبب ينحصر فقط في كونها فتاة.


إقتيدت لميا من حضن والدتها الدافئ، إلى بيت بارد وغريب، وبعيد عن عائلتها، وهي في الثالثة عشرة من عمرها. لم يسألها والدها عن رأيها بالعمل كخادمة في بيت عائلة ميسورة، ولم يناقش الأمر مع والدتها. قرر بمفرده أن يخفف أعباء عائلة كبيرة، وأن يحظى إخوتها الشباب بالتحصيل العلمي، لأن على الفتيات الإختيار بين الزواج والعمل، ولم تكن تعلم لميا، أنها لن تغادر البيت في المدينة، إلا إلى مثواها الأخير. لم تنتفض على واقعها، بل واصلت جلد ذاتها، وإيجاد الأعذار لوالدها. حكاية لميا هي قصة حقيقية، جسدتها عمة المخرج شادي الهبر، السيدة نهاد.
الحوار بين لميا وشادي كان حواراً من القلب إلى القلب، حيث كشفت له أحاسيسها تجاه سيدة البيت وبناتها. روت بواقعية الأحداث، وتفاعلت تارة بإبتسامة، وتارة بدمعة. أطلعته على مشاعرها تجاه شاب إسمه خضر، وعلى حلمها بالزواج منه، لكن الحلم لم يتحقق، وأخبرته كيف حصلت على دمية ما زالت تحتفظ بها في غرفتها، وكيف علمتها جنى، إحدى بنات السيدة نور، كتابة إسمها، الذي كتبته بدورها على صفحات عدة دفاتر.
عمل ناجح على كل المستويات، النص تمت حياكته بدقة وعناية من الكاتب ديمتري ملكي، فجمع بين البساطة والعمق. أما الإخراج، فقد نجح شادي الهبر، في إضافة دينامية على العمل، وحماسة عند الجمهور لمتابعة العرض، والتفاعل مع أحداثه المحزنة، أما أداء الممثلين ريما حلبي، مها أبو زيدان، جميل الحلو وأنطوانيت الحلو فكان رائعاً.
الصور بعدسة مسؤول الإعلام والتواصل في "مسرح شغل بيت" كريس غفري.
موقع "الفن" إلتقى المخرج شادي الهبر، وكان هذا الحوار.


ما هي أبرز عوامل نجاح "دفاتر لميا"؟

نجحت المسرحية بشكل لافت ومميز، الجمهور أحب العمل والقصة والإخراج والتمثيل، والنجاح يعود إلى عدة عوامل، أبرزها القصة، لأن الجمهور يحب القصص الحقيقية المنطلقة من الواقع. قصة لميا هي معاناة بقيت في الظل، وأخرجها المسرح إلى الضوء، وأصبحت حكاية يتناقلها الناس. كانت لافتة الأجواء العائلية المريحة بين أفراد فريق العمل، حيث سادت الألفة والمحبة المتبادلة بينهم، ما ساهم في نجاح العمل.

هل القصة الحقيقية تساهم بحقيق تفاعل أكبر من الجمهور؟

إنطلاقاً من خبرتي في العمل المسرحي كمخرج ومدرب مسرحي، نعم القصص الحقيقية تجذب الجمهور، وتحرّك حشريته للبحث عن موقعه في القصة، وهذا ما حصل في مسرحية "دفاتر لميا"، فقد حركت أحاسيس عدد كبير من المشاهدين، من خلال جملة، أو موقف، أو قصة حياة، أو تجربة حب، أو خيبة أمل، أو فراق، أو أحلام لم تتحقق، كل هذه الأمور ساهمت في جذب الناس، فعندما نقدم عملاً من صلب الحقيقة، يسارع الناس إلى مشاهدة العرض.

هل يحضّر شادي الهبر أعمالاً جديدة؟

نحن بصدد تخريج الدفعة العشرين من طلابنا في "مسرح شغل بيت" في ١٥ تموز المقبل، من خلال مسرحية "مراية"، وفي نهاية شهر تموز، هناك إعادة لمسرحية "آخر بروفا" على مسرح مونو.

شادي الهبر

شادي الهبر، مخرج وممثل ومدرب مسرحي، تخرج من مدرسة المسرح الحديث بإدارة منير أبو دبس. أسس مسرح "شغل بيت" عام 2016، وهو بيت ثقافي، مسرحي وفني للمحترفين والهواة، يقوم بإعداد ورش عمل مسرحية، بهدف إعداد الممثل والإخراج المسرحي، بإشراف الهبر ونخبة من المدربين المسرحيين في مجالات مختلفة ومتنوعة ومتخصصة.
مسرح "شغل بيت" ينتج أعمالاً مسرحية تُعرض في مسارح بيروت ولبنان، من إخراج شادي الهبر، منها: "مرا لوحدا"، "نارسيس"، "أفيون"، "درج"، "عزيزتي ألفت"، "جثة متنقلة"، "فولار"، "دفاتر لميا" ، "آخر بروفا" و"رحيل الفراشات".