رحل محمد جمال، المطرب اللبناني الذي قدم أجمل الأعمال الفنية خلال مسيرته، والتي لا زلنا نرددها حتى اليوم، منها "بدي شوفك كل يوم"، "مزيكا يا مزيكا" ، "آه يا إم حمادة". غاب عن الساحة الفنية قبل سنوات عديدة، أما أمس فقد غاب بالجسد، ليترك خلفه أرشيفاً سيحفر اسمه بين الفنانين الخالدين.


بداياته

ولدجمال الدين محمد تفاحةفي مدينة طرابلس في لبنان في 24 أيار/مايو 1934، ومنذ طفولته، غمره الحب الكبير للفن، وذلك لأن والده كان يملك مشغلًا لتصنيع وبيع الآلات الموسيقية، كما كان مدربًا على العزف على بعض الآلات الموسيقية، فتأثر محمد بوالده بشكل كبير، وتعلم عزف العود والمقامات الشرقية على يده.
كان محمد جمال يغني في الاحتفالات المدرسية، كما اختاره مدرس التربية الدينية لتلاوة القرآن الكريم ورفع الأذان بعدما أعجب بصوته. ورغم ذلك تابع دراسته، فبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، إلتحق بكلية الهندسة الكهربائية وتخرج منها. حاول بعد انتهائه من الدراسة أن يجد وظيفة في مجال دراسته، لكنه فشل في ذلك.

مسيرته

بدأ محمد جمال مشواره الفني الفعلي في إذاعة لبنان، التي عمل فيها كمطرب وملحن، فكانت بدايته من خلال تلحين أغنيتين "قالوا لي أهل الهوا" و"أسمر يا شاغل بالي".
في عام 1956 قرر أن يسافر الى القاهرة من أجل فرص أكبر، وشارك في فيلم "الأرملة الطروب" في العام نفسه، وبعد عام تعرف على الفنانة طروب، وشكّلا ثنائيًا فنيًا دام حوالى السبع سنوات، وولدت وقتها قصة حب بينهما.
تعاون محمد جمال مع العديد من الشعراء، منهم ميشال طعمة وشفيق المغربي وعبد الجليل وهبي، ولحن لنجمات ذلك الوقت، منهن الشحرورة صباح والمطربة نجاح سلام، كما أحيا العديد من الحفلات، وشارك في المسلسلات التلفزيونية، وخصوصاً السورية منها، من بينها مسلسل قصر الحمراء عام 1977.
في السبعينيات ظهر محمد في المسلسلات الأردنية، كما قدم العديد من الأغنيات في برنامج "ساعة وغنية" للأخوين رحباني، كما قدم عددًا من أغاني الأطفال، ولحّن أغنية برنامج "إفتح يا سمسم".
ومن المعروف أنه كان لمحمد جمال دور كبير في المزج بين الأغنية العربية والفلكلور اليوناني والإسباني والتركي، وكان أول من أدخل آلة الدرامز إلى الأغنية الشرقية.
من أشهر أغاني محمد جمال مع نجاح سلام ومحمد سلمان، أغنية "سورية يا حبيبتي" خلال فترة حرب تشرين، كما غنى لبلده "يا أخضر وبتبقى أخضر"، وفي رصيده أغنيات لا تنسى، منها "بدي شوفك كل يوم"، "آه يا أم حمادة"، "مزيكا يا مزيكا"، "كنا أنا وإنتِ"، "سيارتو أكبر"، "إجا الصيف"، "إنتِ والرقص"، "يسعدلي صباحه"، "الدنيا حب"، "عندي هالقلب" و"المطارات"، "حملتك سلامي"، "غيابك طال"، و"ميلي ما مال الهوا"، كما لحن جمال للعديد من الفنانين، نذكر منهم الشحرورة صباح بأغنية "ما في نوم".
أراد محمد جمال تجربة الغناء الثنائي مع شقيقته فاتن، إلا أنها لم تتابع مشوارها الفني، وقبل شهرته الكبرى، نصحه الموسيقار حليم الرومي بالتلحين فقط من دون الغناء، لكن محمد جمال أصر على الغناء، وأثبت بعدها للرومي أنه نجح في الغناء.

ثنائيته مع طروب

شكل محمد جمال وطروب ثنائياً استثنائياً، وكان الحضور كامل العدد في حفلات أضواء المدينة التي كانت تقام في مصر، والتي قدما فيها العديد من الأغاني الوطنية في فترة الوحدة السورية المصرية.
وبعد أقل من عام على تعرفهما على بعضهما البعض، تزوج محمد جمال من طروب عام 1957، وبقيا معًا حتى عام 1964، قبل أن يتخذا قرار الانفصال من ناحية الحياة الخاصة والحياة المهنية.
وفيمقابلة خاصة مع موقع الفنعام 2015 وجّه لها تحية: "أحييها وأتمنى أن تكون بخير، وأحملها سلاماً إلى كل الأهل، وأتمنى من الله أن يطيل بعمرها ويوفقها".

حياته الشخصية

بعد عامين من طلاقه من الفنانة طروب، تزوج محمد جمال من السيدة تيجان، وهي من خارج الوسط الفني، ورزقا بإبنين.

اعتزاله وهجرته إلى الولايات المتحدة الاميركية

في الثمانينيات، اعتزل محمد جمال الفن وهاجر الى الولايات المتحدة الاميركية، وعن عمله هناك كان قد صرح في مقابلة مع موقع الفن: "فتحت مطعمين في لوس أنجلوس، واحد إستلمت إدارته وغنيت فيه حوالى 7 سنوات، وكنت شريكاً فيه مع أحد الأصدقاء، وبعدها تركت من أجل أن أعود وأغني، وفعلاً غنيت حوالى الثلاث أو الأربع سنوات، متنقلاً بين البلدان العربية، وخصوصاً سوريا ولبنان ومصر، وبعدها فتحت مطعماً ثانياً، وغنيت فيه أيضاً، وعدت وتركت لأني تعبت".

من كان يتابع من نجوم هذا الجيل؟

في المقابلة نفسها التي أجراها معه موقع الفن قبل أعوام، أشار إلى أنه سمع الفنان ناجي الأسطا وأعجب كثيراً بصوته وأدائه وشخصيته، كما ذكر عدة فنانين، منهم معين شريف، وائل كفوري وكارول سماحة وقال عنهم: "الفنانون يحاولون جاهدين أن يعطوا صورة جميلة ومشرّفة عن لبنان، أقول الله يقويهم، وأن يستمروا بما يقومون به".


وفاته

فجر صباح 26 أيار 2023 بتوقيت بيروت، توفي محمد جمال في أحد مستشفيات لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية، بعد معاناة مع المرض، وترك خلفه أعمالاً كثيرة ستخلّد إسمه للأجيال القادمة.