جو شليطا، حارس تاريخ الموضة في لبنان، الوصي الأول على أرشيف الموضة لهذا البلد، الذي حقق نجاحات عالمية في هذا المجال، فحمل جو مسؤولية تسليط الضوء على لبنان الذي كان عاصمة الموضة، بعدما حقق نجاحات كبيرة بعمله كمصمم أزياء، وإكتشفنا معلومات لم نكن نعرفها، وذلك من خلال أبحاثه ومعلوماته القيّمة.
موقع "الفن" كان له حديث مطوّل مع جو شليطا لمعرفة تفاصيل بداية مشروع صفحة "تاريخ أزياء لبنان"، والتي وصل من خلالها إلى تقدير عالمي نفتخر به.


كيف ولدت فكرة إنشاء صفحة تُعنى بتاريخ لبنان الجمالي؟

كوني مصمم أزياء، أحب متابعة كل ما يتعلق بالإرث الفني وتاريخه، وكان لدي حلم كتابة كتاب حول تاريخ الموضة اللبنانية. لم أنشئ الصفحة من قبل، لأنني كنت دائماً في عملي، ولم يكن لدي الوقت الكافي، لكن بعد الأزمة التي حصلت في لبنان وانفجار مرفأ بيروت، هاجرت إلى أبو ظبي، وعندها ولدت فكرة إنشاء الصفحة، من الحنين والشوق الكبيرين وأنا بعيد عن بلدي، بالإضافة إلى أنني حققت أهدافي المتواضعة في العمل، من ناحية تصميم الأزياء، لذا أردت أن أقدم شيئاً لبلدي، وشعرت أني وعلى طريقتي، أستطيع أن أحارب من أجل لبنان، من خلال تسليط الضوء على تاريخه الكبير في عالم الموضة، خصوصاً أنه كان هناك نقص كبير من ناحية الكتب التي تعنى بهذا الموضوع، أو حتى الوثائق والمستندات.

كيف إستطعت أن تغير نظرة البعض إلى بلدنا، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها؟

أنا أرى أن هناك دائماً شيئاً جميلاً يخرج من الأشياء البشعة، مثلما ولدت هذه الصفحة من رحم الأزمات والصعوبات التي مر بها لبنان. إستطعت أن أغيّر ليس فقط وجهة نظر الناس إلى بلدنا، بل غيرت وجهة نظر اللبنانيين إلى بلدهم أيضاً، خصوصاً المغتربين الذين لم يكونوا على دراية بما يحمله بلدهم من تاريخ حافل بالأحداث والإنجازات، وحتى أنا، عندما أقوم بأبحاثي وأكتشف معلومة جديدة، أتفاجأ، وشعرت أن لدي مسؤولية في تثقيف الجمهور حول بلدنا، خصوصاً الجيل الصاعد في لبنان، والذي هو بحاجة إلى بصيص أمل لكي يكمل. من خلال هذه الصفحة، فتحت أعين كل محبي تاريخ الموضة الأجانب، لأني أظهرت تأثير بلدنا عالمياً في هذا المجال، وكنت أول من كشف تفاصيل تحول لبنان إلى عاصمة الموضة في العصور القديمة منذ أيام الفينيقيين، حتى وثّق أن كليوبترا كانت ترتدي من الأقمشة الأرجوانية الفينيقية، إذ إن بلدنا كان يصدّر الأزياء والقطع القيّمة.

ألقيت الضوء على العديد من ملكات الجمال وعارضات الأزياء اللبنانيات، وبعضهنَ وثقنَ بك لنقل قصصهنَ، كيف حصل ذلك؟

أنا لست فقط صاحب موهبة وأعمل بالفن، ولكني أكاديمي أيضاً، إذ درست الحقوق، وحصلت على شهادة في المحاماة من جامعتي في أستراليا، ما ساعدني في طريقة تعاملي في عملي، فأنا أبني علاقاتي لتكون على ثقة، ولكي يفهم كل من أتواصل معه هدفي، والحمد لله لم أواجه أي مشكلة من هذه الناحية، وكان هناك تقدير دائم لمشروعي، وهنا ولدت الثقة من النجمات وعارضات الأزياء وملكات الجمال، لكي يسلمنني أرشيفهنَ، فكنت أول من كتب عن أندريه عاقوري، وهي أول عارضة أزياء لبنانية عالمية، حتى أن مجلة "فوغ" رأت ما كتبته عنها، فقدروها من خلال وضع صورتها على غلاف المجلة، بالإضافة إلى منى روس، التي هي عارضة أزياء شهيرة جداً، خصوصاً في السبعينيات، وأجريت مقابلة معها، ما جعل مجلة "فوع" تتواصل معي لكتابة مقالات عن تاريخ الموضة.



إستطعت أن أصل إلى عارضات أزياء العصر الذهبي، من خلال عملي، وتحرياتي وأبحاثي حتى تكتمل الصورة لدي، وأصل إلى المصدر الحقيقي أو الشخص المعني.
في فترة صغيرة، أصبحت مرجعاً في عالم الموضة، حتى أن منصة خاصة بهذا المجال في الولايات المتحدة الأميركية، وهي الأشهر هناك، تواصلت معي لتجري مقابلة معي، إذا أصبحت هناك ثقة عالمية بعملي، كما أن مؤسسة Maison Mode Mediterranée قدمت لي منحة تقديراً لعملي، وحتى أن قناة France 24 أرادت أن تجري مقابلة معي، لأتحدث أكثر عن ما إكتشفته في عالم الموضة.

أنت تحصل على صور نادرة من مسابقات الجمال ولبعض النجمات، كم يحملك هذا الأمر مسؤولية كبيرة؟

هذه مسؤولية كبيرة جداً، فقد بدأت هذه الصفحة منذ سنتين، وتعلمت من خلالها الكثير، خصوصاً مع إنتقالي في العمل من مجال تصميم الأزياء إلى مؤرخ وكاتب في عالم الموضة، وهذا الأمر ليس سهلاً.

هل تعتبر نفسك الوصي الأول على تاريخ الجمال اللبناني؟

بكل تواضع، يمكنني أن أؤكد أنني الشخص الوحيد الذي قام بهذه الفكرة، ووسعها وعمل عليها، ولا أنكر أن هناك أشخاصاً حاولوا قبلي، لكنهم لم يستطيعوا الإستمرار لظروف خاصة بهم، لكنني بشهادة الناس والإعلام، أنا أول شخص يقوم بهذا العمل ضمن إطار واسع، وحملت مسؤولية بلد من ناحية الموضة، وذلك بهدف توصيل رسالة حول أهمية لبنان تاريخياً وعالمياً في هذا المجال، حتى أن العديد من الصحف أعطتني لقب "حارس ذاكرة تاريخ الموضة في لبنان"، وهذا شرف كبير لي.


لماذا أنت أكثر متابعة من غيرك في هذا المجال؟

هناك مضمون ورسالة في كل منشور، وليس معلومات منقولة أو معروفة. ما أقدمه هو نتيجة تعب، وعمل وأبحاث مقابل أرشيفي، وأسافر لأقوم بمقابلات من المصادر، وشعرت بتقدير المتابعين لما أفعله.

ما هو طموحك؟

أعتبر نفسي في بداية الطريق، وأطمح طبعاً أن أضع كل ما اكتشفته من معلومات ومقابلاتي في كتاب، لأنه لا يوجد كتاب يجمع كل هذه المعلومات عن لبنان، على عكس الكتب العديدة والكثيرة الموجودة عن تاريخ الموضة الأوروبية مثلاَ.
لا نمتلك كتاباً يوثق معلومات عن مصممي الأزياء في الثلاثينيات، الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وحتى في العصر الذهبي للموضة، كما أطمح إلى إنشاء متحف راقٍ للأزياء، والأهم أنني أريد تثبيت هوية لبنان بتاريخه في عالم الموضة عالمياً، بدءاً من الفينيقيين.