عاد الممثل اللبناني طارق تميم بعد غياب عن الدراما، وأطل بشخصية "جميل"، التي جسدها في مسلسل "النار بالنار" الذي عرض في شهر رمضان المبارك، بأداء يتسم بالعفوية، التي تظهر مدى احترافه في مهنته. "جميل" رغم ادمانه على لعب القمار، واهماله زوجته، يتمتع بشخصية تدفع بالمشاهد الى التعاطف معه، عوضاً عن كرهه. يظهر "جميل" بصورة طبيعية تبرز طيبة قلبه وحبه للآخرين، حتى أن زوجته "قمر"، التي تجسد دورها الممثلة والإعلامية ساشا دحدوح، لا تستطيع أن تكرهه.
موقع "الفن" أجرى حواراً مع الممثل طارق تميم، كشف لنا خلاله الكثير من الكواليس والأسرار.


عدت بعد غياب بمسلسل "النار بالنار"، ما سبب غيابك في الفترة الماضية؟

غيابي الطويل كان بقرار شخصي، ابتعدت عن التلفزيون، ولكني لم أبتعد عن المسرح والسينما في السنوات الماضية. غيابي عن الدراما سببه تعبي من النصوص، التي لم تكن مناسبة، ومن تقديم السكتشات. أركز اهتمامي حالياً على الدراما، وهذا لا يعني أنه إذا عرض عليّ نص كوميدي سأرفضه، لكني لا أرغب في تقديم السكتشات، أرغب في المشاركة في سيتكوم، كوميديا الموقف المضحك. بعد تخرجي رغبت بالعمل في المسرح، وكان لدي برامج دراما على الاذاعة، ولم أكن أرغب في بداياتي أن أعمل في التلفزيون، انما الاوضاع في لبنان أرغمتني على دخول إلى عالم التلفزيون، وعملت في الكوميديا، وأصبح عملي نمطياً. مسرح ما بعد الحرب هو غير مسرح ما قبل الحرب، ففي الماضي كان يستطيع الإنسان أن يعيش إن عمل فقط في الإذاعة أو المسرح.

هل فشل علاقة "جميل" بـ"قمر" في مسلسل "النار بالنار"، دفعت به إلى لعب القمار، أم أن لعب القمار هو سبب فشل علاقته بها؟

ما أفشل علاقتي بـ"قمر" هو لعب القمار، هناك علاقة حب قوية بين "جميل" و"قمر"، وهي علاقة متبادلة، حتى أنه يحبها أكثر من ما تحبه. "جميل" كان صحفياً ناجحاً يعمل في الصحافة الورقية، وتزوج من "قمر" قبل توقف الصحافة الورقية. هو شخص يساري مثقف، كان يكتب مقدمات ومقالات في جرائد أساسية في البلد. كان يرتاد شارع الحمرا، ويجلس في المقهى، وكان يوجد كشك لبيع الجرائد لوالد "قمر"، وهي كانت تبيع فيه. أعجبت "قمر" بـ"جميل"، وكان يشعر أنها تهتم به بشكل خاص، فأصبح يقدم لها الورود، ويلاحظ من داخل المقهى، أنها تجمع الورود التي يقدمها لها. "جميل" خجول، وأحبط جراء تدهور أعماله، حاول التغيير بالذهاب إلى الاعلام الرقمي، ثم شارك في الثورة، وكان الاحباط التام خلالها. أصيب بإنكسار، وراح يشرب الكحول، وتوجه نحو لعب البوكر لتعبئة الفراغ. زوجته رفضت هذه الحياة، وذهبت إلى بيت أهلها، لكنهما لم يتطلقا، فكانت تزوره لأخذ مصروفها. مع الوقت أصبح يبيع بلاط البيت، حتى انتهى به الأمر إلى بيع مكتبته. هي قوية، وهو أصبح ضعيفاً، إنما هي تحبه، ولا تعود من أجل المال. هو يعشقها ويعرف أنه يخطئ في حقها، ويغضب عليها لأنها قاسية في الكلمات التي توجهها إليه.

كيف تقيّم الكيمياء بينك وبين ساشا دحدوح؟

الكيمياء بيننا رائعة، وأنا أحب هذه الثنائية الجميلة، ساشا فاجأتني، وتفاجأت بالنتيجة. أحب ساشا ونحن صديقان، وأضحكها دائماً، وهي مستمعة وشغوفة في عملها، وتعمل على تطوير نفسها، وأرى أنها توازي نجمات الصف الأول.

أغلب المشاهد جمعتك بالممثل جورج خباز، أخبرنا عن كواليس التعامل معه، وهل من صداقة تجمعكما بعيداً عن العمل؟

العمل مع جورج خبرة عظيمة، وأحببت المشاهد التي جمعتنا، وتربطني به صداقة قوية، والمحبة متبادلة بيننا، ونتابع بعضنا البعض. جورج ممثل خطير جداً، ومبدع.

تجسد شخصية الشخص المثقف الثائر على أوضاع البلد، هل يشعر هذا الإنسان بالغربة في ظل الظروف الصعبة في لبنان؟

هو محبط، ويشعر بالإنكسار، إنه إنسان وطني، ويؤمن بالانسان، ويتعامل مع الناس، لم يتغير، بقي على طيبته، المال الذي في جيبه يقسمه مع من هم بحاجة. ربما يشعر بالغربة لانتمائه إلى الخط الذي أنتمى إليه.

يناقش مسلسل "النار بالنار" قضية النزوج السوري في لبنان، ما تعليقك على الأشخاص الذين يتحسسون من هذا الوجود؟

أتفهم الأشخاص الذين يتحسسون من الوجود السوري في لبنان، إنما لا أفهم العنصرية والطبقية، فإذا كان هؤلاء الأشخاص لا يحبون النظام السوري فما ذنب الناس؟ أنا أنظر إلى الآخر كإنسان. اللاجئ السوري الذي يحترم قوانين لبنان، ولا يستطيع العودة إلى بلده، لا يمكنك إلا أن تتعاطفي معه، أما الذين يأتون إلى لبنان بهدف زرع الفوضى، فعلى الدولة اللبنانية مراقبتهم وإصلاح أمورهم.

هل الأعمال التي تسلط الضوء على العنصرية الموجودة بين الطرفين، يمكن أن تزيد الشرخ بين اللبنانيين والسوريين؟

طبعاً سيزيد الشرخ بينهم إذ طُرحت هذه القضية في عمل غير "النار بالنار"، وبهدف زيادة الشرخ. وإذا طرحت القضية بكل محبة، رغم الأحداث القاسية، وتم وضع الإصبع على الجرح، وبشكل إنساني، يبقى هناك متطرفون من الجهتين، ولكن تكون طريقة طرح الموضوع هذه عظيمة، ويتقبلها الشعبان. وعلى الدولة اللبنانية أن تسهر على أمن المواطنين، وأن تبحث عن حل لمشكلة النازحين.


هل سنراك قريباً على المسرح بمسرحية جديدة؟

آخر مسرحياتي كانت "كاريكاتور" للمؤلف والملحن الراحل روميو لحود، وهي مسرحية جميلة جداً، وبطولة جماعية. كان لحود يعيد الأعمال التي لم تأخذ حقها، كان إسم المسرحية في الماضي "سنقف سنقف"، من بطولة رضا كبريت وجورجينا رزق، وبعدها لعبت مسرحية "الغرفة 202"، من كتابة روان حلاوي، وتشاركنا في الإخراج، ومثلنا سوياً، روان ممثلة عظيمة، والناس أحبوا هذه المسرحية. وكذلك قمت بعملين مسرحيين مع المخرج عوض عوض، آخرهما كان السنة الماضية تحت عنوان "لو يرجع رمضان زمان" في مسرح المدينة. أنا لا أستطيع العيش بعيداً عن المسرح، فهو المفضل عندي. هناك أعمال مسرحية عظيمة، وأنا أتابع أعمال الجيل الجديد، الذي يقومون بأعمال من دون أي مردود مالي في بعض الأوقات، هناك وجوه جديدة تبشر بالخير.

حققت شهرة كبيرة في البرامج الكوميدية، منها "لا يمل"، لماذا اختفى هذا النوع من البرامج؟

تركت "لا يمل" لأعمل في mbc مع مجموعة من الممثلين من البلدان العربية، فكانت فرصة لأعمل في أعمال مختلطة، وأنتشر عربياً، وأتعامل مع أنماط مختلفة من التمثيل من البلدان العربية، فاكتسبت خبرات. أما عن توقف هذا النوع من البرامج، فربما لأن الناس لم يعودوا يستطيعوا الضحك في هذه الأيام بسبب كبر الوجع. ربما الأعمال الدرامية تنقل الواقع بشكل أفضل. الكوميديا اتجهت إلى تصوير السكتش بسبب ضعف الإنتاج، إنما نحن نستطيع أن نقوم بمسلسلات كوميدية وسيتكوم. الناس في هذه الفترة يريدون أعمالاً تنقل واقعهم، لكي ينفسوا عن مكنونات أنفسهم.

ماذا تحضر للفترة المقبلة؟

بعد مسلسل "النار بالنار" وهذه العودة القوية، لا أستطيع أن أقدم عملاً أقل قيمة منه. أنا بصدد تحضير مسرحية مع ممثلة أحبها كثيراً، وبدأنا ترجمة النص لأن المسرحية فرنسية، وعند الإنتهاء من الترجمة سنعمل على المسرحية. هناك فيلمان، واحد منهما سيطرح قريباً.