للمرة الاولى منذ تأسيس الكونسرفتوار عام 1925، نظم المعهد العالي للموسيقى إحتفالاً روحياً وموسيقياً احتفالا بالقيامة المجيدة من الصرح البطريركي، برعاية غبطة البطريرك الكاردينال بشارة الراعي وحضوره، وأداء الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى- الكونسرفتوار هبة القواس.


شارك في الاحتفال حضور سياسي ووزاري ودبلوماسي وقضائي ونقابي وعسكري، وديني عبر مشاركة قسم كبير من المطارنة، ووجوه ثقافية وموسيقية وإعلامية. أجواء الاحتفال المبهرة استهلتها الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية بقيادة المايسترو غارو أفيسيان افتتاحاً بـ "أداجيو-ألبينوني"، فكانت المقطوعة جسر عبور إلى مكان أسمى ينتظر الوصول إليه الحضور في الكنيسة والمشاهدون في منازلهم عبر نقل مباشر من المؤسسة اللبنانية للإرسال، التي كانت الداعم الأكبر للاحتفال عبر رئيس مجلس إدارتها الشيخ بيار الضاهر.
اللقاء الفريد، جمع الموسيقى والابتهال والتأملات والقراءات المقدسة والغناء الأوبرالي. فكان هذا التزاوج الفني اللاهوتي الراقي، عبر تداخل العزف السيمفوني الأوركسترالي للموسيقى العالمية، التي تنافست بعذوبتها وسُمُوّها بين روحانيات "هايدن" في “The Seven Last Words of Christ” ورائعة "هاندل" "هللويا،" التي ارتقت بوتَريّاتها إلى الوتر الأعلى للتجلي عند الحضور. ولم يقطع السياق الموسيقي المنساب بسطوته الرقيقة على الأرواح التائقة، سوى صوتَي الممثلين جوليا قصار ورفعت طربيه، اللذين أضافا بحضورهما الأنيق مزيداً من السحر على نصوص مقدسة ذات ارتباط بالقيامة وعيد الفصح. فتَلَيا مقاطع من رسائل بولس الرسول إلى أهل كورنتس، في تقاطع وتشابك مع المقطوعات الموسيقية. بينما كان الباريتون فادي جانبار يؤدي أروع الأعمال العالمية بصوته الأوبرالي الجذاب، ليتنقل بين " “C Frank” ورائعة “Ave Maria” " شوبرت"، و “G Faure” وغيرها من المقطوعات الموسيقية.
وفي تحية من الكونسرفتوار إلى الكرسي الرسولي في الفاتيكان، مشهدية لرائعة مايكل أنجلو "الدينونة" في كنيسة سيستين في الفاتيكان، التي حوّلت خلفية المذبح الصخرية إلى شاشة كبيرة تعكس اللوحة ومشاهدها وتفاصيلها ومقاصد رسمها. واكب عرضها شرحٌ علمي ولاهوتي لأبعاد اللوحة الشهيرة، من قصار وطربيه، في أسلوب تمثيلي راقٍ وأداء رشيق ورصين أدخل الحضور في عظمة العمل الفني لمايكل أنجلو.
وفي وسط هذه المشهدية المكتملة المعاني والدلالات، اعتلت المنصة رئيسة المعهد الوطني للموسيقى هبة القواس متوجهة إلى سيّد الصرح بالشكر والامتنان على رعايته ودعمه، ومهنّئة بعيد الفصح، وجاء في كلمتها:
"ما أحْوَجَنا اليوم أن نحيا القيامةَ الحقيقية للبنان. وما أسعدَنا أن يكونَ الاحتفالُ بالقيامةِ المجيدة من هذا الصّرحِ العريق.
هذا الصّرحُ المَهيب الذي شهِد على قيامةِ الوطنِ الصغير مرّاتٍ كثيرة، لا بل ساهم في هذه القيامة بحكمةِ بطارِكَتِه وصَلاتِهم عند اشتدادِ المِحَن، فكان، وما زال، المرجعَ الوطنيَّ والحاضنَ الروحي للبنانَ وأبنائه التائقين إلى السّلامِ والخلاص..."
​​​​​​​أما كلمة الختام فكانت لصاحب الرعاية غبطة البطريرك بشارة الراعي، شكر فيها رئيسة الكونسرفتوار على "الهبة" التي قدمتها، وشدّد فيها على أهمية دعم الثقافة التي تمثل لبنان. وجاء في كلمة الكاردينال الراعي:
"هذا هو لبنان. لبنان الثقافة والجمال والفن. وإذا لم يكن كذلك فهو يفقد معنى وجوده. أريد ان أقول لرئيسة الكونسرفتوار السيدة هبة، أنك قدمت لنا الليلة أجمل هبة. وهذا العيد المجيد الذي نحتفل به هو عيد الهبة، لأن يسوع المسيح أعطى ذاته هبة للبشرية بموته على الصليب لكي يكفّر بموته عن كل البشر..."
​​​​​​​ووجّه غبطة البطريرك تحية إلى وزير الثقافة الحاضر في الاحتفال القاضي محمد وسام المرتضى، ووزير الاتصالات جوني القرم.

​​​​​​​


​​​​​​​