بعد ظمأ طويل دام لسنوات، شهدت السينما اللبنانية في السنوات العشر الأخيرة، إرتواءً غير مسبوق، ونهضة كبيرة جداً في مجال الإنتاج والإخراج، وخصوصاً الممثلين المبدعين الذين ظهروا عبر الشاشة الفضية.


اليوم، ولدت سيناريست سينمائية مبدعة، أبصرت النور في السينما اللبنانية بفيلم "ع مفرق طريق"، الذي شقت من خلاله درب النجاح والإبداع، إنها جوزفين حبشي، التي يمكننا القول عنها، إنها تملك الكثير من السيناريوهات في جعبتها، إلا أن هذا الفيلم هو الذي أبصر النور حتى الآن.
ما ميز هذه الكاتبة عن غيرها، هو أن نصها "كوميدي" أي "Comique" ولا توجد فيه عبارات تخدش الحياء.
لم تكتفِ حبشي فقط برسم السيناريو برسالتها الضمنية، إنما ألقت الضوء على منطقة قنوبين "جنة الله على الأرض" الواقعة في شمال لبنان، هذه المنطقة الغنية بطبيعتها وقداستها.
إختيار الممثلين، وخصوصاً جوليا قصار، بيتي توتل، جوزيان بولس، سينتيا كرم، وميرنا مكرزل، جاء مناسباً جداً ومحترفاً، وشهادتنا مجروحة برفعت طربيه ونقولا دانيال، هذين الممثلين اللذين لا يمكننا تقييمهما، لأنهما قامتان كبيرتان بالفن اللبناني والعربي.
المنتج وبطل العمل شادي حداد، جسد دوراً رائعاً على الشاشة وخلف الكواليس، بالإضافة إلى البطلة ربى زعرور، حيث قدما أداءً جيداً، خصوصاً أنه يوجد فرق بين تجربتيهما التمثيليتين.
شهد طاقم عمل الفيلم تناغماً كاملاً، فلا يمكن غض النظر عن المنتجة والمخرجة لارا سابا، التي أخرجت الفيلم، وأتمت رسالتها الإخراجية بإتقان.


هذا النص السلس الموصوف بالسهل الممتنع، خرق كل الحواجز، ليصل إلى قلوبنا وعقولنا، ويرسم البسمة على وجوهنا، فقد عرفت جوزفين حبشي أن تحيك هذه الإبتسامة عبر كلماتها، بنص فائق الجمال، وبروح من الواقع إلى الخيال، ومن الخيال إلى الواقع، كما شعرنا أن حبشي أدركت كم تفتقد السينما لهذا النوع المميز من النصوص.
بالطبع لا يمكننا أن ننكر أنه سابقاً، كانت هناك نصوص كوميدية، نذكر أبرزها للكاتب الراحل مروان نجار والكاتبة منى طايع والكاتبة كلوديا مرشليان، إلا أن حبشي طبعت بصمتها الخاصة، حيث جعلتنا نتابع الفيلم من بدايته حتى نهايته من دون ملل، والمشهد الأخير يترك للمشاهد خيار التحليل، إن كان هناك جزء ثانٍ للفيلم أو لا.
معظم الأفلام الكوميدية، تضحك الناس فقط، ولكن نص جوزفين حبشي حمل رسائل إنسانية ولبنانية كثيرة، تحدث عن عطاءات الأرض اللبنانية وثمارها، وتضمن قصة حب منطقية، فالكاتبة جوزفين حبشي دخلت السينما اللبنانية من الباب الواسع وأبدعت، وأتقنت، وقدمت نصاً لا مثيل له.
هذا الفيلم شارك في مهرجان البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية ولفت الأنظار، صحيح أنه لم يحصد جائزة، ولكنه حصد آراء إيجابية من جميع لجان التحكيم، والجمهور العربي.
هنيئاً لجوزفين حبشي أن فيلم "ع مفرق طريق" ما زال يعرض في صالات السينما، بعد شهرين من إنطلاقته، وهنيئاً للبنانيين بكاتبة إسمها جوزفين حبشي، ستحافظ على مستوى السينما اللبنانية طوال مسيرتها.