مسرحية "آخر بروفا" كوميديا سوداء بطلتها ماريا الدويهي، وهي ممثلة وأستاذة مسرح في كلية الفنون في الجامعة اللبنانية، وتحمل شهادة دكتوراه في الدراسات المسرحية من جامعة القديس يوسف. كتبت ماريا "آخر بروفا" بنفسها، وأخرج العمل شادي الهبر، وجسدت الشخصية بحرفية كبيرة، وإحساس عالٍ وحضور آسر، على خشبة مسرح المونو.
عبّرت ماريا عن مشاعرها، وانتقلت من الرومانسية، إلى العصبية، إلى الغضب، وخاطبت رجلاً على كرسي فارغة، بأجمل عبارات الحب، وطردته لأنه لا يقوم بأي ردة فعل، ولا يجيد التعامل مع إمرأة. عبّرت ماريا عن أهدافها كممثلة، وعن مشاعرها الخاصة، وعن المسافة بين جمالية وعظمة الوقوف على خشبة المسرح، وإفتقادهما في الحياة الواقعية.
موقع "الفن" إلتقى الكاتبة والممثلة ماريا الدويهي، وكان لنا معها هذا الحوار.


مسرحية "آخر بروفا" تتناول حياة الممثلات ووحدتهنَ بعد مسيرتهنَ المهنية، ماذا تقول ماريا الدويهي عن هذه الفكرة؟

التسجيلات الصوتية في المسرحية كانت خيار المخرج شادي الهبر، وليست من صلب النص الذي كتبته، مع العلم أنني فكرت بالممثلات أثناء الكتابة، لأن الشخصية الأساسية في العمل هي ممثلة مخضرمة. اخترت هذا الموضوع لأنني أحب التمثيل كثيراً، وتمكنت من أن أنقله، من خلال الشخصية التي عبّرت عن حبها للتمثيل، وعن مشاعرها الخاصة، لأن المسرح يضج بالحياة والصدق والمشاعر. في الحياة نضع الأقنعة، ونلعب أدواراً لا تشبهنا، وعلى المسرح ننزع الأقنعة، ونقول الحقيقة كما هي، وينطبق الأمر على باقي الفنون، منها الأدب والرسم. الممثلات يعشنَ الوحدة بسبب تكريس حياتهنَ للمسرح، وليس لديهنَ الوقت للزواج، وأحياناً تكون النظرة إلى تحرر الممثلات سلبية، وتحول دون إرتباطهنَ، والوحدة تتناول الممثلة والمرأة بشكل عام، وهي لا تعني فقط عدم وجود الشريك، بل تعني أيضاً إنعدام التواصل بينها وبين الرجل التي تحاوره.

ما الذي ميّز تعاونك مع "شغل بيت"؟

تعاونت مع "شغل بيت" للمرة الأولى، وهو ملتقى للممثلين والمخرجين لإنتاج الأعمال وورش العمل المسرحي، أسسه المخرج شادي الهبر، وكان التعاون مميزاً، لأنهم يقدمون كل التسهيلات على مستوى الإنتاج، والتنظيم لافت بسبب وجود فريق عمل متكامل. العمل مع شادي الهبر كان رائعاً، وقد وضع لمساته على النص بطريقة ذكية، وقسّم العمل من خلال خيارات إخراجية، وما يتطلبه من سخرية ومبالغة.

فكرة مسرح داخل مسرح خلقت ديناميكية جميلة، والتفاعل مع الجمهور كان أقوى، كيف تصفينها؟

فكرة المسرح داخل المسرح تكسر الجدار بين الجمهور والممثل، وتخلق صلة مباشرة معه، ويصبح الجمهور شخصية أساسية، وليس مشاهداً فقط، فيتخذ موقفاً من العمل، وأنا أحب هذه اللعبة، لأن كل عمل مسرحي يندرج ضمن إطار معين في مجتمع معين لإيصال رسالة ما، وليس الهدف التسلية فقط، بل هو فعل اجتماعي، يهدف إلى إبراز موقف إمرأة لديها هواجس، وتتوجه إلى الناس وهي دينامية مهمة جداً وجميلة، لأن الجمهور يشعر أنه معني، وأنه جزء من العرض.

كونكِ أستاذة جامعية، ما هو القرار الذي تشجعين تلامذتكِ على إتخاذه في الظروف الحالية؟

لا أشجع أحداً على دراسة المسرح، لأنه لا يؤمن العيش الكريم، الا اذا اختار الممثل أن يقوم به على حساب تسويات. وفي هذه الحالة، بإمكانه أن يكون حراً في خياراته. وأشجع تلامذتي على متابعة دروسهم في المسرح، والتعبير عن أنفسهم وأفكارهم، وخلق فضاء من الحرية، إلى جانب إختيار دراسة تؤمن لهم فرصاً جيدة للعمل.

هل ستستمرين في أعمال المونودراما؟

كنت متشوقة لعمل مونودراما بسبب غيابي عن التمثيل لفترة من الزمن، لاسيما أنه يبرز الطاقات التمثيلية، لكنني لن أكمل حالياً في هذا الخيار، لأنني أحب أن أتفاعل مع أشخاص على المسرح، لتكون التجربة أغنى.