"التائهون" عمل رائع قدمته الكوريغراف اللبنانية ندى كنعو، على مسرح المونو، وهو يجسد صراعاً بين القتال والإستسلام نتيجة الأزمة اللبنانية بكل مفاصلها. أداءالراقصين ماريا زغيب ودانيال موسى كان متألقاً، حين عبّرا عن الخوف والقلق بلغة جسد محترفة، وتناغم بينهما، فتفاعل معهما الجمهور، وصفق طويلاً لموهبتهما. الموسيقى ألفها شريف صحناوي وفادي طبال، وعزفاها مع باسكال سمرجيان.
موقع الفن إلتقى الكوريغراف المميزة ندى كنعو، التي آمنت ببلدها لبنان، ودفعها حسها الإنساني إلى منح التلامذة غير الميسورين مادياً فرصة لتعلم الرقص.

"التائهون" فيه دلالات واضحة على التحدي والمواجهة للأزمات التي نعيشها، هل تطلعينا أكثر على مضمون العمل؟

التحضير وكوريغراف عمل "التائهون" بدآ في أوج الأزمة الإقتصادية والأزمة الصحية بشكل عفوي، وكان الرقص الوسيلة الوحيدة لي ولـ ماريا زغيب ودانيال موسى خلال الفترة الصعبة، وكنا نرقص للتعبير عن مشاعر الإحباط، ورفض الواقع، ولم يكن الهدف حينها تقديم عرض مسرحي. حين قررت عرضه، أردت إضافة جمالية من خلال الثنائي، وكيفية مساندة بعضهما البعض في لحظات الضعف، والقوة والضياع، وقد ركزت في البداية على فكرة الموت، الذي يرمز إلى وضعنا المالي الإقتصادي، والإنهيار الذي نعيشه.

العمل نُفذ بمستوى عالٍ، هل يمكن أن يعرض في الخارج؟

لم أخطط حالياً لعرضه في الخارج، لكن الفكرة واردة، وقد أسعى إلى تنفيذها.

غادرتِ لبنان بعد إندلاع الحرب فيه، إلى فرنسا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ما سبب عودتكِ إلى الوطن بعد 15 عاماً من غيابكِ عنه؟

عانيت من أجل إكتساب خبرة ودراسة الرقص في لبنان، وذلك لعدم وجود معاهد متخصصة. وكان حلمي أن تكون لنا في لبنان، فرصة لتعليم الرقص المحترف، وبدأت الفكرة تتبلور من خلال الفترات التي كنت أمضيها في لبنان، فتكونت مجموعة من الأشخاص، الذين يهتمون بالرقص، وقررنا المباشرة بالتنفيذ، وكان الدافع الأساسي العمل من أجل لبنان. من المؤسف أنه ليس لدينا كونسرفاتوار للرقص، رغم وجود كونسرفتوار للموسيقى. تعليم وتدريب الرقص يتطلب عشر سنوات، ولا يمكن أن يتحقق من دون دعم مادي، وكان الإعتماد حصرياً على المبادرات الفردية.

هل حققتِ أهدافكِ؟

تحقيق الأهداف صعب في لبنان، لكنني حققت أهدافاً على مستوى محدود، وليس بإمكاني أن أقوم بمهام الكونسرفتوار. على الصعيد الشخصي، أنا راضية، لاسيما أن بعض تلامذتي أصبحوا أساتذة وراقصين في مجال الرقص المحترف في الخارج، لكن حلمي الكبير لم يتحقق.


لماذا تخليتِ عن الرقص عام ٢٠٠٦، وحصرتِ أعمالكِ بالتأليف الكوريغرافي؟

السبب الأول هو أنني كنت أتدرب وأدرّب الراقصين بنفس الوقت، والتدريب يستغرق ست أو سبع ساعات يومياً، وكنت أستدعي كوريغراف من الخارج، وأصبح من الصعب الإستمرار بالمهمتين، وكان لا بد من خيار حاسم، فإخترت الكوريغراف، لقناعتي أنه فن يتطور وينمو.


ماذا عن تجربتكِ مع تعليم الرقص للتلامذة غير الميسورين مادياً؟

أردت منح فرصة للأولاد الذين لا تسمح لهم ظروفهم المادية بتعلم الرقص. في البداية بلغ العدد ٢٠٠ تلميذ، تعلموا لمدة شهرين، واخترت عشرين أبدوا رغبة جدية في الإستمرار والتقدم. تابعت المجموعة الصغيرة التدريبات يومياً لمدة سنة، إلى أن بدأ عدد المشاركين بالتراجع عام ٢٠٠٩، حتى وصل إلى إثنين فقط، هما ماريا زغيب ودانيال موسى، اللذين شاركا في "التائهون". كان مشروعاً كبيراً، ولم تتوافر له الظروف المادية للإستمرار، منها نفقات التنقل، والثياب وعدة الرقص.

ما سر المشاريع التي أطلقتِها، والقاسم المشترك بينها كلمة بيروت؟

هي مشاريع تكمل بعضها البعض، Beirut Dance Studio هي مدرسة مفتوحة للجميع، Beirut Dance Company هي الفرقة التي تقدم العروض المحترفة، و Beirut Dance Project هو مشروع لتقديم المنح للتلامذة غير الميسورين مادياً.