قامت الممثلة رندا الأسمر مع الممثلة حنان الحاج علي، ببطولة مسرحية "لعل وعسى"، من إخراج كريستال خضر على مسرح مونو، حيث إستعرضت كل من الممثلتين مسيرتهما التمثيلية خلال الحرب اللبنانية، والظروف التي رافقت أعمالهما الفنية، وشكل العمل شريطاً حافلاً بالذكريات الكوميدية والمؤلمة، والتي محتها الذاكرة.
موقع "الفن" التقى الممثلة رندا الأسمر، وكان لنا هذا الحوار مع ممثلة مخضرمة، قدراتها التمثيلية عالية، وهي بارعة في التحكم بصوتها، وتتقن جيداً مخارج الحروف، وحائزة عدة جوائز وتكريمات على المستويين المحلي والدولي.

كيف تقيّمين تجاوب جيل الشباب مع مسرحية "لعل وعسى"؟

كنت سعيدة جداً بأصداء الشباب الإيجابية على العمل، لأنني كنت أظن أنهم لا يهتمون بالماضي، ولا بالأعمال السابقة التي قدمناها، وهم أعربوا عن سعادتهم وتقديرهم، وإطلعوا من خلال هذا العمل، على وضع المسرح خلال الحقبة الماضية، وشكرونا بعد حضور المسرحية، وبعضهم كان يحضر مسرحاً للمرة الأولى، فكان الأمر مدهشاً بالنسبة لهم، من حيث إكتشاف نوع مختلف من الفن.

هل تخطينا نظرية إرتباط نجاح الممثلة بالمخرج؟

المخرج هو قائد العمل، لكننا نشهد أحياناً على إجحاف بحق الممثل، سواء على الملصق الإعلاني، أو في مقتطفات من العمل تظهر لدواعٍ إعلانية، حيث يظهر اسم المخرج بشكل بارز. لم أعانِ شخصياً من هذا الأمر، لأنني حظيت بالتقدير من كل الذين تعاونت معهم، وكان شباك التذاكر يستقطب المشاهدين من أجل إسم رندا الأسمر.

ما رأيك بالأعمال المسرحية التي عُرضت مؤخراً؟

أرفع القبعة، وأهنئ كل ممثل يحاول أن يقدم عملاً مسرحياً في هذا الزمن المرّ. البعض يحاولون تقديم أعمال، من دون إمكانات مادية، وذلك فقط من أجل الإستمرار. جيلنا بذل جهوداً خلال الحرب اللبنانية، والممثلون اليوم يحاولون، ويبذلون الجهود، في ظل معاناتنا من أزمة إقتصادية قاسية. مستويات الأعمال متفاوتة بالطبع، إنما تراكم التجارب والخبرة، يؤدي إلى تحقيق خطوات متقدمة في المسيرة المهنية. وما لفتني أن إقبال الجمهور على المسرح جيد، بالرغم من الأزمة، وأعتقد أن الناس يرغبون في الهروب من التلفزيون، بالإضافة إلى إشتياقهم إلى الأعمال المسرحية، ورؤية الممثل مباشرة على المسرح لمدة ساعة ونصف الساعة، بدلاً من مشاهدة مسلسل يمتد إلى ثلاثين حلقة. وكل عمل له جمهوره، لذا أنا أحيي كل الفنانين المسرحيين، الذين يحاولون تقديم أعمال بشكل جدي.

وردتفي المسرحية عبارة "ما بتذكر" أكثر من مرة، ما هو الشيء الذي تخشى رندا الأسمر نسيانه؟

سؤالك جميل. إذا لم أصب بمرض الزهايمر، أخشى نسيان أمور أساسية، بدءاً من أي كلمة أو سطر في النص، وصولاً إلى كل الأشخاص الذين حققوا المجد والنجاح لبلدنا، والذين مهدوا لنا الطريق، فهم دوماً في البال، وأتابع أخبارهم، وكلما فقدنا أحدهم، نشعر بخسارة كبيرة، وكأننا نقفل باب خلية في الذاكرة، ولا أريد لهذه الخلية أن تقفل. أخشى نسيان الشهداء، والعذاب الذي اختبرته في لبنان. أخاف نسيان الظلم، والناس الذين أحبوني وأحببتهم، والأصدقاء الذين رافقتهم على دروب الفن والحياة. أخشى نسيان العاملين في المسرح العربي، الذين يحملون لواء قضية محقّة، ويجاهدون من أجل إستمرار المسرح، لاسيما في ظل وجود الإنترنت.

رفضتِ أن تهاجري خلال الحرب اللبنانية، هل تعيدين النظر بالهجرة في ظل الظروف الحالية الصعبة في لبنان؟

منعت نفسي من المضي بقرار الهجرة خلال الحرب اللبنانية، لأنني كنت أتولى مسؤولية عائلية، إلى جانب مهنتي، وكان من الصعب تأسيس مهنة التمثيل في بلد غريب. مهنتي قدمت لي الكثير، كذلك الناس وعائلتي. اليوم لا أفكر بالهجرة بسبب تقدم العمر، وصعوبة تأمين الضروريات، منها جواز السفر والمال، بالإضافة إلى صعوبة التكيف والتأقلم في بلد جديد. حالياً وللأسف، معظم الشبان والشابات يغادرون لبنان، ويبقى جيل من فئة متقدمة في العمر. يأسف الأهالي على غياب أولادهم، ولا يمكنهم أن يجتمعوا بهم سوى في الصيف، أو خلال الأعياد. أنا عانيت من هجرة شقيقي إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكان غيابه صعباً بالنسبة للوالدين، ولو هاجرت، لكان الأمر صعباً جداً عليهما، لأنهما يكونا قد خسرا فردين من العائلة.

هل تؤمنين بأن الكوارثتخلق الدافع والإلهام، ومن أين تستمدين قوتك​​​؟

أستمد قوتي من الشعور الذي رافقني منذ الطفولة، بإنجاز المهام بشكل جيد وجدي وصحيح، وضرورة إختيار مسار يوصلني إلى هدف محدد، لذا أنا مثابرة، وأحب أن أحقق النجاح في الفن والإدارة، وفي عملي مع مؤسسة سمير قصير، وبعلاقاتي مع الناس، ومع طلا​​​​​​​بي في الجامعة، أنا أسعى إلى النجاح، هذا ما يمدني بالقوة. وأنا أؤمن بأن الناس في السلم والحرب، هم بحاجة إلى المحبة، لذا أحاول أن أكون إيجابية، لاسيما أن الإيجابية تنعكس على من يعطيها. وأنا أستمد طاقتي من الإيجابية، ومن حب الناس لي، ويكفيني أن ألتقي بأشخاص في مكان عام، يعربون عن محبتهم لي وإعجابهم بموهبتي، وهذا الأمر يعطيني دافعاً كبيراً ورضاً ذاتياً.