بداية العام 2023 لم تكن عادية على الاطلاق، بل كانت استثنائية، وأقرب إلى عالم الخيال.

فمن كان ليصدق أن هذا الحشد الفني الكبير، سيجتمع تحت لواء أمسية فنية حملت عنوان "تريو نايت"، سيخلدها التاريخ، وسيسجل لشركة "روتانا" والمستشار تركي آل الشيخ هذا الإنجاز الفني، الذي نصفه بالأضخم على الاطلاق.
حفل شارك فيه النجوم نجوى كرم ونانسي عجرم وأصالة ولطيفة وإليسا وأنغام ونوال الزغبي وعاصي الحلاني وصابر الرباعي ووائل كفوري ووليد توفيق وبهاء سلطان، أما المفاجأة فكانت سلطان الطرب جورج وسوف.

لن ندخل في تفاصيل بعض ثغرات التنظيم، والتي أدخلت النجوم في الكواليس بضياع كامل، كما سنغض النظر عن عدم تحضير بعض الفنانين للاغنيات، والنشاز الذي ضرب أطنابه عند البعض، كما سنتناسى النفور الحاصل بين بعض النجمات، ونتعالى عن تفنيد الكوارث الاخراجية، لنضيء على الأبرز والأكثر أهمية بالنسبة إلينا.

7 نجوم لبنانيين من أصل 12 نجماً، شاركوا في هذه الأمسية الضخمة. هذه المشاركة التي نعول عليها كثيراً، في زمن القحط والأزمات "والتعتير" الذي أصاب البلد والمواطنين. نعول على هذه المشاركة لأسباب عديدة، أبرزها أنها أعادت الاعتبار إلى بلد الفن والثقافة والرسالة الذي يرفض الاستسلام والموت، رغم كل الازمات التي تجعله في الجحيم. بلد لطالما شكل محط اهتمام العالم العربي في عالم الفن، والذي جعل منه منارة، ومحطة للانطلاق بالنجومية، والابحار نحو العالمية.
مشاركة أعادت العز لهذا البلد، باعتبار أن الفن هو الوسم والرسم الأساسي لأي استبيان، للحكم على معالمه الثقافية. لبنان الذي يرفض الاستسلام، شكلت مشاركة نجومه قفزة نوعية ورمزية، أظهرت مدى عزيمة شعبه ونجومه، على التمسك بمظاهر الحياة، والأمل والفرح.

لهؤلاء النجوم الذين رفعوا الراية اللبنانية عالياً، من قلب السعودية التي أتاحت الفرصة لهذا الشمل، كل التقدير والحب. هم، وعلى عكس السياسيين، لم يخذلوا شعبهم، لم يسرقوه، لم يجلدوه، بل جعلوه مفاخراً بوجودهم، ومشاركتهم، وتقديمهم أغنيات ديو وتريو، ضمن لوحات أعادتنا إلى زمن الفن الجميل... إلى مبارزة وديع وصباح ونصري وفيروز بالموال والعتابا والميجانا، لساعات ضمن سهرات استثنائية، كانت تعرض على شاشة تلفزيون لبنان. أعادوا إلينا الأمل، والثقة المفقودة بالحياة، والقليل من الطموح، فاللبناني لم يتعود، إلا على النجاح والابهار والتفوق.

نعم لقد تفوق هؤلاء النجوم على واقع مظلم، قدموا أفضل ما لديهم، لإظهار هوية الفن اللبناني التي لا تعرف الاستسلام.. تألقوا، أبدعوا، أطربوا، نشز بعضهم صحيح، لكن مغفور لهم... إنها الصورة الحقيقية للفن، التي نحاول إعادة إحيائها في الداخل والخارج.

في الختام، لا بد من كلمة شكر لهيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية ولروتانا على هذه الأمسية، وأالف تحية لكل النجوم، لعل هذا الحدث الضخم، يشكل بارقة أمل في الداخل اللبناني، للخروج من الوضع الراهن، ويشجع بعض المنتجين لحشد هذه التظاهرة الفنية في الداخل اللبناني في وسط بيروت، لنعيد الحياة والروح إلى هذا البلد العظيم.