إنه عيد الميلاد، والذي يحل مجدداً على لبنان، والأوضاع في بلدنا لا زالت صعبة، خصوصاً الوضع الإقتصادي، إذ لا زال الدولار الأميركي يسجل إرتفاعه مقابل الليرة اللبنانية، أو على الأقل يستقر على سعره المرتفع، وأسعار السلع الأساسية، خصوصاً الغذائية منها، لا زالت تسجل إرتفاعها، فمعظم المؤمنين لن ينعموا بمأكولات وحلويات العيد، وحتى بالزينة والهدايا، لكنهم طبعاً يحتلفون بالمعنى الحقيقي للعيد، وهو ولادة المخلص يسوع المسيح، الذي معه نجدد عهدنا على المحبة والتسامح، ويخلق فينا الأمل مرة جديدة.
لمناسبة عيد الميلاد، أحيت جماعة إيمان ونور - دومينيكو سافيو عين الرمانة الشياح، رسيتال ميلادياً بعنوان "تعوا نصلي بخشوع.. ونهلل لميلاد يسوع"، بمشاركة العديد من المنتسبين للجماعة، بحضور راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر، وخادم الرعية سليم مخلوف، ومعاونه الخوري بيار بو عبد الله، مرشد الإقليم جورج مفوض، الشماس وديع الحاج، رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس، مخاتير المنطقة، ومجموعة من الإعلاميين، وإخوة ومرافقين في جماعة إيمان ونور من مختلف الفروع والمناطق، والذين إستقبلتهم منسقة جماعة إيمان ونور - دومينيكو سافيو عين الرمانة، ليلى أبي خليل بكل محبة.
وعلت أصوات المرنمين، والتي جعلتنا نعيش معها فرح عيد الميلاد "هللويا بضيعة زغيرة"، "يا رعاة خبرونا"، "مورانتاه"، "ليلة الميلاد"، "قلبي مهيا مغارة"، "كنا نزين شجرة صغيرة"، "ليلة عيد"..، وتُرجمت قصة الميلاد من خلال مشاهد تمثيلية، فصلت بين ترنيمة وأخرى. قاد الكورال رالف أبي رعد، رافقهم عزفاً على العود غسان أبي خليل، وعلى الأورغ رايسا أبي خليل، هندسة صوت رولان لطيف.

قدمت الرسيتال رئيسة تحرير موقع "الفن" هلا المر، التي رحبت بالمطران بولس عبد الساتر، وقالت: "هي نعمة من الله، أن يتم تعيين المطران بولس عبد الساتر راعي على أبرشية بيروت المارونية، لأن هذا المطران هو قديس، ويقول الحقيقة، ولا يريد سواها، ويشعر بوجع الناس، فعند وقوع إنفجار بيروت، لم يقبل بأن يصلح الزجاج الذي تحطم لديه، وذلك كي يشعر مع الناس، ولم يقبل بأن يشغل المكيف، أيضاً ليشعر بوجع الناس، وعلّم الكثير من الطلاب في مدرسة الحكمة في عين الرمانة مجاناً، ومهما تكلمت عنه، فمن ثمارهم تعرفونهم، أتمنى أن تمنحه الكنيسة لقب ملفان على إنجازاته".
كما شكرت المر خادم الرعية، وحيّت الآباء والمؤمنين الحاضرين، أما عن رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس، فقالت المر: "هو رجل صان العهد، ولا شيء يقف في طريقة، تشبّع من حضارة الغرب وثقافة الشرق، جعل من الشياح مدينة للفنون والثقافة، أقام فيها الحدائق، ومركزاً رياضياً، وإهتم بالبنى التحتية للشياح، وقف إلى جانب أبناء بلدته، الذين يعطيهم كل المحبة، وهو الملتزم بكنيسته وعائلته".
كما رحبت المر، بالسيدة لينا مر، زوجة غاريوس، وبالطفلة الجميلة دانيال أبي خليل، وبالإعلامية رودين أبي خليل.
وتابعت المر قائلة: "ما يجمعنا هنا هو الإنسانية، فما من عمل أعظم منها، إله تأنسن، ونزل إلى الأرض، ليرفعنا معه إلى فوق، والإنسانية التي جمعتنا هنا، هي إنسانية يسوع، وإنسانية شبان وشابات جماعة إيمان ونور فرع القديس دومينيكو سافيو عين الرمانة، وذلك لكي نسمعهم وهم يرنمون ليسوع، ويفرحون بولادة المخلص".
وتابعت: "يسوع هو الحنان، وفي كل لحظة من حياته على الأرض، برهن حنانه، إذ في عرس قانا الجليل، بعدما طلبت منه العذراء مريم أن يقوم بعجيبة، نفذ طلبها وحول المياه إلى خمر، لأنها نظرت إليه بحنان، وبادلها الحنان، مع أنه أجابها قبل العجيبة "لم تأتِ ساعتي بعد"، فهذه العجيبة كلها فرح ومحبة. وكذلك هناك حنان حينما تعرف مار يوحنا على يسوع، فأسند يسوع رأس مار يوحنا على كتفه، وكذلك هناك حنان عندما نظر يسوع إلى المرأة الزانية، ولم يحكم عليها بالظلم، بل حاكمها بمحبة.. ويسوع يريد أن يكون لدينا حنان تجاه بعضنا البعض.. يسوع هو الرحمة والحنان".
وقالت المر: "القديس يوسف هو الأب، الذي حمل همنا، وكان إلى جانبنا، وهو شفيع كل أب يخاف على أولاده. العذراء مريم أدركت منذ البداية كم سيتعذب يسوع، ولكنها لم تتذمر، بل وثقت بالله كل الثقة. يسوع آتٍ ليسكن في قلوبنا، وليطلب منا أن نصمد، وهو معنا ويحبنا جميعاً".
ووصفت المر المرنمين الذي يحييون هذا الرسيتال بـ"الملائكة"، وهنأت جماعة إيمان ونور – دومينيكو سافيو على مبادرتهم الرائعة في إقامة أول رسيتال للجماعة في عين الرمانة، وتمنت ميلاداً مجيداً للجميع.

منسقة جماعة إيمان ونور - دومينيكو سافيو عين الرمانة، ليلى أبي خليل، شكرت كل من ساهم في إنجاز هذا الرسيتال، وأعضاء الجماعات الأخرى الذين حضروا من مناطق مختلفة، ليشاركوا في هذه الأمسية الميلادية، كما أعربت أبي خليل عن تفاجئها بقبول المطران عبد الساتر حضور الرسيتال.


من جهته المطران عبد الساتر، قال: "يحضر الإنسان إلى الكنيسة ليسمع أصوات المرنمين، فيسمع صوت الله الذي يحرك القلوب، ويجعل الدموع تنهمر، ويزرع الفرح. ونرى في وجوه الأخوة والأخوات والمرافقين والمرافقات، وجه الله المحب والحنون، والذي يضع الفرح والمحبة في قلب كل من ينظر إليه".
وأضاف: "نشكركم على دعوتنا لحضور الرسيتال، كي نلتقي بالله في هذه الكنيسة، مع كل شخص منكم، وما شعرت به في هذا الرسيتال، هو كأنني قمت برياضة روحية لمدة أسبوع، والنتيجة جيدة جداً".

موقع "الفن" عاد بهذه الكلمات الخاصة.


المطران بولس عبد الساتر، وتعليقاً على الظروف الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون منذ سنوات، قال: "إذا إستمرينا في الإتكال على غيرنا ليصلح الأمور، فما من شيء سيتغير، لأن غيرنا غير مكثرت بما يحصل، فنحن الذين نسأل عن بلدنا، وعن بعضنا البعض، فلنقف إلى جانب بعضنا البعض، وإلى جانب المظلوم، في وجه الفساد والتسلط على الناس. لا أعتقد أننا سنجد الحل لكل أزمتنا، ولكن على الأقل، تخف الأزمة علينا، وعندها نستطيع أن نتحمل وضعنا، بكثير من الرجاء والفرح، مثلما رأينا هؤلاء الشبان والشابات، الذين لديهم صعوبات في حياتهم، هم فرحون بميلاد يسوع المسيح، فرحنا يأتي أولاً من يسوع، وثانياً من محبتنا لبعضنا البعض، ولبلدنا لبنان".
وعن ما يقوله للأطفال الذين ينتظرون بابا نويل، ولكنه للأسف لن يأتي إلى معظهم هذا العام، قال: "نحن نستطيع أن نكون بابا نويل لبعضنا البعض، وهذا يتطلب منا القليل من روح التضامن بيننا، وعلينا أن نفكر بغيرنا قبل أن نفكر في أنفسنا، وفعلاً هناك الكثير من الأشخاص الذين يفكرون في غيرهم، قبل أن يبحثوا عن مصلحتهم الخاصة، الحمد لله أننا لا زلنا بألف خير".

رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس قال: "رسيتال اليوم هو إنجاز مهم جداً، عمل رائع، ومليء بالتضامن والمحبة وأجواء العيد، وهذا ما كنا نفقده، خصوصاً في السنتين الأخيرتين، بسبب الأزمات التي تضرب لبنان والمجتمع اللبناني، فنحن في أمس الحاجة، إلى أن نعود ونلتقي مع بعضنا البعض، في هذه الأجواء الميلادية، وما أروع من أن الجماعات تساعد بعضها البعض، بالطريقة التي رأيناها اليوم في الرسيتال، ليجسدوا لنا معنى العيد".
وأضاف: "رغم أن الأزمة الإقتصادية كبيرة، ولكني أرى أن تضامن المجتمع اللبناني يقوى، وهذا ما نتكل عليه، فنحن نتكل على أن تكون هناك محبة، لأن الأزمة التي نعاني منها ليست سهلة، ربما هناك شعوب تُمحى عندما تعاني من أزمة مشابهة لأزمتنا، ولكن نحن لدينا الإيمان والرجاء والإرادة، والثقة في بلدنا، والأمل بالمستقبل، وسنجمع كل قوتنا، لنستطيع أن نعبر هذه المرحلة جميعاً".

منسقة جماعة إيمان ونور - دومينيكو سافيو عين الرمانة، ليلى أبي خليل، أوجزت لنا كيف إنطلقت جماعة إيمان ونور في العالم، وقالت: "إنطلقت جماعة إيمان ونور في فرنسا، عام 1971، بعد أن تم رفض مشاركة إبنة من ذوي القدرات الخاصة برحلة إلى سيدة لورد، بحجة أن الناس سينفرون من هذه الإبنة، فقررت عائلة الإبنة، بمساعدة جان فانييه وماري إيلين ماتيو، تنظيم رحلات للأهل وأولادهم من ذوي الإحتياجات الخاصة، إلى سيدة لورد، وهكذا تأسست جماعة إيمان ونور".
وأضافت:" أما بالنسبة إلى لبنان، فقد تأسست جماعة إيمان ونور عام 1981، أما جماعتنا إيمان ونور - دومينيكو سافيو في عين الرمانة، فقد تأسست في العام 1988. هذا أول رسيتال لجماعتنا منذ تأسيسها في المنطقة، وهي تضم الإخوة وأهلها والشباب، نقوم بنشاطات ترفيهية، منها المخيمات، ونجتمع مرتين في الشهر في الرعية ونقوم برياضات روحية".

قائد الكورال رالف أبي رعد قال: "إختاروني لأدرب الكورال، ربما لأني أكثر شاب درس الموسيقى بين شباب الجماعة، ولدي خبرة في الكورال والموسيقى والرسيتال، فشعرنا أنه ربما نستطيع أن ننجح جميعنا، في حال وضعنا أيدينا بأيدي بعضنا البعض. في البداية كنا خائفين، لأن هذه المرة الأولى التي نحيي فيها رسيتال لجماعتنا، ولكن منذ التدريب الأول على هذا الرسيتال، إنتابنا شعور غريب، إذ كان الكل منسجمين، ودخلوا في أجواء الترنيم والغناء، وهذا أعطانا دافعاً لنستمر".