"لعل وعسى"، مسرحية رائعة قدمتها المخرجة كريستال خضر على مسرح مونو، من بطولة الممثلتين رندا الأسمر وحنان الحاج علي، أعادتنا إلى العصر الذهبي. يحكي العمل مسيرة ممثلتين مسرحيتين، تزامنت مع أحداث الحرب اللبنانية، التي أدت إلى إنقسام جامعة الفنون إلى قسمين، فرع أول في بيروت الغربية وفرع ثانٍ في بيروت الشرقية، بالإضافة إلى تفاصيل مسيرتهما التمثيلية وذكرياتهما.

الشرقية والغربية

يبدأ العرض بدخول حنان الحاج علي من الجهة اليسرى، ورندا الأسمر من الجهة اليمنى، ويبدأ الحوار بينهما عن الغربية والشرقية خلال الحرب، وكيف إنقسم معهد الفنون في الجامعة اللبنانية إلى قسمين. وروت رندا قصة حصولها على الجائزة الأولى عن مسرحية "صانع الأحلام"، مع فرقة الكاتب والمخرج ريمون جبارة. ثم تستعرض الممثلتان، شهادات عن مواجهتهما رفض والديهما فكرة دراسة الممثلتين المسرح، وإصرارهما على حضور البروفات، من دون علم والدَي كل منهما. وتعودان بالذاكرة الى إلحرب التي شتت ذاكرتهما، وتسرد حنان الحاج علي أحداث مسرحية "أيام الخيام"، للمخرج روجيه عساف، وهي قصة حقيقية حصلت خلال الإجتياح الإسرائيلي، وتغوص في التفاصيل الدقيقة والمؤلمة.

الحرب

تسرد رندا وحنان شهادات من الذاكرتين الفردية والجماعية، للوطن والمسرح والحب، والحرب التي قسّمت المناطق، وتقول رندا إن ممثلات المسرح لا تعطى لهم قيمة، ويصبحن مهمات إذا عملن في التلفزيون والسينما، والمخرج هو الأساس، ويتذكرون الممثلة فقط من أعمال المخرج، وسوف يقولون: "نسوان مهسترة، وعندما يقولون نسوان، مباشرة سيقولون مهسترة".

مصير المسارح

توجه رندا سؤالين إلى حنان: "ماذا حلّ بمسرح "أورلي"؟. فتجيبها: "صار مطعم زعتر وزيت"، أين أصبح مسرح "بابل"؟ تجيبها: "باعوا كراسيه"، كما تسألها عن مسارح "جان دارك"؟ "البيكاديللي"؟ "مارون النقاش"؟، "تياترو بيروت"، و"بابل" وغيرها من المسارح.

الحرب

تروي رندا بأسلوب موثر، تفاصيل العيش في الملاجئ أثناء الحرب، وعن تعرضها لخطر القصف والموت، خلال تنقلها للمشاركة في عمل مسرحي، ومحاولتها عبور الحواجز من بيروت الشرقية إلى بيروت الغربية، لمشاهدة "أيام الخيام" لروجيه عساف، وعن حماسها لإكتشاف عمل سيتم تمثيله في مهرجان قرطاج في تونس. وتتذكر حنان الحاج علي كيف عُرض العمل في بيروت، ليجمعوا ثمن تذاكر حضور مهرجان قرطاج عام 1983، وحصلوا على جائزة أفضل عمل مسرحي متكامل. بعد مرور سنتين، سافرت رندا مع فرقة ريمون جبارة، والتي شاركت في مسرحية "صانع الأحلام"، إلى قرطاج، وفازوا بالجائزة. وتواصل حنان إستذكار الماضي المثقل بأصوات القذائف، وتكشف عن عدم تمكنهم من الوصول إلى الكازينو، لحضور عرض "صانع الأحلام"، بسبب القصف.

المسرح لا يغيّر العالم

قالت رندا إن مسرحية "صانع الأحلام" عُرضت في بغداد، وسط الخوف إبان الحرب العراقية الإيرانية، وتحكي رندا عن شعورها بالموت عن كثب هناك، وكيف عادت إلى لبنان، وهي تحمل جائزة أفضل ممثلة واعدة، لكن عند عودتهم لم يكن أحد يعلم بهم، ولم يحضر أحد إلى كازينو لبنان بسبب القصف، وتقول رندا "كان يجب أن أعلم أن المسرح لا يغيّر العالم".

رواد المسرح

وتابعت رندا أنها لم تعد تتحمّل الأصوات العالية، تحب المسرح، لكنها لم تعد قادرة على التمثيل تحت الأرض، لأنها عاشت طويلاً تحت الأرض. وتم إستحضار رواد المسرح، منهم رضا خوري التي أصيبت بمرض الزهايمر، ونسيت مونولوجاتها على خشبة المسرح، ثم بدأت العرض المسرحي من جديد، كما تم استذكار أنطوان ملتقى وريمون جبارة وروجيه عساف وغيرهم.