على الرغم من أن الأغنية المغربية والأغنية الجزائرية قد لاقتا انتشاراً واسعاً منذ زمن بعيد، الا اننا نرى انهما في الفترة الاخيرة تلقيان تفاعلاً أكبر من جهة الفنانين الذين استغلوا ارتفاع اسهمهما هذا العام، وأصدروا أغنياتهم التي تلقى نجاحاً كبيراً.
وما يساهم في نجاح معظم الاغنيات المغربية / الجزائرية هو تعاطف ولهفة المغربيين والجزائريين لها فلا يهتمون لهوية الفنان على قدر ما يهتمون بأن تكون الاغنية المطروحة تحترم لهجتهم وثقافتهم وموسيقاهم لأنهم يعلمون تماماً أن العمل الفني رسالة ويعتبرون ان كل من يغني لهجتهم يساهم في نشرها وارتفاع محبة كل الشعوب لها.
هذا الحب الكبير الذي يحمله الشعب المغربي والشعب الجزائري لموسيقاهما يجب ان يخلق غيرة جميلة في نفوس كل شعوب الدول العربية لان التفاعل يحفّز العاملين في العمل الفني على تقديم المزيد والمزيد.

البداية مع ديو سعد لمجرد ومحمد رمضان

لا يمكن ان ينكر أحد أن الاغنية المغربية - الجزائرية تفوقت على غيرها هذا العام فهي التي عرفها الوطن العربي من خلال نجوم المغرب والجزائر وتونس أصبحت اليوم مصدر فرح وبهجة بغناء نجوم من خارج المغرب العربي.
لكن قبل 3 أعوام وتحديدا في 2019 تربع ديو الفنان المصري محمد رمضان والفنان المغربي سعد لمجرد على عرش الصدارة بمزيج جديد كان للجمهور وهو مصري – مغربي بأغنية "إنساي" وهنا كانت الانطلاقة الفعلية لرواج الاغنية المغربية مع الاشارة الى اننا نقصد رواجها بالنسبة للفنانين من لبنان ومصر والخليج الذين يمتلكون قاعدة جماهيرية كبيرة. هذه الاغنية كسرت الارقام القياسية وعدد مشاهداتها كان كبير جدا وهنا بدأنا نرى الاغنية المغربية تتصدر أكثر فأكثر خصوصا ان لمجرد ورمضان وصلا الى العالمية من خلال الريميكسات التي قام بها العديد من الـ DJs حول العالم لهذه الأغنية.


لكن كيف تفوقت الأغنية المغربية ؟

يقول الكاتب والملحن المغربي Mobeazy الذي تعامل مع العديد من النجوم مثل سعد لمجرد ومحمد مضان (صاحب فكرة اغنية إنساي) وفادي اندراوس ان السبب في "أن اللهجة المغربية أصبحت شائعة وتصدرت في السنوات القليلة الماضية بسبب موسيقاها وكيف يستمتع الناس بها بشكل عام وأثبتت انك لست مضطرًا إلى فهم كلمات الأغاني لتقدير عمل رائع."
وبالفعل أثبتت الأغنية المغربية انه ليس من الضروري ان تكون الكلمات سهلة أو مفهومة بالنسبة للكل لتندمج بها وتتعلق بلحنها وتتفاعل معها ففي بداية هذا العام افتتحت الفنانة ميريام فارس الموسم الغنائي المغربي بأغنية "معليش" التي قدمت فيها الفن الأمازيغي باللهجة المغربية حباً وتقديراً منها لهذه الشعوب ونالت 10 ملايين مشاهدة وتفاعُل كبير من الجمهور لكن ميريام لم تكن اول فنانة غير مغربية تغني هذه اللهجة فسبقتها العديد من الفنانات منهن بلقيس التي غنتها عدة مرات بأغنيات عديدة مثل "تعالى نشوف" و " La vie is good" كما ان الفنان سعد رمضان غنى اللون المغربي قبل 6 سنوات في اغنية "واعره" التي حازت وقتها على استحسان الجمهور.
هذا العام نرى اعمالاً تضيف التفاعل على مكتبة الفن المغربي/الجزائري كأغنية " ديالي" للفنانة اللبنانية مايا دياب، و"دادا" للفنان فادي اندراوس، والديو الذي جمع بين الفنانين جوزيف عطية وفُضيل بأغنية "تلاقينا" كما ان الاخير سيطرح ديو مع الفنانة شذى حسون تحت عنوان Mon amour اضافة الى اعمال النجوم المغرببين والجزائريين والتونسيين مثل سميرة سعيد التي قدمت ألبوم جديد فيه العديد من الاعمال التي تعكس ثقافتها كما ان الفنان سعد لمجرد يعمل على اغنية مغربية.


حق الفنان في متابعة الترند وتبادل الثقافات

يقول الفنان والكاتب والملحن نسيم الباي اذلي كتب ولحن أغنية "ديالي" لمايا دياب أن "الفن واسع والإختيارات كثيرة وأن كل فنان لديه الحق ليجرب ألوان موسيقية جديدة عليه وبالنسبة للأغنية الجزائرية والمغربية صحيح أنها في الترند هذه السنة"
وعن النجاح الذي يلقاه النجوم قال :"أرى أن كل الفنانين الذين جربوا لاقوا نجاحا و هذه تجربة رائعة ونتمنى ان تستمر لان التأثير كان وسيكون إيجابي لان هناك تبادل ثقافة موسيقية فكما سبق أن غنى العرب أغاني الشاب خالد وسعد لمجرد والعكس لذلك "يا ما غنى المغرب العربي أغاني جورج وسوف و فيروز".
الفكرة ان الفن مثل اي مجال فيه رسالة لكنه في النتيجة "عمل" هدفه تحقيق الارباح فلا يقبل احد العمل بخسارة وان كانت الاغنية المغربية "ترند" يحق لاي فنان ابراز موهبته من خلالها وتقديم عمل يليق بها وبه على حد سواء. لا يمكن ان ننلوم فنان يريد التطور وتوسيع آفاقه الفنية لا بالعكس علينا تشجيعه.

لكن ماذا عن نسبة النجاح؟

في وقت يكون نوع موسيقي ترند ويقدمه العديد من النجوم تخلق المقارنة بين من نجح وبين من فشل، بين من أجاد اللهجة بين من كانت نسبة اتقانه أقل.
يقول نسيم الباي: لا نستطيع ان نقول أن كل النجوم قادرين أو لا فالجمهور هو الذي يقرر ولكن بالنسبة لي كثر من النجوم لمعوا بهذه اللهجة والستايل الجزائري-مغربي . ويتفق Mobeazy مع ذلك وقال ان "ان معظم النجوم نجحوا فطالما أنهم يستطيعون نطقها بشكل جيد ، ومع ذلك الجمهور لن يلاحظ الخطأ بنطق الكلمات بقدر ما يستمتعون بالموسيقى"
اذا الاساس في الاغنية المغربية وانتشارها هي موسيقاها الفرحة والمرحة أكثر من كلماتها، فهي قادرة على تغيير مزاج المستمع من الحزن الى الفرح، من الكسل الى النشاط بشكل واضح على أمل تكون كل الترندات كهذا الترند الجميل.