لا يمكن سماع شعر زجل لبناني، من دون الشعور بالحنين إلى الزمن القديم، وكأنه فن طبع في الذاكرة، ودخل في صلب التراث اللبناني العريق.
أقيمت يوم الجمعة الماضي، حفلة زجلية أحيتها "جوقة العمر"، في مسرح "البولفارد" في منطقة الشياح، وتم خلال الحفل تكريم الشاعر اللبناني شربل كاملة، إبن الشياح، الذي عبر عن مدى فخره بإنتمائه إلى هذه المنطقة، وإلى لبنان.
وكان الحدث برعاية وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى، ممثلاً بحضور المحامي زياد بيضون.
بدأ الحفل بكلمة ألقتها السيدة بولين حبقي، بإسم بلدية الشياح، حيث قالت: "أهلاً وسهلاً بكم بإسم بلدية الشياح، أولاً أريد أن أرحب بوزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى ممثلاً بالمحامي زياد بيضون، وأرحب بالقادة الأمنيين، ورؤساء البلديات، والمخاتير وكافة الفعاليات.
يسرنا أن نقدم حفلة زجل، تحييها "جوقة العمر" برئاسة الشاعر شربل كاملة، إبن الشياح، ونجتمع الليلة تكريماً له برعاية وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى، وبمشاركة الشاعرين شربل أبو أنطون وميلاد ضو".
بعدها، إنطلقت حفلة الزجل، فألقى الشاعر شربل كاملة بيت شعر تغزّل من خلاله بحبيبته، وقال: "البسيلي بلوزة الدهشة الفريدة، اعملي زنارك المدهب وخدي حمرة شفافك من مهيبي".
وكان لموقع "الفن" حديث خاص مع الشاعر شربل كاملة، تحدث فيه عن فخره بتكريمه في مسقط رأسه، وعن رأيه بمصير الزجل.

ماذا يعني لك هذا التكريم؟ وما هي رسالتك لوزير الثقافة والقائمين على الحفل؟

هذا التكريم يعني لي الكثير، خصوصاً وأنه من قريتي، أنا من الشياح، وتكرمت سابقاً في عدة بلدان في العالم، وفي عدة قرى في لبنان، أما اليوم، فقريتي هي من تكرمني، وأنا هنا بين أهلي وناسي، وهذا شرف كبير وفخر لي.
أتقدم بالشكر لمعالي الوزير القاضي المرتضى، الذي تجمعني به علاقة صداقة شخصية، أحترمه كثيراً وأحبه، أريد أن أشكر رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس على هذه اللفتة الكريمة.

مثلما قلت سابقاً، تم تكريمك في عدة بلدان من العالم، منها فرنسا وإيطاليا وأستراليا، ماذا يعني لك تقدير اللبنانيين المغتربين للتراث اللبناني؟

أنا أعتبر أن الأمر ليس مجرد تقدير للفن، والزجل يتكلم عن الأوجاع، والأفراح والأتراح.. المغتربون والمنتشرون في بلاد الخارج، يحنون إلى بلدهم لبنان، والزجل هو لغة التواصل بين المغترب والمقيم، فعندما يرى المغتربون شاعر زجل، يعتبرون أن لبنان سافر إليهم، هذا الشعور مذهل.

أين ترى الزجل في الوقت الحالي في ظل تطور الفنون؟

أعتقد أن الزجل يمر حالياً بفترة مزدهرة. مرّ سابقاً في عصره الذهبي أيام الأساتذة موسى زغيب، طليع حمدان، زغلول الدامور، زين شعيب، إدوارد حرب وخليل شحرور.. بعد هذه الفترة، مرّ لبنان بفترة حروب، ومشاكل داخلية، وانخفضت معها رهجة الزجل. في عام 2010، ومع برنامج الزجل الذي أطلقه الأستاذ موسى زغيب، ساعد الشباب الذين يحبون هذا الفن، وأنا منهم، وحصلت فيه على المركز الأول والدف الذهبي، ومن وقتها، ونحن مستمرون في العمل على هذا الفن وتطويره، وأتمنى أن يكون مستقبل الزجل جيداً جداً، خصوصاً أننا نحاول جذب العنصر الشبابي إليه بشكل خاص.

كيف برأيك يمكن جذب جيل الشباب للإستماع إلى الزجل حتى لا يكون فن محصور بالجيل القديم؟

هناك مثل يقول "كل جيل يلعب مع جيله"، وحتى نجذب جيلنا للإستماع إلى الزجل، خاصة وأن هناك صورة عامة تؤكد أنه فن ممل، بدأنا ندخل عامل جديد إلى الزجل لمواكبة العصر وهو الموسيقى والأغنيات القديمة، مثل "رمانك يا حبيبي، يا جملو، دلعونا.." حتى يصبح هذا الفن حماسي أكثر ويدعو للرقص، ليس فن ممل.

هل بإمكان شاعر الزجل في لبنان، أو الشاعر بشكل عام، أن يمتهن الشعر ويجني منه المال؟

هناك العديد من الشعراء الذين إمتهنوا هذا الفن، منهم موسى زغيب وطليع حمدان، على الصعيد الشخصي، أنا لا أعمل إلا في مجال الزجل. كي يصبح الشعر مهنة يُعتاش منها، يجب على الشاعر أن يمتلك الموهبة، وصوتاً جميلاً وكاريزما مميزة، بالإضافة إلى الثقافة، والعلاقات الإجتماعية، إذا توافرت هذه المواصفات جميعها في الشاعر، يصبح الشعر مهنته.

ماذا تطلب من وزارة الثقافة حتى تساهم في إستمرار الزجل وتطوره؟

منذ فترة ونحن نطلب من الوزارة أن تدخل الزجل اللبناني إلى المنهج التعليمي في المدارس، وأن يتعرف الطلاب اللبنانيون على هذا الفن الفلكلوري وعلى شعرائه، فالزجل تراثنا وهويتنا، وهو مثل الأرزة اللبنانية في مجال الفن. فنحن نطلب من وزير الثقافة، الذي لم يتردد في مساعدتنا، إدخال هذا الفن في المناهج التعليمية.