شجرة الزيتون مباركة ورمز للسلام والصمود وموجودة في الربوع اللبنانية منذ آلاف السنوات، وهي دائمة الإخضرار، وإستخدمها الفراعنة في بناء إهراماتهم. زُرعت في لبنان قبل أكثر من ستة آلاف سنة وانتشرت في دول حوض المتوسط ثم انتقلت الى العالم. ثمارها وزيوتها أساسية في التغذية وتحضير المواد الطبية.

صناعات غذائية

تحتل أشجار الزيتون مساحات زراعية كبيرة في مختلف المناطق اللبنانية ومعظمها يروى من مياه الامطار. يعتبر زيت الزيتون من بين أبرز الصناعات الغذائية اللبنانية، وجزء من فخر تاريخ لبنان وتقاليد الطهي، وقد ساهمت طبيعة الأرض في لبنان بفضل تنوع التضاريس وخصوبة التربة وتعدد أنواع الأشجار بالحصول على منتجات مميزة من الزيتون.

شيخ السفرة

يكاد لا يخلو منزل في لبنان من الزيتون على أنواعه، حتى أن اللبنانيين، يطلقون عليه لقب "شيخ السفرة". فالصحن الصغير الذي يحضن حباته لا يفارق المائدة، في المدن والقرى وفي الولائم والوجبات السريعة. معظم اللبنانيين يحرصون على التزود بكميات من الزيتون من ضمن أصناف "المونة".

موسم الزيتون

موسم الزيتون ليس متوفراً كل سنة والمعروف أن الشجرة عندما تعطي الثمار لا تنتج في العام التالي. ويتوافر منه في لبنان ثلاثة أنواع على الأقل: الأخضر، الموشح المائل إلى السواد، والأسود البالغ النضج. ويتم جمع الأخضر في أواخر سبتمبر /أيلول أو أوائل أكتوبر /تشرين الأول من كل سنة، والنوع الثاني يجمع في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، والنوع الثالث يقطف في ديسمبر /كانون الأول عندما يصبح ناضجاً. ويفضل أن يقطف زيتون المونة باليد حتى يبقى شكله سليماً ومرغوباً للشراء، وأثناء القطاف يمكن إختيار بعض حبات "الجرجير" وهي التسمية التي يطلقها المزارعون على الحبوب البنية اللون والناضجة والتي يمكن تناولها في الحال لما تتمتع به من نكهة خاصة. ويتم الإستعانة بقصبة يابسة أو قضيب خشبي يابس لهز الشجرة كي تتساقط حبوب الزيتون وتنقل الى المعصرة لاستخراج الزيت. كما يمكن تصنيع الصابون البلدي من زيت الزيتون.

طريقة التحضير

يمكن رص الزيتون وتمليحه من دون ماء أو أي شيء آخر، كي يتم تناوله فوراً والعبارة اللبنانية المعروفة التي تقال:"خير السنة ورزق جديد، واللي طعمنا عمره يزيد". بالنسبة إلى الزيتون الأخضر كانت تجتمع العائلة سابقاً لرصه إما بواسطة مدقة خشبية، أو بواسطة حجر بحري مسطح، مع الوقاية من رذاذ الزيت المتطاير منه. أما اليوم فبات يرصّ في آلات كهربائية تختصر الكثير من الوقت. ثم يغمس في الماء ويضاف إليه الملح الخشن ويوضع في أوعية زجاجية أو فخارية، وكانت الكميات الكبيرة توضع في خوابي فخارية، وقد استبدلت بالبراميل الخشبية. ويضاف إلى زيتون المونة بعض قطع الحمضيات، الصعتر البري، نبتة الشومر، أو الفلفل الأخضر.

والزيتون الأخضر لا يقتصر على "المرصوص" منه، بل هناك المحشو بالجوز واللوز أو الفلفل المسحوق والمكبوس بالزيت، ويفترض في زيتون المونة، أياً كان نوعه، ألا يأتي من حقل مروي بالماء، وألا يضاف إليه الملح الناعم، لأنه يتسبب في تراجع نكهته. أما النوعان الآخران من زيتون المونة أي الموشح المائل الى السواد، والأسود البالغ النضج فلا يحتاجان لتجريح، ولا لرص، بل يحضران فور الحصول عليهما، بعد غسلهما بالطبع، وبالطريقة نفسها المتبعة في تحضير الزيتون الأخضر.

أنواع الزيتون

أنواع الزيتون المزروعة في لبنان متنوعة منها: السوري والبلدي والشامي والميروني وغيرها، ومعظمها يحتوي على نسبة 20 - 21٪ من الزيوت. كما أن30٪ من الزيتون اللبناني يستهلك للمائدة و70٪ يتحول الى زيت.

العوامل الطبيعية

الأمط​​​​​​​ار الغزيرة والرياح الشديدة ودرجات الحرارة العالية في مرحلة الإزهار تؤدي حتماً الى خفض الإنتاج. أعمال الفلاحة حول الأشجار والتسميد والتقليم ينبغي أن تتم بشكل صحيح. لا بدّ من الإشارة الى أن ظاهرة التغيّر المناخي التي بدأت تظهر في​​​​​​​ لبنان وارتفاع متوسط الحرارة في الخريف والربيع ساهمت كثيراً في إعادة ظهور الأمراض، التي يجب مكافحتها للحؤول دون القضاء على الثروة الوطنية بشكل نهائي.

الخصائص البيولوجية

أشجار الزيتون دائمة الإخضرار، تتكاثر بسهولة وتعيش أوراقها حتى أربع سنوات. وهي سريعة النمو حوالى 50 سم سنوياً، وتثمر للمرة الأولى بعد خمس سنوات من زراعتها ويستمر عطاؤها بعد 15 عاماً ويبلغ الذروة عندما تبلغ الشجرة عمر الأربعين سنة ويستمر سنين طويلة حتى 200 عام. أما جذورها فتغوص عميقاً في التربة وقد تصل الى سبعة أمتار وتتسع دائرياً ليبلغ قطرها حوالى خمسة أمتار وهذا ما يؤمن لها الصلابة والعمر الطويل.

تقنية العصر

أنواع الزيوت التي تنتجها المعاصر في لبنان هي: زيت الزيتون البكر الممتاز، وزيت الزيتون البكر، وزيت الزيتون العادي، وزيت الزيتون المكرّر. وأثبتت الأبحاث العلمية أن تسخين زيت الزيتون حتى 200 درجة مئوية ولمدة ثلاث ساعات لا يفقده خواصه وتأثيراته البيولوجية، وقد تبيّن أن الفضل في ذلك يعود الى احتوائه على كميات عالية من حمض الأوليك والمواد المضادة للأكسدة، لذلك فهو ملائم للقلي على عكس الزيوت والدهون الأخرى التي تسبّب الأمراض السرطانية عندما تتعرّض للتسخين المتكرّر.

فوائد الزيتون

الأشخاص الذين يتناولون زيت الزيتون باستمرار أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب وتصلّب الشرايين والسكري وسرطان الأمعاء الغليظة والربو. وتشير الدراسات التي أجريت على عدد كبير من المرضى المصابين بالسكري بأن الوجبات الغذائية السليمة التي تحتوي على كمية قليلة من زيت الزيتون لها تأثير أفضل على كمية السكر في الدم من الوجبات الغذائية السليمة التي تحتوي على كمية أقل من الدهون الأخرى. كما أن زيت الزيتون يساعد على تأخير عوارض الشيخوخة. كما يصنّع من الزيتون الصابون البلدي.

موعد قطاف الزيتون

الموعد المثالي لقطاف الزيتون هو بعد هطول الأمطار بحوالي عشرة ١٠ أيام. قبل هطول الأمطار يندفع الزيت من الحبة إلى الاغصان وبالتالي القطاف قبل المطر يسبب خسارة في محصول الزيت.