جاكلين جابر أبو عقل، إعلامية وكاتبة ومعدّة برامج، تركت بلدها بحثاً عن آفاق جديدة، تستطيع من خلالها أن تساهم في تحقيق أحلام ومستقبل إبنيها. وكما برعت في عملها في لبنان كصحافية متخصصة في العديد من المجلات اللبنانية والعربية، إضافة إلى توليها إعداد وتقديم برامج ثقافية إجتماعية منوعة، عبر محطة "تيلي لوميار"، وتسلمها مهام أمين سر المجلس الوطني للإعلام منذ أكثر من عشرين عاماً، ها هي تحلق في كندا في عالم الإعلام والكتابة، مسجلة بصمة لبنانية جديدة في عالم الإغتراب عنوانها "من لبنان إلى كندا خبايا الوطن وسحر الغربة"، الكتاب الذي أحبت أن توثق فيه إنجازات لبنانيين منتشرين في عالم الإغتراب، وبلغات ثلاث، والذي قدّم له رئيس وزراء كندا جاستن ترودومثنيا على حرفية العمل، كما تفاني اللبنانيين ومساهماتهم في إعمار كندا.
غلاف الكتاب من تصميم الفنانة التشكيلية العالمية رندة حجازي، بينما أنجز التصميم الداخلي الإعلامي زهير دبس، وقامت بالترجمة ناتالي خليل، وتدقيق لغوي سلام الشواني.
صدر الكتاب بنسختين عربية فرنسية وعربية إنكليزية، ويتألف من 500 صفحة كل نسخة.
موقع "الفن" أجرى مقابلة مع الكاتبة والزميلة جاكلين جابر، المقيمة في كندا، والتي شرحت لنا مضمون الكتاب، وأساس فكرته، كما كشفت عن سر مستقبلي بخصوصه.

لماذا اخترتِ هذا العنوان لكتابك؟

خياري لعنوان الكتاب لم يأتِ من عدم ،ففيه سرد للعديد من الأحداث المتعلقة بماضي كل شخص مغترب من الذين استضفتهم، حتى أن بعض الأحداث لا يعرفها إلا الضيف نفسه، أما سحر الغربة، فهو ما لم يتلقاه ذاك المنتشر من بلده، فكانت الغربة هي الحضن الذي قدم له الكثير، فكدّ وتعب وسهر واجتهد، محققاً نجاحات باتت اليوم في مواقع مهمة يحسب لها ألف حساب في عالم الأعمال، وعلى تنوعها.

ما هي خبايا الوطن؟ وما هو سحر الغربة؟

خبايا الوطن، هي الأسرار الصغيرة في حياة كل شخص، والتي لا يعرفها سواه، فهي قد تسعده في بعض الأحيان، لأنها تعيده إلى طفولته، أو إلى حالته في الماضي، وعلى الرغم من كل ما عاناه في اغترابه، من ظروف الغربة ووجع وخوف وحنين، إلا أنه تمكّن من النجاح، وبات السحر في الغربة، كما أنه يمكننا القول إن سحر الغربة هو نتيجة خبايا الوطن.

أخبرينا أكثر عن مضمون الكتاب؟

يتضمن الكتاب ثلاثين سيرة غيرية لثلاثين شخصية لبنانية اغترابية، وصلت إلى كندا قبل أكثر من 20 عاماً، وتمكنت رغم كل الصعوبات، أن تحقق ذاتها، وتصبح رقماً صعباً في عالم الأعمال والسياسة والأدب والطب وغيرها.
وتبدأ السيرة من مسقط الرأس في لبنان، الإلعاب والدراسة، وصولاً إلى الأسباب الكامنة وراء الهجرة ودوافعها، مروراً بالخوف والبرد والتعب، لنصل إلى الأعمال التي يتدرج بها المنتشر قبل أن يؤسس عمله الخاص، لتنتهي الحبكة كما بدأت بالوطن، حيث حنين العودة والاستثمار على أراضيه، من دون أن ننسى الاحترام الذي فرضه الوجود اللبناني في أرض الاسفندان حكومة وشعباً، هذا الوجود الذي ساهم وفي الكثير من الأوقات، في إعمار البلد وازدهارها.
الكتاب بمضمونه وطريقة عرضه للمواضيع، كما اختيار الشخصيات المشاركة قصصها عبر صفحاته، هو الأول من نوعه في تاريخ الانتشار، ليس للبنان فقط، إنما للعالم العربي أيضاً.
وقدم للكتاب كلّ من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، سفير لبنان في كندا فادي زيادة، القنصل العام في مونتريال أنطوان عيد ورئيس غرفة التجارة والصناعة اللبنانية الكندية السابق شارل أبو خالد، ما أعطى الكتاب زخماً إضافياً.

إلى أي مدى يبرز كتابك أهمية أدمغة اللبنانيين في الغربة؟

أهمية أدمغة اللبنانيين في الغربة ليست بحاجة لمن يبرزها، إنما لمن يضيء عليها، وكل من سيقرأ هذا الكتاب، سيعرف أن هذا المغترب، وعلى الرغم من أنه عاش الفقر والقهر والحرمان، لكنه تمكّن من تسخير ذكائه ومواهبه التي منحه إياها الله، للوصول إلى مراكز عليا ومهمة، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على الذكاء والحكمة والصبر التي يتحلّى بها اللبنانيّ، والتي استثمرها في مشاريع كبيرة في الغربة.

لقد جّربتِ الغربة، هل أحببتها أكثر من الوطن؟

أحببت الغربة أكثر من الوطن؟ بالطبع لا، لكن لو سألتني هل أحببتِ كندا أكثر من الوطن، فسأقول نعم إنني أحببت كندا، أحببت الأمان والسلام فيها، أحببت احترام الإنسان، وأحلام أولادنا، أحببت الطموح الذي يضعه أطفالنا نصب أعينهم، والذي يتبخر في بلدنا، بينما يتحقق في هذا البلد الخيّر، كندا. أحببت الاستقرار، استخدام المواهب الربّانية، وتقديمها على مسارح الحياة بكل فرح، لكني بكل تأكيد، لا ولن أحب الغربة، فالحنين لا زال في قلبي، فكيف لي أن أنسى البلد الذي عشت وترعرعت فيه، أهلي وأصدقائي هناك، لا يمكنني القول إنني أحببت كندا أكثر من لبنان، فغصة الحنين موجودة دائماً، والبلدان باتا اليوم بلديّ.

هذا الكتاب سيصل إلى المغتربين أكثر من اللبنانيين، بما أن اللبنانيين يمرون بحالة اقتصادية صعبة؟

هذا الأمر غير دقيق، فجميع ضيوف كتابي لبنانيون، وهم فخورون بما فعلوه في الغربة، ولقد أرسلوا نسخاً من الكتاب إلى ذويهم في لبنان، وهذا يُعتبر نوعاً من الانتشار الذي يجب أن نلتفت إليه. وبعد أن تتحسن الأوضاع، سأتوجه إلى لبنان لتوقيع الكتاب، وكل الناس سيقرأونه، كما أنه حالياً منتشر وبكثرة.

إلى أي مدى هناك فائدة من الكتاب في زمن الإنترنت؟

أنا أعارض فكرة خسارة الورق في زمن الإنترت، وقد لاحظت أن كثيرين يرغبون بأن يكون هذا الكتاب في مكتبتهم الخاصة، ويفتخرون به وبإنجازاتهم، الناس في كندا يحملون الكتاب في الطرقات والحافلات والحدائق، وهذا يدل على أهمية الكتاب الورقي، الذي ما يزل يتبوأ عرش البيوت والمكتبات.
وفي المناسبة، هذه المرة الأولى التي يتم فيها تخليد تاريخ وإنجازات مهاجرين في كتاب، فالورق لم يفقد قيمته، والكتاب ما زال مهماً، وأنا على ثقة بما سيتركه من أثر في نفوس قارئيه.

كيف كان حفل توقيع الكتاب؟

حضر حفل التوقيع، الذي رعاه وحضره قنصل لبنان العام في مونتريال طوني عيد، وقدمت له الصديقة ريتا حبيب قازان ،في إحدى الصالات في لافال، حوالى 300 شخصية، من سياسيين وفعاليات كندية، ولبنانيين منتشرين، لامعين في مجالاتهم، ومنهم من كانوا ضيوفاً مكرمين في الكتاب، ومن بينهم رجال أعمال، أطباء، رجال دين وإعلاميين، وأحيت الحفل الشابة المتألقة كريستا ماريا أبو عقل، التي غنّت الوطن والحنين، بصوتها الرائع، بمرافقة موسيقية لفاسكين حبيب على البيانو، وشادي نصر على القانون.
ولا بد لي أن أشكر كل من تعب وحضّر معي لهذا العرس الثقافي ،عائلتي، وأخص بالشكر زوجي وليد أبو عقل، والفنانة التشكيلية رندة حجازي على اللوحات الرائعة التي زينت بها الصالة، كما أشكر إيلي أبي غانم على باقات الورد، وشحادة حلوم على تصوير الحفل، والـ DJ غابي عطالله.

بعد هذا الكتاب، ماذا تحضرين؟

أنا حالياً بصدد التحضير لجزء ثانٍ من الكتاب، فالأصداء التي حصدها كانت أكثر من إيجابية، كما سأكشف سراً لموقع "الفن"، يتعلق بمفاوضات تتم بيني وبين أحد الأشخاص المقيمين في إحدى الدول الأجنبية، ويتعلق باصدار نسخة مشابهة وهو ما أصبو إلى تحقيقه.

كلمة أخيرة.

أشكركِ هلا على هذه المقابلة القيّمة والشاملة، وهذا ليس بغريب عنكِ، فقد عوّدتِنا على متابعة كل جديد، كما أخبار نجاحات اللبنانيين داخل وخارج بلدنا، وأحيي فريق عمل موقعكم. وفي الختام، أود أن أؤكد، أن اللبناني أينما حلّ، يعرف كيف يتألق ويفرض نفسه، وكل منتشر في كل أصقاع الأرض، يتمنى العودة إلى الديار، اليوم قبل غد، في حال توافرت له عناصر الأمن والأمان والحياة الكريمة، ويا ليتها تتحقق، فنعود جميعاً لنعيش بكرامة في أفياء أرضنا الحبيبة.