يوسف بك وهبي أو يوسف عبد الله هديب وهبي، ممثل ومؤلف ومنتج مسرحي وسينمائي مصري ولد عام 1898 ، ويعتبر من الرواد الأوائل في مجالي المسرح والسينما في مصر.
حلم في شبابه بإمتلاك قصر فخم يتكلم عنه المصريين، والسكن فيه، وكان يسافر بشكل دائم، ويتخيل شكل قصره كيف سيكون، بين الطراز الأميركي المودرن، وبين الطراز الإنجليزي القديم أو الفرنسي والأوروبي الحديث وأراد أن ينشئ لنفسه قصرا يحمل الطرازات الأربعة، ليتمكن من تحقيق حلمه هذا بعد أعوام ويؤسس أربعة قصور مجاورة يعبر كل منها عن شيئ يحبه ويربط بينها حمام سباحة كبير.
واختار يوسف بك البقاء بالقصر الذي يحمل الطراز الإنجليزي القديم، فهو كان الأضخم، وأنشأه على ذوقه، وأشرف على تشييده بنفسه منذ أن كان أرضاً حتى أصبح بمنظره الجذاب.

زواجه من عائشة فهمي

ارتبط يوسف وهبي بالسيدة عائشة فهمي كريمة علي باشا فهمي كبير ياوران الملك فؤاد الأول دون أم يعلنا الأمر أمام أحد وظل يوسف يدعوها إلى حفلاته والسهرات التي يقيمها في منزله على أنها صديقة للعائلة، وبقيت علاقة حبهما سراً لا يعلم بها سوى المقربين مثل الموسيقار محمد عبد الوهاب.
وكان يوسف وهبي في ذلك الوقت بعيد عن فكرة الزواج بسبب معاناته من فشل زواجه الأول، وقرر أن يسافر مع عائشة إلى لندن ويقضي معها وقتا ليتقرب منها خاصة ولتبتعد قليلا عن المشاكل التي كان تحيط بعائلتها بعد مقتل شقيقها علي فهمي على يد زوجته الفرنسية.
وبعد سفرهما إلى الخارج سوياً، قرر الثنائي الزواج في باريس وكان وقتها يوسف قد أوشك على الإفلاس.
كانت عائشة أغنى سيدة في مصر كانت تكبره بستة عشر عاماً، واهتمت بكل تفاصيل عقد القران، كما حضر الحفل الصغير الذي نظماه عبد الوهاب الذي غنى له مع فرقته الموسيقية.
سكنا في قصرها الذي كان قد بناه شقيقها علي قبل وفاته، وأخذته منه وقال يوسف عن زواجه من عائشة: "استمر النجاح حليفنا ثم بدأت عوامل الغيرة تتكشف في خلق السيدة عائشة زوجتي لحد مراقبة حركاتي وسكناتي وبعد أن كانت تبدي مظاهر التشجيع لفني ومسرحي انقلب الحال فأصبحت تضيق ذرعًا لانعكافي على التأليف والتمثيل والإخراج وحولت حياتي إلى جحيم لا يطاق".
في ذلك الوقت لم يكن يملك يوسف بك شيئاً، الا قصر عائشة الموجود على النيل، ولم يكن يحمل في جيبه سوى 50 جنيهاً وحاولت عائشة ان تساعده وتعيده الى المنزل إلا أنه رفض.

قصر يوسف وهبي

عاش يوسف بيك حياة فارهة، إلا أنه وعندما كان يفكر أخيراً بتشييد القصر الذي كان يحلم به، خاصة وبعد طلاقه من عائشة وسكنه معها ببيت أحلامه لفترة من الزمن، لم يكن يملك ما يكفي من المال، لكنه لم ينسى حلمه في تحقيق رغبته في إقتناء قطعة أرض وتشييد القصر عليها.
ورغم معاناته وإفلاسه ظل يوسف مصر على تحقيق هذا الأمر، واقتنى أرضاً في شارع الهرم، وبلغت مساحتها حوالي الـ 500 متراً، وتمت عملية الشراء بالتقسيط المريح للغاية، وظل يدفع في أقساط قطعة الأرض لفترة طويلة، فعلى حد وصفه في حوار قديم له نشر في مجلة "آخر ساعة" عام 1971، كان يجمع قيمة القسط بصعوبة بعد صرف مرتبات الممثلين ونفقاته المنزلية.
مع فترة نهضة الأفلام، تحسنت أوضاع يوسف بيك المالية ولم يعد مفلس، وقام بإقتناء أرض مجاورة تبلغ مساحتها 500 متراً أيضاً وظل يشتري في قطع الأرض المجاورة حتى أصبح يمتلك ثلاثة أرباع الشارع المؤدي إلى منزله.
وعام 1932، تمكن يوسف من إستعادة ثروته التي أنفقها على مسرح رمسيس كاملة، من خلال إنتاج الأفلام السينمائية، ونشرت صحيفة "الشرق" حينها خبر شراء يوسف وهبي 30 فداناً في طريق الهرم ليبني عليها قصراً.

تحقيق الحلم​​​​​​​

بدأت فترة جديدة في حياة يوسف بيك، وهي تحويل الأرض الى قصر أحلامه، وبدأ ببناء غرفتين على الطراز الحديث، ثم فكر في أن يصبح البيت على الطراز الإنجليزي القديم، وكان يتمنى أن يكون مريحاً وفيه مساحات واسعة.
وإضطر للتوقف فترة عن البناء حتى تمكن من جمع باقي الأموال، فكان يرغب بأن يكون التنفيذ كما تمنى، وخلال هذه الفترة أعد تصميم مبدئي للمنزل، كالقصور الإنجليزية الذي كان يشاهدها خلال سفره إلى الخارج.
كما وثق في كتابه "يوسف وهبي: سنوات المجد والدموع"، أنه قام ببيع الأسهم السندات، وإشترى بثمنها قطعة أرض في شارع الهرم قريبة من القصر بنى عليها استديو لتصوير الأفلام، وتمكن من تحقيق ثروة هائلة لم يتمكن أي فنان آخر تحقيقه في الثلاثينيات، حتى أصبح يمتلك ما يكفي لبناء القصر الذي يليق به وبمكانته الفنية، وأعد المال المطلوب ثم لجأ إلى كبار المهندسين في مصر في لك الوقت، ولكنهم اعترضوا على الرسم الذي يريد تنفيذه.
وعام 1945 تمكن من إقناعهم بما يريد وإستغرق تنفيذه 15 عاماً كاملاً، ولم يفرشه حتى عام 1960، نظرا للتكلفة الباهظة الذي دفعها في بنائه وعن القصر يقول وهبي: "كلفني بناء القصر الكثير من المال، وكان يبتلع معظم ما أربحه من المال عن الأفلام، ولكنني سعيد بتحقيق صورة البيت المريح الذي تمنيته"، ويضم القصر ثلاثة من الخدم، واثنين من السفرجية وجنايني، وكانت تتكلف إضاءة المنزل 40 جنيه شهرياً.

زيارته من قبل الملك فاروق

زار الملك فاروق قصر يوسف بك مرتين بشكل رسمي في أواخر الأربعينات وفوجئ بعدها بدعوة من الملك فاروق يخبره أنه مستعد لمنحه رتبة الباشاوية إذا تنازل عن القصر، إلا أن يوسف رفض.
ووصفت صديقة مقربة منه القصر في كتابها "السيرة الأخرى لأسطورة المسرح يوسف وهبي" وقالت: "سكن فاخر في أوج جماله، منزل أسطوري، وثرائه تاريخي، وكان من يدخل القصر ينسى الزحام والتلوث بالخارج وكأنه في زيارة إلى النعيم. كنت أزورهما لأنعم بالجمال في الذوق والحديث والتصرفات، كقصور الملوك. وكان القصر فوق أرض واسعة محاطة بالأشجار والبوابات الضخمة، حيث بنى يوسف وهبي أربع فيلات، إحداهما حديثة (مودرن) على الطراز الأمريكي المريح. والثانية أنيقة (روستيك) علي الطراز الفرنسي، كل ما بها أثري (أنتيك) وكانت تخص يوسف وهبي وحده بها لوحات مسرحياته وأركان تذكارية لفنه ثمينة كان يقضي بها سهراته وأمسياته الفنية الحافلة إبَّان شهرته، والثالثة كانت علي النظام الإنجليزي القديم، وهي تخص الأسرة وكل من زارهم، أما الرابعة الكبري فكانت لإقامة أصحاب المنزل مؤثثة في ذوق رفيع المستوي لا تقل عراقة عن قصور الملوك ترفًا. يمتد بين الفيلات الأربع حمام سباحة عريض في ظل الورود والأشجار".

​​​​​​​