"البيت بلا مونة لا قيمة له، ولكل موسم مونته الخاصة"، هذا القول هو قناعة ثابتة لدى سكان القرى اللبنانية.

كانت الحياة تنشط في القرى الجبلية النائية خلال فصل الصيف وبداية فصل الخريف، لتحضير المونة التي تعتبر من عادات وتقاليد أهل القرى الجبلية، لمواجهة عزلة الشتاء، من خلال تأمين حاجاتهم الغذائية. وكانت ربات البيوت يتنافسنَ على تصنيع ألذ وأشهى المأكولات، والمربيات التي يتم حفظها في منازلهنَ، من خلال وسائل بسيطة، عفوية وذكية.

تتألف المونة اللبنانية من الكشك والقاورما ومكدوس الباذنجان ودبس الرمان ورب البندورة وكرات اللبنة بالزيت والكشك المكعزل والمربيات والزعتر والزيتون وزيت الزيتون، والبرغل والعدس والحمص، والألبان والأجبان، والمخللات والفواكه المجففة، والجوز واللوز والتين، والأعشاب البرية من يانسون وزهورات.

تنافس القرى

تتنافس القرى اللبنانية في تصنيع المونة، فيتميز جنوب لبنان بالبرغل والفريك والزعتر البلدي، ويتميز البقاع بالكشك واللبنة المكعزلة. أما الشمال فهو معروف بالمربيات، في حين أن دبس العنب هو من إختصاص راشيا وحاصبيا. كانت النساء يجتمعنَ لسلق القمح وتحضير البرغل. وكان يتم رصّ الزيتون بواسطة مدقة خشبية، وتحضير رب البندورة في آنية نحاسية على نار الحطب. النملية هي الخزانة المخصصة لتوضيب المونة. وكانوا يحفظون زيت الزيتون والسمن البلدي في أوانٍ فخارية، يطلق عليها إسم "خوابي" للحماية من الرطوبة. وكانوا يستعينون بالملح الخشن والحر لحفظ الحبوب من الرطوبة. وكان يتم وضع رب البندورة تحت التراب، وتوضع فوقه الحجارة لحمايته من المطر.

الكشك

يصنّع الكشك من اللبن والبرغل واللبنة، حيث يضاف اللبن إلى البرغل مع التحريك الدائم حتى يجف، ثم تضاف اللبنة إلى المزيج، ويعجن جيداً، نضعه بعدها في الشمس، ويفرك باليد حتى يجف. الكشك طعام شتوي يطبخ مع القاورما، ويمكن تحضيره على شكل فطائر، ويعتبر من أصناف المونة الرئيسية، ويتطلب تحضيره الجهد والوقت.

المكدوس

المكدوس هو نوع من المخللات الشهيرة في المونة اللبنانية. يسلق الباذنجان، وتوضع داخله حشوة من الجوز والثوم والفلفل الأحمر والملح، ويتم غمر المكدوس بزيت الزيتون، ويحفظ في مرطبان زجاجي.

القاورما

القاورما تقضي بطهي الدهن واللحم ووضعهما في مرطبان زجاجي حتى يبردا، وتستخدم القاورما في وصفات مختلفة من وصفات الطعام.

الزعتر

الزعتر نبات عشبي بري، ينمو في الجبال وبين التجمعات الصخرية، وهو يقطف ويطحن، ويتم تناوله مع السماق والسمسم والزيت، ويستعمل في تحضير المناقيش، ويمكن حفظه أخضر في مرطبان زجاجي، مع إضافة الزيت إليه.

مربّى التين

مربى التين من أهم أنواع المربيات في المونة اللبنانية، ويمكن أن يكون التين أخضر أو يابساً حسب الذوق، ويمكن أن يضاف إليه الجوز. وهناك أيضاً ما يسمّى بـ"مربى التين المعقود"، حيث توضع حبوب التين بكاملها من دون تقطيع في المرطبان.

الزيتون

يجري تحضيره بوسائل متنوعة، منها الزيتون المرصوص والمملّح. وبعد رصّ الزيتون، يغمّس في الماء، ويضاف إليه الملح الخشن، ويوضع في أوعية زجاجية.

البرغل

يعد البرغل من أركان المونة الرئيسية. فبعد تنقية القمح من الزؤان والحصى، تأتي مرحلة السلق في آنية كبيرة تسمى "الحلّة"، وبعدها يتم نقله الى سطوح المنازل للتشميس. بعدها تتم عملية الجرش، حيث يفرز إلى نوعين ناعم وخشن. ومن حبوب القمح الخضراء، بعد أن تشوى على النار وتفرك باليدين لخلع قشرها، ومن ثم تجفيفها، يتم صنع الفريك البلدي.

المونة هدية قيمة

يختار اللبنانيون المسافرون إلى الخارج والسياح عدة أنواع من المونة اللبنانية لتقديمها كهدايا للأصدقاء ولأفراد العائلة، منها التين المجفف والمشمش والخوخ والزبيب والمكسرات، بالإضافة إلى المربيات والكشك والمكدوس، فالمونة اللبنانية مطلوبة ومرغوبة في بلاد الإغتراب.