رغم أنه فنان وفي رصيده العديد من الأغنيات، وتخصص في السينما والتلفزيون في الجامعة اللبنانية، إلا أنه لم ينسَ يوماً أن يمجّد الرب بصوته، فمنذ مناولته الأولى، وهو يرنم بإستمرار، فالإيمان يشكل جزءاً كبيراً من حياته، ويوم الأحد بالنسبة له، هو يوم مقدس، إذ يشارك في خدمة القداس، لأنه يحب أن يشكر الله على كل نعمه التي أنعم بها عليه.
إنه الفنان منير خليفة، الذي أحيا رسيتال "من أعلى الصليب" في كنيسة مار يوحنا المعمدان المارونية في وادي شحرور، وذلك لمناسبة الجمعة العظيمة وعيد القيامة، بحضور راهبات العائلة المقدسة في عبرين، ومجموعة كبيرة من أبناء الرعية والمؤمنين، ورافق منير عزفاً على الأورغ الموزع الموسيقي ريمي مراد.



قدمت الرسيتال رئيسة تحرير موقع "الفن" هلا المر، التي قالت :"نحن هنا في بيت الكرم، في بيت الكاهن طوني كرم، ولأن المؤمنين يحبونه كثيراً، عرفنا أنه زرع محبة فحصد محبة، ونحن نشكره على إستقباله لنا في رعيته".
وعن الفنان منير خليفة وعائلته، قالت المر :"ثمرة حب عبدو خليفة وجيزال هي سيلفي ومنير، منير المطرب بكل ما للكلمة من معنى، وهو عمل على الوزنات التي منحه إياها الله، فمنير لم يقدم صوته للغناء فقط، بل قدمه أيضاً ليمجّد يسوع، يسوع المنتصر والقائم من بين الأموات. منير لم يبخل يوماً في الترنيم، فرنّم في عيد الميلاد، وفي عيد الفصح وعيد السيدة، ومع صوت منير، نشعر بأن للعيد رهجة، لأنه حين يرنم يصلي. كما نحيي ريمي مراد، العازف المبدع، الذي يرافق منير عزفاً على الأورغ".
وتابعت المر :"القديس يوحنا الذهبي الفم يقول إن هذا الأسبوع عظيماً ليس لأن أيامه أطول من سائر الأيام، بل هو عظيم لأن الله صنع فيه العظمة".
وقالت المر :"كم تعذب يسوع، وكم جلدة قد جُلد؟ بظهوره للقديسة بريجيت قال لها إنه جُلد 5500 جلدة، وكان الجلد بالمسامير، وكم أُهين وأُذلّ، وضعوا له الشوك على رأسه، صلبوه، ومات".
وأضافت :"صحيح أن الله خلقنا على صورته ومثاله، ولكن لكي نتماثل بيسوع، طبعاً لا يمكننا تحمل الوجع الذي تحمله في صلبه، إلا أنه في هذه السنوات الثلاث الأخيرة، صليبنا ثقيل جداً، وتم جلدنا، إن كان بفيروس كورونا، أو بالفساد والسرقات، وتم إذلالنا".
وتابعت المر :"صحيح أن يسوع تأنسن، وشعر بما نشعر، وحين خاف وإرتعب قال لله :"أبعد عني هذه الكأس"، وربما كلنا نقول لله :"أبعد عنا هذه الكأس"، ولكن عاد يسوع وقال لله :"لتكن مشيئتك"، وقليلون منا يقولون لله :"لتكن مشيئتك".

وقالت المر :"منذ أن ولد يسوع، كان يأتي العذراء مريم إلهام تدرك من خلاله ما سيحصل ليسوع، فهي شاهدت إبنها يتعذب ويُجلد، ولم يكن شيء يجعلها تصبر سوى محبة الله، ونحن، رغم كل الصعوبات التي نعاني منها، علينا أن نبقى واثقين من أن الله هو الثبات الوحيد، لنستطيع أن نستمر في هذه الحياة".
وأضافت :"ربما أن كل تلاميذ يسوع تركوه وهو على طريق الجلجلة، إلا يوحنا الحبيب، لكن كان هناك سمعان القراوني الذي حمل معه الصليب، بمعنى أنه حتى يسوع، كان هناك من ساعده، ونحن، في ظل كل الظروف السيئة التي نمر بها، يجب أن نفكر في أن نساعد بعضنا بعضاً، هكذا نستطيع أن نفكر بالرجاء الحقيقي".
وقالت المر :"القديس يوحنا المعمدان قال الحقيقة وبكل صراحة، ظل ينشر كلمة الله ويبشر بيسوع حتى قطع رأسه، وعلينا أن نتماثل بيسوع وبيوحنا المعمدان لنجتاز كل الأمور السيئة. ربما تقولون لي إنه في أيام يسوع على الأرض لم تكن هناك أمور سياسية، ولكني أقول لكم العكس، فيسوع قد تمت محاكمته مرتين، محاكمة لدى اليهود الذين إتهموه زوراً بأنه يجدّف، وأرسلوه إلى بيلاطس البنطي الذي لم يجد شيئاً على يسوع يستطيع من خلاله أن يحكم عليه، وغسل بيلاطس يديه، ولكن جاءه أمر من السلطات السياسية العليا أنهم لا يريدون أن يختلفوا مع اليهود، فطالبوا بإعدامه، ومنذ ذلك الوقت والسياسة تحكم، ولكن مع صلب يسوع، فُتحت أبواب الفردوس، حين قال يسوع للص المصلوب الذي تاب، إنه سيكون معه في ذلك اليوم في الفردوس، لذلك علينا أن نعمل خلال السنوات التي نعيشها على الأرض، لنربح الحياة التي سنعيشها فيما بعد مع يسوع".

وأبدع الفنان منير خليفة بترنيم مجموعة من الترانيم المعروفة، بصوته الرائع وبإحساس عالٍ، نذكر منها "أمامك أيها المصلوب"، "كامل الأجيال"، "إرحمني يا الله"، "قامت مريم"، "وا حبيبي"، "أنا الأم الحزينة"، "اليوم علق على خشبة"، "يا مريم البكر فقتِ"، "أومن"، "أعطنا ربي"، بالإضافة إلى ترنيمته الخاصة "ربي إنتصر"، وكان التفاعل كبيراً جداً من الحضور الذين رنموا مع منير كل الترانيم، بأداء جميل جداً.
وشكر الفنان منير خليفة والأب طوني كرم والكنيسة والموزع الموسيقي ريمي مراد ورئيسة التحرير هلا المر التي قال عنها إنه الصديقة الداعمة له والسند بكل خطواته الفنية، كما شكر منير المنتج والمصور مروان سمعان وموقع "الفن"، وأهله وعائلته والحضور، وكل الداعمين له.

كاهن رعية مار يوحنا المعمدان المارونية في وادي شحرور الأب طوني كرم، قال في ختام الرسيتال :"نحن شعب الله المختار، نصرخ من على الصليب "المسيح قام"، وأمام الترانيم التي قدمها منير، وأمام كل المشاعر التي تحركت فينا، ليس لدي كلام أضيفه. الإعلامية الكبيرة هلا المر حين رحبت بي، وإستناداً إلى إسم عائلتي قالت "بيت الكرم"، وأنا أقول لها إنه حين أتيت إلى رعية مار يوحنا في وادي شحرور، أصبحت إسماً على مسمّى، لأن هذه الضيعة هي بأهلها ومنازلها ورعيتها عنوان للكرم، وأنتم صرتم من أهل وادي شحرور".

وقدم الأب كرم أيقونة قديمة لمار يوحنا المعمدان وادي شحرور للفنان منير خليفة، وقال له :"شكراً على الصوت الذي هو نعمة من الله، ولأنك لم تبخل في أن تشارك هذه النعمة مع الناس".
وقدم الأب كرم أيضاً أيقونة لرئيسة التحرير هلا المر، وقال عنها :"إعلامية كبيرة بحجم هذا البلد، وصامدة مثل صمود هذا البلد، ومصلية صلاة هذا البلد".
كما شكر الأب كرم الموزع الموسيقي ريمي مراد على مرافقته الفنان منير خليفة عزفاً، وقدم له أيقونة مار يوحنا المعمدان وادي شحرور، وقال له :"شكراً ريمي لأنك رافقتنا بعزفك الجميل".

وعاد موقع "الفن" بهذه الكلمات الخاصة.

كاهن رعية مار يوحنا المعمدان المارونية في وادي شحرور الأب طوني كرم قال :"بهدف دائم وهو أن نُبقي هذا العيد حاضراً داخل المنازل والرعية، يكون الرسيتال ساعة صلاة نعيش خلالها الآلام والقيامة، بترانيم وصلوات نقدمها على نية أبناء الرعية".
وعن الفنان منير خليفة، قال الأب كرم :"المشوار مع منير بدأ من رعايا الحدت، فقد حضرناه في أكثر من رسيتال في المنطقة، ونستطيع أن نصلي من خلال صوت منير في الرسيتال، وهو يحيي رسيتالات في عيد الميلاد، وفي أسبوع الآلام وعيد القيامة، لذلك أحببنا أن نحيي معه هذا الرسيتال".
وأضاف :"الحمد لله أن الكنائس إمتلأت بالمؤمنين في عيد الشعانين، ولكن كان هناك الكثير من الوجوه الحزينة، لذلك نقدم هذا الرسيتال على نية أن يزول هذا الحزن مع قيامة المسيح من الموت، ونقدم كل هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها إلى الرب، ليحملها عنا على الصليب، وتكون لنا القيامة، ونُعيّد بوجوه فرحة".

الفنان منير خليفة قال :"منذ فترة بعيدة وأنا أرغب بأن أحيي رسيتال في هذه الكنيسة، والأب طوني كرم، كاهن رعية مار يوحنا المعمدان المارونية في وادي شحرور، دعاني أكثر من مرة، وكنا سنحيي رسيتال في فترة عيد الميلاد، لكن حينها كانت الكنيسة ممتلئة بالمواعيد، فعدنا وقررنا أن نحيي رسيتال الآلام".
وعن إختياره إسم "من أعلى الصليب" لهذا الرسيتال، قال :"الصليب هو رمز ديننا، ولولا هذا الصليب لكنا أصبحنا في قعر الأرض، والصليب يرفعنا معه إلى السماء. أقدم هذا الرسيتال على نية لبنان، والناس، خصوصاً أبناء جيلي، ولنعيش بسلام".
وعن تعامله مع الموزع الموسيقي ريمي مراد، قال منير :"ريمي يعزف بشكل رائع على البيانو، وهو قصة كبيرة".
وعن الترانيم الخاصة به، قال منير :"لدي ترنيمة "ربي إنتصر" كلمات لينا هاشم عرب وألحان وتوزيع موسيقي وتسجيل ستوديو بيار غانم، كما أطلقت في عيد السيدة الماضي، ترنيمة "أمي" وهي مخصصة للعذراء مريم، من كلمات رولا خليفة فغالي، ألحان وتوزيع موسيقي وتسجيل ستوديو بيار غانم، وقبلها كنت أطلقت ترنيمتي الخاصة الأولى "شكراً يسوع".
وعما إذا كان يحضر لإطلاق أغنية جديدة، قال منير :"نعم، سأطلق قريباً أغنية جديدة بعنوان "خيالات"، من كلمات لينا هاشم عرب، ألحان أنطوني حصني، توزيع موسيقي أنطوني حصني وهاروت، وصورت الأغنية كليب في معمل الحرير في كفرمتى، والأغنية جميلة جداً، وفيها رسالة رائعة، وهي تحكي تجربة ممكن أن يعيشها كل إنسان".

الموزع الموسيقي والعازف ريمي مراد قال :"تعرفت على منير في عام 2020، حين كنا نعمل معاً حينها على أغنية، ولكن هذه الأغنية أجلنا إطلاقها، لنرى الأوضاع في البلد، لأن هذا العمل يجب أن يأخذ حقه جيداً، ومنذ فترة قصيرة حضرنا معاً لحفلات مقبلة، فأنا سأكون المسؤول عن فرقة منير الموسيقية".
وأضاف :"لناحية الرسيتالات، هذا الرسيتال هو الثاني لي مع منير، بعد أن إجتمعنا العام الماضي في رسيتال عيد الميلاد، وأنا سعيد بالعمل معه. ولا مرة أفكر في الرسيتال من ناحية المادة، ويهمني أن أحضر إلى أجواء أكون فيها سعيداً، وليس بمعنى أن أحضر بداعي العمل، وبالنهاية الرسيتال هو صلاة، فمثلما يرسل لنا الله حفلات وعملاً، علينا في المقابل أن نصلي ونقدم موهبتنا لله".
وتابع ريمي :"أصلي من خلال الرسيتال على نية كل المرضى الذين لا يستطيعون تسديد تكاليف إستشفائهم وأجرة الأطباء، فنحن نعيش حالياً في وضع إسمه "جلجلة"، فمثلما يسوع سار على درب الجلجلة، لبنان يسير على هذه الدرب، ويجب أن نصلي من أعماق قلوبنا، لنصعد من الحفرة التي نحن فيها، وأتمنى أن تكون قيامة لبنان قريبة".