ورث الصوت الجميل عن والده الممثل القدير عبد المجيد مجذوب، فعمل على نفسه حتى بات محترفاً وبارعاً في عالم الإعلام من جميع جوانبه، في الإذاعة والتلفزيون والبودكاست والصحافة المكتوبة والأداء الدعائي، وقدم العديد من حفلات توزيع الجوائز بينها حفل توزيع جوائز المُهر في مهرجان دبي السينمائي.
إنه الإعلامي خالد مجذوب الذي أجرى لقاءات مع أسماء عظيمة منها أديب نوبل نجيب محفوظ، الدكتورة الراحلة نوال السعداوي، الدكتورة جيهان السادات، الممثل الراحل أحمد زكي، المخرج الراحل يوسف شاهين، النجم العالمي أورلاندو بلوم، النجمة العالمية هيلاري سوانك وغيرهم.
درس علم النفس، الصحافة والإعلام، وتاريخ السينما والمسرح وفن التمثيل في الكلية الملكية للفنون الدرامية في لندن.
يعمل مجذوب حالياً كمقدم برامج ومنتج أول في القطاع الرقمي لقناة الجزيرة في قطر، ويقدم بودكاست "أثر الفراشة".
موقعنا كان له لقاء مع الإعلامي خالد مجذوب فقد تحدث عن برنامجه "أثر الفراشة"، ومسيرته المهنية، وعن والده الممثل القدير عبد المجيد مجذوب.

تقدم حالياً بودكاست بعنوان "أثر الفراشة" على الجزيرة بودكاست، أخبرنا عن تجربتك في هذا البرنامج، وعلى أي أساس يتم اختيار الضيوف؟

نعم. الحقيقة إنها تجربة إيجابية ومفيدة جداً لي على المستوى الشخصي. فالحوار مع الآخرين، إذا كان حواراً عميقاً وبناءً، دائماً ما يأتي بفائدة على الجميع، المُحاور والمُستمع على حد سواء. وأنا شعرت بأنني أتلقى دروساً قيّمة في شتّى المواضيع والمجالات، إن من خلال البحث والتحضير للحلقات، أو من خلال حواري مع بعض الضيوف الذين شرّفوني بحضورهم معي في البرنامج. ونحن كفريق عمل، حاولنا أن نأتي بضيوف يشكّلون قيمة مُضافة لكل من يسمعهم، لأن تجارب بعض الناس وخبراتهم الحياتية قد تكون مصدر إلهام للكثيرين. وانطلاقاً من هذا المبدأ، أحببنا أن نستضيف شخصيات مؤثرة ومُلهمة حققت نجاحات وإنجازات مُلفتة، وهي قادرة بطبيعة الحال أن تُثير اهتمام المُتابعين وتشجعهم على الاستماع.

لماذا تم اختيار هذا العنوان للبرنامج؟ وما الرابط بينه وبين فكرة العمل باستقبال ضيوف من عدة مجالات يروون تجاربهم في الحياة؟

اختيار الاسم له علاقة مباشرة مع فكرة البرنامج. فأثر الفراشة هو مُصطلح مجازي يُستخدم في النظريات الفيزيائية والفلسفية للتعبير عن الفروق الصغيرة التي قد ينتج عنها في المدى البعيد فروقات كبيرة تُغير مسار وحياة الناس إلى الأبد. بمعنى آخر، هو حدث صغير يمكن أن تنتج عنه أحداث كبيرة وغير متوقعة. ويتم استخدام مَثَل للتعبير عن هذه النظرية بشكل تمثيلي يقول بما معناه: إن رفرفة جناح فراشة في الصين قد يتسبب عنه فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أبعد الأماكن. وهكذا.. وبما أن البرنامج يقوم على استضافة ومحاورة المؤثرين من نجوم ومشاهير، فالفكرة هي في الإضاءة على المواقف والتجارب التي غيرت حياتهم وخياراتهم ودفعتهم نحو مسارات جديدة ومختلفة على الصعيدين الشخصي والمهني. كما أن الهدف من البرنامج هو إبراز مفهوم التغيير كسمة أساسية وضرورية في الحياة.. فنحاول أن نستكشف ليس فقط التغيير الذي طرأ على حياة هؤلاء الضيوف، ولكن كيف يساهمون هم في تغيير حياة الملايين من (الفولوورز)، المتابعين لهم على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. أي نوع من التأثير يمارسون؟ هل يلهمون الناس على تغيير أنفسهم وتطوير حياتهم للأفضل؟ السؤال المحوري الذي نسأله لكل الضيوف في مختلف الحلقات هو: إذا كان باستطاعتكم أن تغيروا شيئاً واحداً في العالم، ماذا تغيرون؟ فالفكرة هي أن الكل يريد أن يغير العالم من حوله، لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه. وعلينا نحن أن نكون التغيير الذي نريد أن نراه في العالم.

برأيك هل تقديم بودكاست يحصل على نسبة استماع كبيرة؟ وهل يمكننا أن نقول إن البودكاست بات بديلاً ناجحاً عن الإذاعة التقليدية في ظل سيطرة وسائل التواصل الإجتماعي على حياتنا؟

بحسب الإحصائيات، تم إطلاق ما يزيد عن 1609 بودكاست عربي حتى الآن، بعدد حلقات يزيد عن 43,981. إذا افترضنا أن معدل الاستماعات لكل حلقة هو 5 آلاف استماع، فسنجد أن عدد الاستماعات الكلي في العالم العربي يقترب من 220 مليون استماع. كما أنه متوقع أن يزداد عدد الاستماعات للبودكاست خلال الستة أعوام القادمة بما يزيد عن 300%.
وبما أن اهتمام الأفراد بوسائل الإعلام يتغير من عصر لآخر، يعتبر الكثيرون أننا بدأنا التحول من العصر المرئي للعصر المسموع. صحيح أنه ما زال أمام البودكاست وقت ليصبح وسيلة الإعلام الأولى، لكن في هذه الأثناء يمكن القول إنه تغلب على الوسائل الصوتية الأخرى. ويعزو السبب لتفوق البودكاست على الوسائل الصوتية الأخرى لعدم اقترانه ببقعة جغرافية محددة أو نشاط، أو زمن، أو جهاز إلكتروني محدد، لذلك فهو يضمن للمُستمعين حريتهم الكاملة باختيار المحتوى الذي يناسبهم، في أي وقت وأينما كانوا في العالم.

ماذا ورثت عن والدك الممثل القدير عبد المجيد المجذوب أطال الله بعمره؟

أكيد ورثت عنه الصوت الجميل بالجينات.. ومنذ كنت طفلاً، كان وما زال حتى اليوم يذكرني بهذه المقولة: "إن اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ." لذلك أنا أحب الاهتمام بأدق تفاصيل عملي وأبذل جهداً مُضاعفاً باستمرار لتطوير أدواتي وإتقان مخارج الحروف وتحسين الأداء الصوتي.

إلى أي مدى تساعدك دراستك لعلم النفس في محاورة الضيوف؟

دراستي لعلم النفس ساعدتني في كل جوانب حياتي الشخصية والمهنية. فعلم النفس هو دراسة سلوك الإنسان والطبيعة البشرية. وهذا العلم من شأنه أن يساعد الفرد في فهم ذاته وشخصيته وسلوكياته وطريقة تفكيره ودوافعه، مما يجعله أكثر وعيًا بمكانه في المجتمع وفي العالم ككل. ولكنه أيضاً يساعدنا في فهم الطريقة التي يفكر بها الأشخاص الآخرون والسلوكيات التي تصدر عنهم. من هذا المُنطلق، أجد أن لدي وعياً أكبر في فهم شخصية ضيوفي ومحاورتهم بشكل أعمق. فمثلاً مع أحد الضيوف (دون ذكر أسماء)، شعرت بأنه متوتر جدا وقلق من الخوض في بعض المسائل الشائكة المتعلقة بحياته ومواقفه من نظام معيّن.. فقمت على الفور بتهدئته وأكدت له أننا لا نستضيفه لمُحاكمته أو إظهاره بشكل سلبي، وأنني حتى لو اختلف معه، فمن واجبي أن أكون موضوعياً وأن أعطيه فرصة للتعبير عن وجهة نظره انطلاقاً من تجربته الشخصية. هذا الأمر أشعره بالارتياح فوراً، وفعلاً سجلنا حلقة حققت تفاعلاً ونجاحاً فاق كل الحلقات الأخرى في الموسم الأول. إذاً الفكرة هي في استيعاب شخصية ضيفي وجعله مرتاحاً معي ومنفتحاً على الحديث حول شتى المواضيع من دون أن يشعر بالتهديد أو الانزعاج. من وجهة نظري، الحوار إن لم يصاحبه نضج وسِعة صَدر وآفاق مفتوحة واستعداد لفهم الآخر وتقبّل آرائه من دون أحكام مُسبقة، فلن يكون مُثمراً بل سيتحول لجدل عقيم لا فائدة منه لا للمتحدث ولا للمُستمع.

درست تاريخ السينما والمسرح وفن التمثيل في الكلية الملكية للفنون الدرامية في لندن، هل يخدمك الأمر في مجالاتك الإعلامية وهل من الممكن أن تخوض مجال التمثيل؟

التمثيل يبقى شغفي الأول والأخير، وأنا اعتبره من الفنون العظيمة التي تتطلب، إلى جانب الموهبة طبعاً، الكثير من الجهد والتحضير والبحث لدراسة أدق تفاصيل الشخصية التي يجب أن يؤديها الممثل. وأنا لدي خبرة لا بأس بها في التمثيل، إذ اشتركت في أكثر من خمسين مسرحية خلال أعوام دراستي الجامعية ومثلت في عدد من الأفلام القصيرة أيضاً. والتمثيل ساعدني جداً في الأداء الصوتي والجسماني في عملي الإعلامي من دون شك. أما مسألة خوضي لمجال التمثيل، فهي تتعلق بالظروف أولاً وأخيراً. طموحي هو التمثيل في أفلام عالمية وباللغة الانجليزية لأن تجاربي وخبرتي التي اكتسبتها كانت بمعظمها في أعمال عالمية وأجنبية.

كانت لك تجربة التقديم التلفزيوني من خلال برنامج "صباح العربية" ضمن فقرة فنية، هل تحنُّ إلى التلفزيون؟

ليس بالمعنى التقليدي. أنا لا أحنُّ إلى التلفزيون، لكنني أحنُّ إلى الكاميرا. ولكن في عملي في القطاع الرقمي بقناة الجزيرة، ترافقني الكاميرا دوماً.. فقبل أن أخوض مجال البودكاست، قدمت برنامجاً رائعاً عن السينما على انستغرام الجزيرة، وصورت برنامجاً خاصاً بجوائز الأوسكار كذلك. وأيضاً في عملي في البودكاست، أنا أقوم بتصوير الشريط الدعائي لكل حلقة وأتحدث أمام الكاميرا عن الشخصية التي سأستضيفها. لكن من دون شك، اكتسبت خبرة كبيرة خلال سنوات عملي مع برنامج صباح العربية لأنني كنت أظهر في فقرة سينما مباشرة على الهواء. وهذا الأمر ساعدني جداً في التركيز والتحكم بأفكاري وترتيبها والانتباه إلى أدائي أمام الكاميرا.

بين الإذاعة والتلفزيون والبودكاست والصحافة المكتوبة والأداء الدعائي أين وجدت نفسك أكثر؟

بصراحة، أجد جزءاً من نفسي في كل من هذه المجالات. فأنا أعشق الكتابة وأواظب عليها بشكل يومي لأن عملي يتطلب مني الكثير من البحث والكتابة. وأيضا أحب الكاميرا والميكروفون بشكل كبير، وأحاول دائماً أن أطور من أدائي وأسلوبي في عملي بهما. أما بالنسبة للأداء الدعائي وخصوصاً للأفلام، فالحمدلله أنني استطعت أن أضع بصمتي الخاصة على هذا المجال من خلال عملي في قناة mbc2.

أجريت مقابلات مع مشاهير كبار، منهم المخرج الراحل يوسف شاهين والممثل الراحل أحمد زكي والنجمة العالمية هيلاري سوانك، هل اللقاء بهذه الأسماء يحتّم عليك أن تستضيف دائماً أسماء بمستوى معيّن؟

في الحقيقة إن أهم من كان لي شرف مقابلتهم وإجراء حوار صحفي معهم كان أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ. كما قابلت الكاتبة الكبيرة الراحلة الدكتورة نوال السعداوي والكاتب العالمي باولو كويلو. وهناك أسماء كبيرة لمُمثلين ومُخرجين وفنانين ورسامين وكُتّاب تشرفت بمُحاورتهم والكتابة عنهم. أما عالمياً، فإلى جانب هيلاري سوانك، حاورت ديمي مور ونعومي واتس وأورلاندو بلوم وإيفا مينديز على هامش عملي مع مهرجان أبو ظبي السينمائي. لكن صراحة، أنا لي وجهة نظر في هذا الموضوع لأنني أرى أن الأمر نسبة وتناسب. فمُحاورة كبار النجوم والمشاهير لا يعني أن الحديث مع فنان مُبتدئ أو كاتب ناشئ قد يكون أقل أهمية أو اهتماماً. أن تكوني مشهورة في زمننا لا يعني بالضرورة أنك مثقفة أو مهمة حتى على المستوى الفكري والإنساني، فالأمر يعود في النهاية إلى ثراء الشخصية التي أحاورها وسعة ثقافتها واطلاعها. هناك مشاهير قد لا يشكل الحديث معهم أية إضافة.. وبالمقابل، هناك أشخاص لم يشتهروا أو ينتشروا كفاية، لكن الحديث معهم في غاية المتعة والإفادة.